◄أصدقاء الطريق، ماذا أعلّمكم وأتعلّم منكم؟... إنّه سرّ صغير: أن تصبح مَلكاً في هذا العالم...
ماذا هناك سرّ أكبر من هذا السرّ الصغير؟
لكنّك قد تسأل: كيف يقدر كلّ شخص في العالم أن يصبح مَلكاً، وهل يقدر الجميع أن يكونوا ملوكاً في آنٍ واحد؟!
أقول لك: نعم هذا ممكن... هناك مملكة كبيرة جدّاً يقدر فيها كلّ شخص أن يصبح رئيساً ومَلكاً!
لكن كلّ شخص نعرفه في العالم ليس أكثر من عبد مسكين... في هذا العالم، حتى أُولئك المخدوعون بالوهم ويعتقدون أنّهم ملوك ورؤساء هم مجرد عبيد.
هناك عالمٌ خارج الإنسان، وهناك عالم داخل الإنسان أيضاً...
في العالم الخارجي، لم ولن يكن ويكون هناك أي مَلك على الإطلاق، رغم أنّ معظم الناس تتقاتل وتتنافس للوصول إلى ذلك الوهم.
ربّما أنت أيضاً تخوض نفس الصراع ونفس المنافسة.. لكنّ ذاك الذي يريد أن يصبح مَلكاً، ليس عليه أن يحتل ويهزم العالم، بل أن يهزم النفس.. جهاد النفس أكبر الجهاد.
مَن عرف نفسه عرف ربّه... الجنّة وملكوت الله موجودة هنا داخل النفس...
هل تعرف أنّ أُولئك الذين قهروا الممالك واحتلوا الدول وجلسوا على الكراسي الخارجية قد فقدوا النفس؟
وكيف يمكن للشخص الذي فَقدَ نفسه أن يصبح مَلكاً؟ الشرط الأساسي لتكون مَلكاً هو أن تكون نفسك... نفسي، ثمّ نفسي، ثمّ نفسي.
لا يا أخي... لا... العالم الخارجي يأخذك بعيداً وعميقاً إلى الفقر... في ذلك العالم، الذين يظهرون كزعماء وملوك وقادة ليسوا إلّا عبيداً منقادين وراء عبيدهم!
من ناحية أولى، الرغبات والأهواء والأطماع لا تسمح أبداً للحرّية في الحياة... ومن ناحية ثانية، يقيِّدون أنفُسهم بأرقّ القيود؛ لكنّها أقوى القيود....
لا توجد سلاسل حديدية أقوى من سلاسل الرغبات... لم يقدر الإنسان على صنع أقوى منها حتى باستخدام أقوى أنواع الفولاذ المتين.... وكيف يمكن لشخص مربوط بهذه السلاسل الخفية أن يصبح مَلكاً على الإطلاق؟
كان هناك إمبراطور كبير في (بروسيا) اسمه (فريدريك)... في إحدى الأُمسيات خارج العاصمة، كان يمشي وحيداً في الطريق، وإذ برجل كبير يدفعه بقوّة... كان الطريق ضيِّقاً وظلام الليل يحيط به من كلّ الجهات.... صرخ فريدريك على الرجل وقال غاضباً: «مَن أنت؟!!»
قال الرجل الكبير: «أنا مَلك إمبراطور»
سأله فريدريك باستغراب: «مَلك؟؟».. وقال بسخرية: «وأي بلد تحكم حضرة سيادتك؟»
أجاب الكبير: «بلد النفس»
بالتأكيد، مَن يحكم نفسه هو المَلك الذي يحكم العالم... ومَن يخسر نفسه يخسر كلّ شيء.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق