• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف نربي طفلاً سعيداً؟

كيف نربي طفلاً سعيداً؟

الأطفال سعداء بطبيعة الحال... ولكن ماذا يمكن للآباء والأُمّهات أن يقدّموه ليضمنوا بقاء أبنائهم على هذه الحال، في المستقبل؟ سؤال طُرح إلى الاختصاصية في علم النفس والتوجيه التربوي شيماء محمّد محمود.

تُحدّد تربية الأولاد في صغرهم مدى شعورهم بالسعادة في المستقبل، فهذه الأخيرة إذا زرعت منذ نعومة أظفارهم ستلازمهم لبقيّة حياتهم. وتنعكس نظرة الآباء والأُمّهات لهذا المفهوم في طريقة تعاملهم وصغارهم، فبعضهم يراها من خلال المال الذي يؤمّن عبره احتياجاته ومتطلّباته. وفي غالبيّة الأوقات، ينشغل هؤلاء بجمع الأموال على حساب تواجدهم الفعلي في حياة أبنائهم، وقد يحرمونهم من صور السعادة الأخرى، كالاهتمام والحنان.

وتعرّف الاختصاصية السعادة الحقيقية التي يجب أن يحرص الأهل عليها، في تعزيز حسّ المسؤولية والثقة في أنفس صغارهم وقدرتهم على المشاركة في الحياة بشكل فعّال، ما يجعل منهم سعيدين ونافعين لمجتمعهم.

ومن المعلوم أنّ الطفولة هي فترة تجريب، يكتشفون فيها الكون من حولهم، فلا بأس من وقوعهم في الأخطاء إذا كانوا سوف يتعلّمون منها ولا يكرّروها في المستقبل، وإذا وبُخوا على أي تصرّف يبدر منهم سوف يكرهون هذا الكون الذي يجعلهم يشعرون بأنّهم مطاردون.

ولذا، عندما يخطئون، يجدر بالأُمّهات التحدّث معهم بهدوء وتعريفهم بأخطائهم، بدون إيذاء مشاعرهم أو أجسادهم، ومن الممكن أن يكون هذا العقاب بسيطاً ومعنوياً.

 

سعادة الرضيع:

ولسعادة الرضيع جانبان: يتمثّل الأوّل في تلبية احتياجاته الأساسية والحفاظ على راحته (نظافة الحفاض وإطعامه بصورة منتظمة بلا تجويع أو إفراط والتأكّد من تناسب ملابسه مع الأجواء المحيطة سواء كانت باردة أو حارّة...). أمّا الجانب الثاني فيشمل التواصل الجسدي، ومعلوم أن ملامسة أنف الأُم بأنف رضيعها بلطف كفيلة بجعله سعيداً، وتعزّز الارتباط العاطفي بينه وبينها، وكذلك يفعل التربيت والتقليل والتدليك والمعانقة. كما تبعث النغمة المبهجة واللمسة المريحة اطمئنانه. وقبل فترة طويلة من قدرته على التحدّث بشكل واضح، يستوعب المعنى العام لما نقوله، كما أنّه يلتقط نغمة الصوت العاطفيّة. ولذا، لا يهمّ في تلك المرحلة ما تقوله الأُم، بل كيفيّة نطقها الكلمات.

ويمتاز الرضيع بحساسيته العالية تجاه مزاج من يقدّم له الرعاية، فإذا كان الأب والأُم سعيدين وهادئين بشكل عام، فسيتعلّم محاكاة تلك المواقف، وتنتقل إليه السعادة بشكل تلقائي. أمّا إذا كانا يعانيان من الإحباط والضغط ويتحوّلان للمزاج السيِّئ بسهولة، فمن المرجّح أن يبدي ردود فعل مبالغاً فيها، مثل: شعوره بالضيق، وقد تنتابه نوبات من البكاء غير المبرّر.

ويستطيع التجاوب والابتسامات والضحك بعمر الأشهر الثلاثة، وسيتقن عند الأشهر الستة التعبير عن مشاعره عندما يكون هناك ما يفرحه أو يزعجه، ومع نهاية سنته الأولى سيعبّر عن نفسه ببعض الكلمات، إن وجد تشجيعاً من الأهل في أثناء محاولته التواصل وإيّاهم، إذ يلعب الأب والأُم دوراً رئيساً في تطوير هذا التواصل، وإلا سيكون البكاء هو الطريقة الوحيدة التي يعرفها الصغير للتعبير عن مشاعره ولجعل السعادة سمة من سمات طفولته، يتوجّب عليهما الابتسام بوجهه في غالبيّة الأوقات، كما الاهتمام بالألعاب المناسبة لعمره، ليطوّر معها قدراته ومهاراته، حتى لا يتسلّل إليه الشعور بالملل.

 

اصنعي سعادة طفلك...

1-    امنحيه الحب:

الحب الذي يمنحه الوالدان هو سرّ سعادة الطفل حقاً، فلا تتخيّلي مدى حبوره، عندما تقومين باحتضانه أو تقبيله، ولذا عليك دائماً أن تخبريه بأنك تحبّينه وأن تصاحبي كلماتك الحانية بعناق، ما يشعره بالأمان. واعلمي أن أحداً لا يستطيع أن يكون سعيداً في هذه الحياة إلا إذا شعر بالحب والأمان، فما بالك بالطفل؟!

2-    نمِّي مهاراته:

أسعد الناس هم أولئك الذين يتقنون مهارة ما، وممّا لا شكّ فيه أنّ الأمر سيستغرق وقتاً وجهداً حتى يصبح الطفل جيداً في القيام بشيء ما، ولذا تحلّي بالصبر، فإن استطاع كتابة اسمه بنجاح أو تمكّن في إتقان القراءة أو حقّق نجاحاً باهراً في إحدى الألعاب الرياضية سوف تفخري به وبنفسك وتنعمي معه بالسعادة، بعد تحقيق هذا الإنجاز.

3-    قدِّمي إليه التقدير:

من أبرز الأمور التي تشعر الطفل بالسعادة، هي ثناء أمّه أو أبيه على عمله أو تصرّفه، ما يمنحه الثقة بالنفس، ولذا، حاولي دائماً إذا أنجز مهمّة، مهما كانت صغيرة، أن تثني عليه، ولكن لا تبالغي في الأمر، حتى لا يصدم إذا أخطأ وتعرّض للعقاب، كما أنّ الثناء المبالغ فيه من الممكن أن يجعله يتعدّى الفاصل بين الثقة بالنفس والغرور.

4-    كوني قدوةً له:

يجب أن يكون كلّ أب وأم قدوة حسنة لأطفالهما، فإذا رأى الصغير الابتسامة لا تفارق شفاههما، لابدّ أنّه سينطبع فيه هذا الشعور، وسوف تكون الحياة أمامه مليئة بالتفاؤل.

5-    لا تحرميه المشاركة:

شعور الطفل بأنّه عضو فعّال في الأسرة يمنحه السعادة، فلا تهملي أخذ رأيه في بعض الأمور، أو إطلاعه على المستجدّات حتى وإن كانت بسيطة، واطلبي مشاركته في بعض الأعمال المنزلية واصطحبيه معك إلى المطبخ لمساعدتك، في أثناء إعداد وجبة خفيفة.

6-    حافظي على روتينه:

يحتاج الطفل إلى النظام ليشعر بالهدوء والاستقرار، ولذا احرصي على عدم تغيير روتينه اليومي إلا لأسباب قهرية، ويفضّل أن تبلغيه بأي تغيير قبل القيام به، فأي تبديل في مواعيد النوم وتناول الطعام أو السكن سيجعله يشعر بالزعج الشديد، وقد يظهر ذلك على شكل سوء مزاجه.

7-    شجِّعيه على تكوين صداقات:

الحصول على عدد من الأصدقاء ينشئ طفلاً سعيداً، ولكن ليس لزاماً أن يكون الصغير الأكثر شعبيّةً، بل يكفي أن يكون لديه صديق حقيقي يفهمه ويشاركه اللعب.

 

طفلك والشمس والسعادة:

تؤكّد "الجمعيّة الألمانيّة لطبّ الأطفال والمراهقين" أن لهو الطفل في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس بصورة منتظمة، يمنحه السعادة، ويمدّه بالحيويّة ويعود عليه بعدد من الفوائد الصحيّة، كما تؤثّر أشعة الشمس إيجاباً على نسبة الفيتامين "دي" في جسمه.

وتدعو إلى ضرورة تعرّضه لها مرّتين أسبوعياً لنصف ساعة في كلّ مرّة، بدون غطاء رأسه وذراعيه وسيقانه، ولكن مع الحرص على تجنّب إصابته بضربة شمس.

ارسال التعليق

Top