• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
◄اعلم يا أيها المؤمن – سدد الله في طريق الخير خطاك – أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة واجبة من الله عزّ وجلّ فإنّهم بها يقام عماد الدين وبها يصلح أمر المسلمين حيث بالأمر بالمعروف تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وتمنع المظالم وتعمر الأرض وينتصف للمظلوم من الظالم.

وقد قال سبحانه من قائل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 104).

واذكرّ ما وصّى به لقمان ابنه إذ قال له: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ) (لقمان/ 17).

فعليك بهما ولا تأخذك في الله لومة لائم فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقربا أجلاً ولن يقطعا رزقاً.

فأنكر المنكر بقلبك واظهر كراهة ذلك الفعل المشؤوم وابدِ انزعاجك وغضبك من ذلك الغافل الجهول.

وإن لم يؤثر ذلك به فعليك بالإنكار بلسانك فعظه وانصحه وحذره وبين له قبح عمله وما أعده الله للعاصين من نارٍ وعذاب أليم، وما أعده للمطيعين من جنةٍ وفوز عظيم.

وإن لم يردعه ذلك فعليك بالإنكار بيدك، فحل بينه وبين ذلك المنكر بيدك إن استطعت إلى ذلك سبيلاً ما لم يؤدِ إلى جرح أو كسر وإلّا فإنك تحتاج حينئذ إلى مراجعة الحاكم الشرعي.

وإن لم يكن إلى ذلك من سبيل فافعل المستطاع وأمرك إلى الله سبحانه فإنّه السميع البصير وهو العالم بما في الصدور.

وعليك أن تحذر في ذلك اشد الحذر وأن تكون فطناً واعياً كي لا تؤدي بك الأمور إلى الوقوع في المفاسد والانحراف إلى المهالك.

فإياك ثم إياك يا ولدي أن تتهاون في أداء هذا الواجب العظيم أو التقصير به فيمسك غضب من الله وعذاب مهين.

وقد قال رسول الله (ص): "إنّ الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له فقيل له: ما المؤمن الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر".

وقال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): "ولتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم".

وإيّاك أن ترضى ولو بقلبك بالمنكر فإنّ الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم "وإنّ من شهد أمراً فكرهه كان كمن غاب عنه، ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده".

وقال سيد الوصيين (ع): "أوحى الله تعالى جلت قدرته إلى شعيا (شعيب) (ع) إني مهلك من قومك مائة ألفٍ، أربعين من شرارهم، وستين من خيارهم، فقال (ع): هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فقال: "داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي".

واعلم أنّ ما وصلنا إليه من تشتت الشمل واختلاف الكلمة وانتشار المفاسد وارتكاب المعاصي وتكالب الأعداء علينا، هو لتركنا وتهاوننا بهذا الأمر العظيم، فأي مصيبة قد حلت بالإسلام وأهله فلقد أصبح الناس يتهاونون بالمعاصي بل ويتباهون بها ويؤثرون في ذلك رضا الشيطان على رضا الرحمن ويقولون إنّ الله غفور رحيم ويتناسون أنّه شديد العقاب حتى صار المعروف بينهم منكراً وشاعت المعاصي حتى صار المنكر معروفاً، فاحترز أيها المؤمن من أولئك الناس وابتعد عنهم ولا تخالطهم ولا تجالسهم ولا تؤاكلهم ولا تضحك في وجوههم إلّا إذا كان في ذلك تأثير واتعاظ ورجوع إلى الصراط السوي.

واعلم أنّ نبيك محمّداً (ص) قد حذر ونبه من هذا اليوم المشؤوم الذي نعيش فيه ونعاين مآسيه ونشاهد مخازيه فلقد قال لأصحابه (ص): كيف بكم إذا فسد نساؤكم وفسق شبانكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قيل: يا رسول الله ويكون ذلك: قال: نعم، وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً أو المنكر معروفاً.

نعم فلقد أصبح المؤمن بإيمانه ذليلاً والفاسق بفسقه عزيزاً، وانتشرت المعاصي ليلاً نهاراً سراً وجهاراً ولقد عطلت الأحاكم وعطلت الحدود وقست القلوب فهي كالحجارة أو أشد قسوة، ولقد عظم البلاء وبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض ومنعت السماء.►

ارسال التعليق

Top