هو الحادي عشر من الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وكنيته أبو محمد. ولقبه العسكري نسبة إلى المحلة التي سكنها هو وأبوه بسامراء والتي كانت تسمى (العسكر). ولد بالمدينة في الرابع عشر من ربيع الثاني وقيل من سنة 232 هـ. وتوفي يوم الجمعة في الثامن من ربيع الأول سنة 260 هـ. ودفن إلى جنب أبيه في سامراء وكان عمره 28 سنة. وقد نص عليه أبوه بالإمامة وكان (ع) أفضل أهل زمانه بعد أبيه لاجتماع صفات الأفضلية فيه، كريماً سخياً ما قصده ذو حاجة ورجع خائباً. وكان على جانب كبير من العبادة. وكان مقامه رفيع عند والده (ع) وأوّل مَن عاصره وعرفه حقّ معرفته والده الإمام الهادي (ع). كما اكتسب مقام عالٍ عند علماء عصره حيث قالوا فيه ما يحيّر العقول، فمن الذين عاصروا الإمام من العلماء هو أبو عمرو الجاحظ، وقال فيه:«ومن الذين يعدّ من قريش، أو من غيرهم، ما بعد الطالبيين في نسق واحد، كلّ منهم عالم زاهد ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مرشحون، ابن ابن ابن ابن هكذا إلى عشرة، وهم الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي، وهذا لم يتّفق لبيت من بيوت العرب ولا من العجم». ومن مناقبه (ع) شدة خوفه من الله عزّوجلّ في صباه، فإنّه وإن كان القارئ قد يستغرب مما يقرأ بأنّ الإمام حينما ينظر إلى الحطب والنار يبكي خوفاً من الله ثمّ يغشى عليه وهو صبي، ولكن ذلك ليس بغريب ولا بعجيب من أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام). وكانت مدة إمامته (ع) حتى استشهاده تبدأ من سنة 254هـ وحتى سنة استشهاده 260هـ، وكانت حافلة بالأحداث المهمة. وهذه المدة الزمنية رغم قصرها ولكنها وضعت أسساً في تثبيت أحد أهم أعمدة الدين الإسلامي. لقد أمضى الإمام الحسن العسكري الجزء الأكبر من عمره الشريف في العاصمة العباسية (سامراء) وواكب جميع الظروف والملابسات والمواقف التي واجهت أباه الإمام علياً الهادي (ع)، ثم تسلّم مركز الإمامة وقيادة الأُمّة الإسلامية سنة 254هـ بعد وفاة أبيه (ع) وعمره الشريف آنذاك 22 عاماً. وكانت مواقفه امتداداً لمواقف أبيه (ع) بوصفه المرجع الفكري والروحي لأصحابه وقواعده وراعياً لمصالحهم العقائدية والاجتماعية. لكن السلطات الحاكمة كما ضيّقت على أجداده (عليهم السلام) فقد ضيّقت عليه الحراك الفكري ونصبت عليه العيون بالرغم من ضعف الدولة العباسية آنذاك ولكنهم كرّسوا طاقاتهم في محاولة شل الحركة في إكمال طريق الرسالة الإسلامية، ولذا استخدموا المعاملات التعسفية والتشدد في مراقبته وسجنه ومحاولة تسفيره ونفيه إلى الكوفة خوفاً من تأثيره على الأُمّة. استشهد الإمام العسكري (ع) في زمن المعتمد العباسي، وذُكر في الروايات أنّه قد سُم واغتيل من قبل السلطة. ودفن الإمام الحسن العسكري (ع) إلى جانب أبيه الإمام الهادي (ع) في سامراء .
من وصايا الإمام الحسن العسكري (ع):
1- «أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى مَن ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود وحسن الجوار».
2- «ليس العبادة كثرة الصيام والصلاة وإنما هي كثرة التفكر في أمر الله».
3- «بئس عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين. يطري أخاه شاهداً ويأكله غائباً. إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله».
4- «الغضب مفتاح كلّ شر. وأقل الناس راحة الحقود، وأزهد الناس مَن ترك الحرام».
5- «الإلحاح في الطلب يسلب البهاء ويورث التعب والعناء. فاصبر حتى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه، فلا تعجل على ثمرة لا تدرك، فاعلم أنّ المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخبرته في جميع أمورك».
6- «كفاك أدباً تجنبك ما تكره من غيرك. خير إخوانك مَن نسي ذنبك وذكر إحسانك إليه».
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق