• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التربية السوية

عمار كاظم

التربية السوية

◄التربية هي الأساس:

الحديث عن التربية حديث عن أخطر موضوع من مواضيع المعرفة والممارسة العملية في الحياة، فالإنسان يُولَد صفحة بيضاء وطاقة محايدة قابلة للتشكيل والانتماء واكتساب ألوان السلوك والممارسات، ومرحلة الطفولة تقرّر بصورة أساسية هوية الشخصية وتشكيل الملاحم العامة لها. يُولَد الإنسان صفحة بيضاء خالية من أي اتّجاه أو تشكّل للذات ويحمل الاستعداد لتلقّي العلوم والمعارف وتكوين الشخصية والتشكّل وفق خطٍّ سلوكيّ معيّن. والتربية في مراحلها الأولى هي مران وتدريب سلوكي عملي يتلقّاه الطفل عن طريق الحسّ من أبويه، فيكتسب منهما السلوك والأخلاق والعادات وطريقة التعامل، لذا كان السلوك العائلي ومحيط الأسرة الثقافي يؤثّران تأثيراً بالغاً في تكوين الشخصية واتجاهها المستقبلي.

 

التعليم والهوية الشخصية:

أمّا التعليم فهو تلقّي العلوم والمعارف لتكوين عقلية الإنسان وطريقة تفكيره وثقافته وتشكيل صبغة الهوية الفكرية لشخصية الطفل الذي ينشأ كسولاً مهمِلاً لا يمكن أن يكون إنساناً منتجاً يعرف كيف يوظّف وقته وطاقته ويطوّر إنتاجه وقدراته أو يواصل تحصيله العلمي والخبرويّ. والطفل الذي ينشأ مشرداً متمرّداً نتيجة لسوء تعامل الأبوين أو المدرسة أو السلطة، من الصعب أن يكون إنساناً ملتزماً بالقانون، يحافظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي لبلده وأمّته. والطفل الذي يعيش في بيئة شاذّة أو يربى تربية منحطّة، تترك تلك التربية تأثيرها في سلوكه فتجني عليه، وتصنع منه إنساناً مجرماً معذّباً في حياته وشقيّاً في آخرته.

 

حقّ الطفل في الإسلام:

الإسلام أولى عنايته بالطفل منذ لحظات ولادته الأولى، فدعا إلى تلقينه الشهادتَيْن وتعظيم الله تعالى والصلاة لذكره سبحانه، لتبدأ شخصيّته بالتشكّل والتكوّن الإيماني والاستقامة السلوكية، ولتثبيت القاعدة الفكرية في عقله ونفسه ولعلّ أبرز دليل على تحديد مسؤولية الآباء في تربية أبنائهم وأهمية التربية في الإسلام قول الله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم/ 6)، وبإمكان المجتمع أن يكون مقيّداً من خلال التعامل للحفاظ على حياة أفراده وضمان استمرارية حياتهم وبقائها عبر الأجيال القادمة. لذلك، فإنّ العملية التربوية توفّر أسباب وعوامل استمرارية الحياة الإنسانية، وبناء المجتمع حيث إنّ النظام التربوي يُعدُّ واحداً من عدّة مؤسّسات اجتماعية تمثّل أساس تشكيل الأسرة، وأحد مبادئ تأسيس المجتمع، لذلك تلعب دوراً هاماً ومؤثّراً للغاية، والمؤسسات التربوية هي التي تضمن بقاء المجتمع وتحافظ على سلامته.

 

إعداد الفرد:

مسؤولية التربية هي إعداد الإنسان الصالح التي تشكِّل الأخلاق الفاضلة الرُّكن الأساسي في بناء شخصيته بناءً إيمانياً يربّي في نفسه قيم الأخلاق والسلوك المستقيم ويشكّل شخصيته وطريقة تفكيره تشكيلاً يتّسم بالنّقاء والأصالة، كما يمنحه الفصاحة وحُسْن النطق وسلامة المنطق، ويزوِّده بالوعي والمعرفة وبالعلم والمعرفة، يكتسب الإنسان قيمته الإنسانية، وكما أنّ المجتمع مجال لتطوّر شخصية الفرد العلمية والحضارية، فالفرد أيضاً يمنح المجتمع جهده وخبراته ويعمل على تطويره وتنمية ظروفه وأوضاعه العلمية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وما إلى ذلك. لذا، فإنّ التربية تتحمّل مسؤولية إعداد الطفل للعيش ضمن مجتمع ليعرف حقوقه وواجباته على المجتمع، كما يعرف حقّ المجتمع عليه، ويُحسن كيفية التعامل مع الأفراد والهيئات والمؤسّسات ويشارك في النشاط والبناء والتغيير والإصلاح.►

 

المصدر: كتاب مفاهيمُ خيرٍ وصلاح

ارسال التعليق

Top