إننا نحمد الله على ذلك كله ونتقرب إليه بهذا الحمد لأنه يمثل كل الايمان به والمحبة له والتطلع إلى رحمته والقرب منه لنحصل من هذا الحمد على الامتداد في العمر مع الحامدين له من خلقه والسبق إلى الوصول الى رضاه وعفوه وعلى الاضاءة الروحية من نوره الذي يفيض على الوجود فيضيء لنا ظلمات البرزخ التي قد تتراكم في داخلها أشباح الموت في المرحلة التي تفصل بين نهاية الحياة وبداية يوم القيامة التي قد يوحي بها قوله تعالى (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون/ 100) وتتحدث عنها الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام . وييسر لنا الطريق إلى البعث في رحلتنا النهائية من الأحداث إلى يوم المحشر فتكون الطريق إليه مفتوحة على رحمة الله ورضوانه فلا نحس فيها جهدا ولا رهقا ويبلغ بنا درجة الشرف والعلو والرفعة في مواقعنا عند مواقف الاشهاد الذين يشهدون للناس وعليهم بما قاموا به من أعمال الخير والشر، لننال بذلك النصر من الله سبحانه وتعالى على ما جاءت به الآية الكريمة (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) (غافر/ 51) حيث نقف بين يدي الله عراة إلا من العمل الصالح والأمل الكبير برحمة الله ورضوانه فلا يملك أحد أن ينقذنا من عذاب الله إذا أراد أن يعذبنا (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) (الدخان/41 ). وهكذا ينطلق هذا الحمد الايماني المرتفع إلى الله من كل قلوبنا ليرتفع بنا إلى الدرجات العليا في أعلى عليين في كتاب مرقوم يشهده المقربون لنعيش هنا روحانية القرب قرب الروح وسعادة المحبة لله الذي يمنحنا حبه من حيث يمنحنا قربه في ذلك العالم العلوي الذي يتجلى الله فيه لعباده المؤمنين الحامدين الشاكرين فيفيض عليهم من رحمته ولطفه ورضوانه ويغمرهم بالسعادة الروحية حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين .فتقر بذلك عيوننا وتشرق بالسرور وترتاح في نظرتها إلى الأفق الرحب أمامها بهدوء واطمئنان في اليوم الذي تبرق فيه الأبصار وتتحير فزعا حتى لا تطرف أو دهشة فلا تبصر . وتبيض به وجوهنا من خلال البهجة الروحية التي تنعكس نورا على الوجوه من خلال النتائج الطيبة الفرحة بما يحصل عليه المؤمنون من ثواب الله في جنته ورضوانه في الوقت الذي تسود فيه وجوه وجلود الآخرين الذين كفروا بالله وتمردوا وانحرفوا عن خطه المستقيم من خلال النتائج السيئة المرعبة مما يتعرض له الكافرون الضالون من عقاب الله في سخطه وناره. ويرتفع الحمد في نتائجه فيعتقنا الله بسببه من أليم ناره إلى كريم جواره لدلالة الحمد على عمق الايمان بالله والاستغراق في محامده والالتزام بطاعته وننطلق في هذا الجو في مجتمع الحامدين لله الحائزين على رضوانه المقربين إليه.
فنزاحم الملائكة المقربين الذين يحلقون في الجنة في تسبيحهم وحمدهم له، وننضم إلى الأنبياء المرسلين الذين انفتحوا برسالاتهم على كل مواقع الحمد له، وفتحوا العقول والقلوب عليه في حمده وتسبيحه وتهليله وتكبيره، فكانت دار الخلود ساحتهم التي لا تزول، ومحل كرامتهم التي لا تتغير ولا تحول.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق