اعلم أن من نِعَم الله تعالى عليك نعمة الأولاد والذرية الصالحة.. وهذه نعمة وأمانة من الله تعالى متوجّهة إليك وقد جعلك وليّاً عليها، فعليك أن ترعاها حقّ رعايتها، وإلّا كان لصاحبها الحقّ في مؤاخذتك على تضييع أمانته، كما أن له إكرامك لو رددت أمانته إليه كما أرادها منك. فإذا رأيت حياء في وَلدك، فاعلم أن ذلك علامة من علامات العقل، فابذل جهدك في تربيته، لئلّا تكون مقصّراً في تضييع فطرته، فإنّ نفس الطفل خالية من أي نقش، ولا رأي ولا عزيمة له في شيء.
وإليك بيان ما يجب عليك تجاه الأبناء:
أوّلاً: الترغيب في الآداب الشرعية، وما تقتضيه السُّنة النبوية.
ثانياً: مدح الصالحين عنده، بل ومدحه على أفعاله الحسنة، وذمّه عند صدور أدنى قبيح منه، لئلّا يُعاود الذنب مرة أخرى.
ثالثاً: منعه من الإسراف في المأكل والمشرب.
رابعاً: تشجيعه على الإيثار في المأكل وغيره من مباهج الزينة في الحياة.
خامساً: النهي عن معاشرة من هم على خلاف أسلوبك في تربيته، وإذا رأيت فيه مخالفة لأمرك، فإيّاك وإياك والتوبيخ والتقريع، وخصوصاً إذا رأيت مخالفته لك في السرّ لا في العلن!.
سادساً: تعليمه محاسن الكلام والشعر الهادف، وتحذيره من الشعر الذي يولّد فيه الهوى والعشق، فإنّها مفسدةٌ للأحداث.
سابعاً: تعليمه الآداب الواردة في الطعام مما ذكره الفقهاء العظام في كتبهم الفقهية: كعدم التعجيل في الأكل، وعدم النظر في وجوه الآكلين، والأكل مما يليه، وتصغير اللقمة، وجودة المضغ، وغيرها من الآداب المذكورة في محلها.
ثامناً: تعليمه آداب النوم، ومنعه من النوم في النهار، لئلّا يصير بليد الفهم، وكذلك منعه من النوم بين الطلوعين، ليكون مؤثراً في تحسين لونه، وتعديل مزاجه، وتقوية ذكائه، وزيادة رزقه.
تاسعاً: تعويده على شيء من الخشونة في المعيشة، ليشتدّ صلبه ويقوى عوده.
عاشراً: تعويده على إكرام الغير كبيراً كان أو صغيراً.. ومراعاة أدب المجالس كعدم القهقهة، والتثاوب، والتربّع، والهذر، والابتداء بالكلام قبل السؤال وغير ذلك.
الحادي عشر: تعويده على الصدق والصمت، وترك الوعود الكاذبة، وعدم الحلف كاذباً أو صادقاً، وتجنّب خبث القول والسبّ واللّعن واللّغو والتغنّي، بل تعويده على حُسن القول وجميله.
الثاني عشر: تعويده على أن يخدم نفسه بنفسه، وأن يخدم معلّمه ومَن هو أكبر منه سنّاً، وتحذيره من إيذاء الغير، بل أمره بالرفق والمداراة.. ومنعه من قبول الأموال، لئلّا يتعوّد على الطمع في الدرهم والدينار، ضرورة أن حبّ الذهب والفضة من السموم المهلكة.
الثالث عشر: أن يأذن له في اللّعب الذي لا ضرر فيه، ليستريح من تعب التأديب، فلا ينبغي أن يتوقع من الصغير ما يتوقعه من الكبير الذي حنكته التجارب.
الرابع عشر: مراعاة الآداب الشرعية الواردة من الختان، والعقيقة، والتوسعة في الإنفاق وغير ذلك.
المصدر: كتاب تذكرةُ المتقين
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق