• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التمر.. قيمة غذائية كبيرة ووقاية من الأمراض

د. محمود حجازي

التمر.. قيمة غذائية كبيرة ووقاية من الأمراض

◄الطعام الذي يفطر عليه الملايين
تُعد التمور من أكثر أنواع الغذاء إستهلاكاً في العالم العربي، خاصة في شهر رمضان المبارك، إذ تتوافر فيه بكميات كبيرة وأصناف متنوعة في الأسواق.
وليست التمور فاكهة لذيذة وحسب، وإنما هي طعام وقيمة غذائية كبيرة لأنّه تتوافر فيها السكريات والزيوت النباتية والبروتينات والفيتامينات والمعادن والأملاح ومواد أخرى لها أهمية كبيرة في تغذية الجسم.

- فمم تتكوّن التمور؟
1- السكريات: هي المكون الأساسي للتمر، إذ تشكل 70.6% من الوزن الجاف، وتقوم هذه السكريات بتوفير الطاقة اللازمة للجسم، فكل 100 جرام من الرطب (8-10) حبات) تعطي 150-163 سعراً حرارياً.
وقد ثبت وجود سكر الجلوكوز والفركتوز والسكروز والمالتوز والمانوز في التمر، وتوجد هذه السكريات في التمرة الواحدة بنسب مختلفة، وذلك باختلاف نوع التمر وحجمه.
2- الماء: يُعد الماء من العوامل التي تحدد قوام التمر وعلى أساسه يتم تقسيم التمر إلى أقسام مختلفة (رطبة، ونصف جافة، وجافة)، وتبلغ نسبة الماء في التمر أقصاها في المراحل المبكرة للنمو، ثمّ تبدأ في التناقص بزيادة تقدم عمر الثمرة.
3- الدهون: يحتوي التمر على نسبة صغيرة من الدهون تبلغ نحو 50% من الوزن الجاف، وتوجد الدهون في قشرة التمر على شكل طبقة شمعية موجودة على سطح التمرة.
4- البروتين: يعتبر التمر فقيراً بالبروتينات، إذ يحتوي علىكمية من البروتين تتراوح بين 1.5-2% من الوزن الجاف للتمر.
5- الألياف: تتراوح نسبتها بين 2-4% وفي البلح بين 1-2% من الوزن الجاف، لذلك ينصح المريض بتناول البلح أو التمر أكثر من الرطب لاحتوائه على نسبة ألياف أعلى، ومن المعلوم أن تناول الألياف يقلل من فرصة الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي، كما أنّها علاج جيِّد للإمساك.
6- الفيتامينات: التمر غني بمحتواه من فيتامين أ، الذي يعد ضرورياً لسلامة الإبصار، ويقي من الإصابة بالعشا الليلي، كما أنّ هذا الفيتامين يعمل كمضاد للإصابة بعدوى بعض الأمراض، ولذلك فإن نقصه عند الأطفال يؤدي إلى عدوا تنفسية شديدة والتهابات معدية معوية، مع زيادة في معدل وفيات هؤلاء الأطفال، وعلى مستوى العالم فإن نقص فيتامين أ يؤدي إلى ظهور 500 ألف إصابة بالعمى كل عام، ويتضح ذلك جلياً في الدول الآسوية.
كما أنّ التمر متوسط في محتواه من فيتامين ب1 المعروف باسم الثيامين (Thiamin) الضروري للخلايا حتى يمكنها الاستفادة من الجلوكوز كمصدر للطاقة من خلال التمثيل الغذائي الهوائي.
ويؤثر ذلك بشكل كبير على الخلايا العصبية التي تعتمد على الجلوكوز كمصدر وحيد وأساسي للطاقة.
ويؤدي نقص الثيامين إلى زيادة حموضة الدم مما ينجم عنه توسع الأوعية الدموية وزيادة سرعة الدورة الدموية بشكل مَرَضي، ومن ثمّ يترتب على ذلك حدوث هبوط بالقلب.. كما يؤدي نقص الثيامين إلى خطر الإصابة بمرض البري – بري (Beri Beri) الذي يحدث فيه التهاب بالأعصاب الطرفية مسبباً الإحساس بالخدر والتنميل أو الحكة بدون سبب ظاهر، كما تحدث تقلصات وخلل في الإحساس يؤدي نقص الثيامين كذلك إلى خطر الإصابة باعتلال المخ، الأمر الذي يجعل المريض مشوشاً، وقد تصاب عضلات العينين بشلل وما يتبع ذلك من حدوث حَوَل، بالإضافة لحدوث إضطرابات في الذاكرة.
ويحتوي التمر أيضاً على فيتامين ب2 المعروف باسم الريبوفلافين (Riboflavin) الذي يؤدي نقصه إلى التهاب زوايا الفم، وتشقق الشفتين، وحدوث خلل في إفراز الغدد الزهمية في الثنية الأنفية الشفوية.
ويحتوي التمر على فيتامين ب6 المعروف باسم البيرودوكسين (Pyridoxine) الذي يؤدي نقصه – خاصة في السيدات اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل – إلى الإصابة بالاكتئاب، وقد يحدث نقص لهذا الفيتامين عند تناول العقاقير مثل بعض العقاقير المستخدمة في علاج الدرن الرئوي.
ويحتوي التمر على نسبة صغيرة من فيتامين ج المعروف بأهميته في الوقاية من نزلات البرد وأمراض الجهاز التنفسي، إذ يساعد في الحفاظ على سلامة الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي.
7- الأملاح المعدنية: التمر مصدر جيِّد للأملاح المعدنية، وخاصة البوتاسيوم الذي يُعد العنصر الأكثر وجوداً، يليه الفسفور الذي يزيد حيوية الدماغ، والنشاط الجنسي، والكالسيوم، ثمّ يتبعه الحديد، ولذلك فهو يفيد في علاج فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.
ولا يفوتنا أن نذكر أن التمر مصدر جيِّد للفلورين المهم للحفاظ على صحة الأسنان ووقايتها من التسوس، فضلاً عن أنّ الأملاح القلوية الموجودة فيه تعدل حموضة الدم والتي تسبب حصيات الكلى والمرارة والنقرس والبواسير.
كما أن منقوع التمر يفيد ضد السعال والتهاب القصبات الهوائية ويخرج البلغم.
وقد ثبت أن غلي مقدار يتراوح بين 40 و50 جراماً من التمر في لتر ماء واستخدامه كطعام يؤدي إلى زيادة كبيرة في القدرة على التنخيم (إخراج المخاط والبلغم)، كما يُعد علاجاً للزكاة وآلام الحلق وكل إصابات الصدر.
وقد ثبت أيضاً أنّ الرطب تحتوي على مادة قابضة للرحم تشبه الأكسيتوسين (Oxytocin) ولذلك فإن تناوله يساعد على خروج الجنين من الرحم، وتقليل النزف بعد الولادة، كما أن غناه بالمواد السكرية يمد الأُم بالطاقة اللازمة لعملية الولادة المجهدة، ومن هنا جاء الأمر الرباني للسيدة مريم (رض) في سورة مريم: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) (مريم/ 25).►

*أخصائي الأمراض الباطنية

ارسال التعليق

Top