• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

منزلة الإمام الهادي (ع) الرفيعة

عمار كاظم

منزلة الإمام الهادي (ع) الرفيعة

هو الإمام العاشر من أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)، وعندما نقرأ تاريخ الإمام الهادي (عليه السلام)، فإنَّنا نستوحي منه أنّه كان محلّ احترام الناس وتقديرهم في الحرمين (مكّة والمدينة)، ومن الطبيعي أن يكون هذا التّقدير وهذا الاحترام بمستوى استثنائيّ، إذ لا بدَّ من أن يكون ناشئاً من خلال القيادة الفكريّة والروحيّة والحركيّة الّتي كانت تدخل إلى كلّ عقل وإلى كلّ قلب، لأنه ليس من الطبيعيّ أن يأخذ إنسان هذا المستوى من الإكبار والتّعظيم بدون أن يترك تأثيره الكبير في عقول الناس وقلوبهم وحياتهم، مع ملاحظة أنَّ الناس في الحرمين لم يكونوا على رأيٍ واحدٍ في المذهبيَّة، بل كانوا يختلفون، ومع ذلك، نجدهم يلتقون على احترام شخصيّة الإمام الهادي (عليه السلام).

الإمام الهادي (عليه السلام) كان يتميَّز بثقة ومحبَّة عند الناس، كانت حركة الإمام (عليه السلام) في إدارة شؤون النّاس، من خلال إحسانه إليهم، ومن خلال تثقيفه لهم، ومن خلال رعاية أموره، هو مما جعله في موقع محبّة النّاس كلّهم. يركّز الإمام الهادي (عليه السلام) على أسلوب القرآن، فعندما تكون هناك مشكلة بينك وبين شخص آخر، فعليك في طريقة التعبير أن تساوي نفسك بالآخر، فعندما تتحدث ـ مثلاً ـ مع شخص يشك وأنت على يقين، ففي مجال الحوار ولأجل إيصاله إلى الحقيقة، حاول أن تُظهر نفسك بمظهر الشاكّ، أو إذا كانت هناك مباهلة فإنَّك في العادة تقول للطرف الآخر إذا كنت كاذباً فسيلعنك الله، في حين أن أسلوب القرآن يعلّمك أن تقول: سيلعن الله الكاذب منّا حتى لو كنت صادقاً.

فالذي يستفيده الإمام الهادي (عليه السلام) من القرآن هو الأسلوب العلمي الذي يجعل الإنسان الذي يحاورك يقف معك بكلِّ قلب مفتوح، لأنك ساويت نفسك به وأعطيته النَصف من نفسك، وهذا تطبيق للآية الكريمة التي تقول: (وإنَّا أو إيَّاكُم لَعَلى هُدىً أو في ضَلال مبين) (سبأ/ 24).

فكم نحمِّل الأيام من عاداتنا وتقاليدنا وما ألفناه، حتى أن هناك بعض الأحاديث تقول إنَّ في كوامل الأيام وكوامل الأسبوع وكوامل الشهور وكوامل السنة لا يُحبّذ العمل، وهذا يعني أن لا نعمل طوال السنة إذا كانت الأيام كلها نحساً وشؤماً، في حين أنَّ لدينا حديثاً يقول: «لا تعادوا الأيام فتعاديكم»، فالإمام يركّز على أنَّ الشؤم شؤمنا، والسعد سعدُنا، فنحن نتفاءل من خلال ما نتحرّك فيه من ظروف محيطة بما يمكن أن يحقّق لنا النتائج الطيّبة، ونتشاءم بما يصدر منا من خلال هذه الظروف الصعبة.

يحث الإمام (عليه السلام) على التقوى وطاعة الله عزّ وجلّ حيث يقول (عليه السلام): «من اتّقى الله يُتّقى»، أي أدخل الله هيبته في قلوب النّاس، «ومن أطاع الله يُطاع، ومن أطاع الخالق لم يبالِ سخط المخلوقين»، وهذا ما عبَّر عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي»، وهذا ما ينبغي لأيّ مؤمنٍ منفتحٍ على الله ورسوله وعلى الحقّ، «ومن أسخط الخالق، فلييقن أن يحلّ به سخط المخلوقين».

علينا، أن نفهم أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في حركتهم في الحياة، وخطّهم في الدّعوة، وأسلوبهم في العمل، وعلاقتهم بالله، فهذا هو معنى الولاية لهم والاتّباع، وذلك بأن يكون موقفنا موقفهم في الإخلاص لله، والدّعوة إلى الإسلام، وحمل المسؤوليّة في مجالات الحياة كلّها على أساس الإسلام.

ارسال التعليق

Top