• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لم أعـد أحتمل نفسـي

أسرة

لم أعـد أحتمل نفسـي

مشكلتي هي أني شديدة الغضب عصبية جداً، قلقة، فأنا نفسي لم اعد احتمل أغضب لأتفه الأسباب. أحياناً أشعر كأن هناك كتلة من الكلام أريد إخراجها ويكون هذا الكلام عشوائي يعني ممكن أن أتحدث في موضوع ثم أدخل في موضوع آخر، أحياناً أشعر برغبة بالبكاء بالوحدة والكابة ولا أنام براحة كاملة لا أدري لماذا، يمكن أني لم أجد الراحة، الاخلاص والصدق أو لماذا؟

الأخت الفاضلة
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد..
أغلب الحالات النفسية تنتج عن ظروف البيئة المحيطة بالإنسان في طفولته وأحياناً في كبره، فنمط التعامل القسري أو المتعنف في الأسرة بين الابوين ومع الأولاد وظروف القهر التي تعاني منها غالب الأمهات تولد لدى الأولاد خزيناً كبيراً من الكآبة والإضطراب لترافقهم في حياتهم اللاحقة ولتظهر هنا وهناك على تصرفاتهم وسلوكهم اليومي.
وقد ترافق هذه الشحنات المكبوتة من القهر والغضب أفكاراً سوداوية عن الحياة تؤثر في طبيعة تعامل الانسان مع مسائلها ومشكلاتها فتراه ينظر الى نفسه وكأنه ولد سيء الحظ، أو مكتوباً عليه الفشل والحرمان، أو العذاب والتعاسة، فلا يتعامل مع كل مافي الحياة من نعم وصحة وسلامة، بنظرة تفاؤل وأمل وهناء، بل يمر عليها كئيباً منقبضاً، وعند المشاكل والمحن تزدحم في ذهنه كل الأفكار اليائسة والمحبطة ليتخيل الحياة وكأنها نفق مظلم مغلق لاضوء فيه.
ومن هنا يجب أولاً تصحيح النظرة الى الحياة لتكون واقعية، فالحياة فيها حلو ومر وساعات هناء وأخرى تعب وربما شقاء، والقانون الإلهي الحاكم فيها هو (إن مع العسر يسراً) وقد خلق الله تعالى الحلول لمشكلتها قبل ان تظهر وخلق الله الدواء قبل ان يخلق الداء، وعلى الإنسان أن يكد ويسعى ليحسن اوضاعه ويتقدم في حياته وان يبقى دائماً مشعل الأمل والاهتداء بهديه هو خير معين، ودليل على تجاوز المحن والشعور بالسعادة والرضا.
وثانياً على المرء أن يسعى لتفريغ شحنة الغضب المكبوتة فيه وإخراجها الى حين العلن.. ليعبّر الانسان عن آرائه ومشاعره ويتحدث مع الآخرين عن أفكاره وينتقد المحيط والمجتمع عما يراه خطأً.
ومن ثم يرتب الانسان لنفسه برنامجاً يجمع بين استهلاك الطاقة الزائدة، خصوصاً في المشي والرياضة واللهو البريء الممتع من التسوق والذهاب الى الحدائق والأماكن الطبيعية الجميلة وزيارة الأهل والأقارب ومشاهدة البرامج التلفيزيونية المفيدة والمريحة.
وأخيراً لاننسى فائدة الذهاب الى دور العبادة والدعاء وقراءة الذكر، لأن كل ذلك يجدد في الانسان روح الأمل ويعمق صلته بمنبع الخير والعطاء في الكون ويسلي نفسه بالتحدث مع الله والشكوى اليه.
وكل ذلك وغيره يبحث في النفس الشعور بالسعادة والاطمئنان، وقد قال تعالى :"ألا بذكر الله تطمئن القلوب" كما إنه يوفر فرصة للتعرف على الناس الطيبين المؤمنين ويبعده عن الأفراد السيئين الذين لايجلبون للإنسان إلا الشر.

ارسال التعليق

Top