• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لن أتزوج.. أمي طلباتها كثيرة

أسرة البلاغ

لن أتزوج.. أمي طلباتها كثيرة

◄السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد..
من فضلكم أود أن أستفسر منكم عن النصائح فيما يخص حالتي: أشعر بالضياع في كثير من الأحيان، صحيح إني قد حقتت التفوق في دراستي بمراتب عالية وحصلت على شهادة لسانس ولكن..
أتى الكثيرون لخطبتي وأمي رفضتهم واحد تلوى الأخر بسبب أن أحدهم يسكن بعيداً عن مدينتنا، وذاك فقير وذاك ينتمي إلى قبيلة.. أسباب تلوى الأخرى لم تراعي مشاعري وكأني لست موجودة لقد رفضت الكثير وأصبح الزواج بالنسبة لي كابوس فأمي طلباتها كثيرة.
لقد تعبت من كل هذا، أحب أمي كثيراً لكنها تؤلمني، كثيراً حاولت إقناعها كم من مرة لكن بدون فائدة.
أرجو أن ترشدوني وتنصحوني ماذا علي فعله.



الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد..
حب الكمال أثر فطري فكل إنسان يسعى للحصول على أفضل فرصة في الحياة، وكل فتاة تريد الوصول إلى فارس الأحلام ذي الشعر الأشقر والعينين الزرقاوتين الممتطى للجواد الأبيض... وكل أم تتمنّى لإبنتها العريس كامل الأوصاف؛ الشاب القوي والرجل الثري صاحب الطلعة والوسامة... ولكن الحياة الواقعية تختلف عن الأوهام والأحلام، فالبشر بشر، وكلّ له صفاته الحميدة وله أيضاً نواقصه ولا يوجد في عالمنا الذي نعيشه كامل الأوصاف، ومن ينتظره سوف يفني عمره في هباء، وينتهي امره إلى حسرة وندامة.
أنت ضحيتي الكثير وسيجزيك الله خير الجزاء، فالدنيا دار العمل، والآخرة دار الأمل، حيث يكون الثواب والعقاب، ومساعدة الأهل وبرّ الوالدين من أفضل الأعمال وأشرف القربات، ولكن لا يعني هذا أن تخسري مستقبلك وتضيعي فرص حياتك لأن والدتك لا تقبل ولا ترضى إلا بالإنسان الكامل الذي لا يوجد نظيره، وإلى متى تنتظرين وقطار العمر يجري بسرعة، وفرص الحياة تتطاير..
عليكِ أن تكوني شجاعة وتكلمي والديك بكل ثقة واطمئنان، وبكل محبة وإحترام أن تعلميهم بأنكِ تحترمين رأيهم ولكن أيضاً لابدّ أن يكون لرأيكِ مكان، وأن تفهميهما بأن الحياة واقعية والناس بشر، وأن من تقدم إليكِ كان فيهم من يناسبك، ولو كان فيه نقص، فسبحان الله الكامل، ومَن لم يكن فيه نقص، واضربي لهما الأمثال من حياة النبي الكريم (ص) والمسلمين الأوائل، وآيات القرآن الكريم، كقوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور/ 32).
وفي الحديث المأثور: (إذا جاءكم الكفوء المؤمن فزوجوه إن لا تزوّجوه تكن فتنة ويصبكم عذاب أليم).
واضربي لهم الأمثال من حياتهما وحياة الناس المعاصرين، كيف كانوا قبل الزواج وكيف توفقوا بعده.
وبالتالي دعي الحياء جانباً ودافعي عن مصلحتك فإن ذلك من حقك... وكم ظلمت بنات وأبناء بسبب جهل أو حتّى أنانية آبائهم، ومن ثم يندم الطرفان بعد فوات الأوان.
واستعيني بالله تعالى لمساعدتك في أمرك، قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنّها لكبيرة إلّا على الخاشعين) (البقرة/ 45). صلِّ ركعتي الاستخارة، كصلاة الصبح، وأكثري من جهد الله والصلاة على نبيه وآله، ومن ثم اطلبي من الله أن يعينك على حسن الاختيار واتمام الأمر كما يحب ويرضاه.
واستعيني بمن تثقين به من أقاربك، من العقلاء منهم، للحديث مع والديك وإقناعهم، وإذا كنت ترضين خطيبك فتمسكي به ولا تتنازلي عنه بسهولة.. نعم اسعي لارضاء والديك بشتى الوسائل.
أمّا الحالة النفسية التي تواجهينها فلا تقلقي كثيراً، ففي حياة كل الناس فترات مظلمة، أو مخاوف وقلق من أشياء معينة، وإنّما يزداد تأثير هذه الأمور عندما يكون الإنسان غير مرتاح أو يشعر بالكآبة، فعليك أن ترتاحي قليلاً وتهتمين بتغذيتك الصحية ونومك وتأنسي بأوقات الفراغ بالمطالعة والرياضة وأقلها المشي، وبالتجول في السوق والحديقة وزيارة الأقارب ومن ترتاحين لهم، وأن يكون لكِ في البيت وقتكِ الخاص بك وتكون لك خصوصية تنفردين بها لقضاء الوقت بعيداً عن الصخب والغضب والتعب وضغوط العائلة.
ومن الله التوفيق.►

ارسال التعليق

Top