حرّية الصحافة شرط للارتقاء بالمهنة
تُعدّ حرّية التعبير وإبداء الرأي من الحقوق المقدسة للإنسان، والتي تعتبر حرّية الصحافة أهم تجسيداتها. وممّا لاشكّ فيه، أنّ العمل الصحفي يتمتع بأهميّة لا تقل عن أهميّة أسمى الأعمال الإنسانية، وإنّ للصحافة سلطتها المعهودة باعتبارها السلطة الرابعة نظراً لأهميّة دورها في تعميم المعرفة والتنوير كما في تشكيل الرأي العام تجاه معظم القضايا، إذ أثبتت أنّها تملك قوّة تأثير على الشعوب أضعاف القوّة التي تملكها الحكومات والتنظيمات السياسية والعسكرية. فحرّية الصحافة بكافة مضامينها، كمفهوم حقيقي، مازالت حتى اليوم حلماً وهدفاً يكافح لأجله آلاف الصحفيين والمنظمات الصحفية والحقوقية في العالم.
تعتبر الصحافة إحدى وسائل التعبير عن الرأي في المجتمع المعاصر، فهي السبيل إلى معرفة ما يدور في المجتمع، والإحاطة بالقيم الاجتماعية السائدة بين جنباته، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنّها تكشف عن النقص المتفشي بالمجتمع، وتعمل على دفع الجهات المسؤولة على إصلاح وتكملة هذا النقص سواء من النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية.
هذا الدور الأساسي للصحافة هو ما يُفسِّر سرّ اهتمام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان – عالمية كانت أم إقليمية – والدساتير الوطنية لحرّية الصحافة. لأنّ هذه الحرية هي السبيل الأقوم لتوطيد وشائج وصلات قوية بين أفراد المجتمع على نحو يمكن معه إقامة وحدة معنوية بينهم، وذلك لأنّ هذه الحرّية حين تكون مكفولة حقّاً وصدقاً، فأنّها تمكّن أفراد المجتمع من العلم بالأُمور التي تهمهم جميعاً، والوقوف على القيمة الاجتماعية للأعمال التي تصدر ممّن يتصدون لخدمة المجتمع في مختلف المجالات، فيعرفون ما إذا كانت نافعة أو ضارة. وبذلك يتحقّق التعاون بينهم من أجل خير المجتمع وصالحه.
هذا ما لأهمية حرّية الصحافة من دور على المستوى الاجتماعي، أمّا بالنسبة لأهميتها على المستوى السياسي فإنّها لازالت ملء الأسماع والأذان تترجم سرّ ما اكتسبته من قيمة ومكانة المجتمع الديمقراطي، حيث تُعدّ التعبير الصادق عن الديمقراطية والسمة البارزة على قيمها. ذلك أنّه إذا كان كلّ مجتمع في حاجة إلى الصحافة، فإنّ المجتمع الديمقراطي فحسب هو الذي يحتاج إلى حرّية الصحافة، الأمر الذي يبيّن أنّ المعيار الدقيق لقياس مدى دمقراطية نظام الحكم في مختلف الدول هو هذه الحرّية. لذلك قيل بأنّه: «إذا أردت أن تعرف ما إذا كان النظام السياسي في دولة ما ديمقراطياً أم لا، فاسأل عن حال حرّية الصحافة بها؟».
وهكذا فإنّ حرّية الصحافة تُعدّ شرطاً للارتقاء بالمهنة على أن تدرك أنّ هذا الارتقاء لا يتحقّق إلّا بإيجاد قوانين لضبطه وتنظيمه ضمن إطار وقانون موحَّد ليكون لها أجندة ورسالة واضحة.
وملخص القول إنّ غياب التخطيط، وعدم وضوح الرؤية بمستقبل هذا النوع من الإعلام، وندرة الصحفي المحترف، وغياب الأنظمة واللوائح والقوانين، أُمور تتطلب إيجاد قوانين تضبط الصحافة وتنظم عملها، لا أن تكون تلك القوانين تشكل عقوبات، أو الحد من حرّياتهم في الرأي والتعبير والنشر.مقالات ذات صلة
ارسال التعليق