• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تناغم المنظومة الأُسرية في مجتمعها

عمار كاظم

تناغم المنظومة الأُسرية في مجتمعها

اليوم العالمي للأسرة، يوم للتشارك والسلام، يُحتفل به في الأول من كانون الثاني في الأمم المتحدة وفي الدول المختلفة كيوم عالمي للسلام والمشاركة. في هذا اليوم، يتشارك الأفراد والعائلات الطعام مع أصدقائهم (خاصة المحتاجين منهم) كما تقدم ضمانات شخصية بعدم العنف ونشر رسالة السلام والتشارك، وذلك بقرع الأجراس والطبول، أملاً في جعل العالم والمجتمع مكاناً أكثر أمناً للعيش. نشأ اليوم العالمي للأسرة من احتفالية الأمم المتحدة بالألفية، يوم للسلام. فالأسرة هي العامل الأول والأساسي في تكوين الكيان المجتمعي والتربوي حيث تسهم في تكوين شخصية الطفل وتعليمه العادات والتقاليد والتربية والدين، كلّ هذه الأمور تقوم بها الأسرة، لذلك هي من أهم مكونات المجتمع. فالطفل غالباً يقلد أبوية اللذان ربياه في السلوك والعادات. كما هي الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته الأولية وهي عبارة عن رابطة اجتماعية تتكون من الأب والأم والأبناء. يقول الله تعالى تعبيراً عن مدى أهمية المؤسسة الاجتماعية الصغيرة التي تسمّى بالأسرة: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (الأعراف/ 189). كما إنّ هناك علاقة طرديّة بين نجاح واستقرار المشروع الأسري والمجتمع، تتمثل في كلما زاد الاستقرار الأسري يزيد ذلك من أمن المجتمع ويقلل من المشاكل الناجمة عن التفكك الأسري والمتمثلة في أنّ الأطفال الذين يعيشون في كنف عائلات يسودها العنف والتوتر وعدم الاستقرار الأسري يميلون إلى العنف الاجتماعي من منطلق أنّ العنف يولد عنفاً، ممّا ينتج عن ذلك جُملة من المشاكل الاجتماعية الخطيرة المتمثّلة في الاعتداء على الآخرين أو العدوانية، والإقبال على الممنوعات بما فيها المخدرات وغيرها. إنّ تكوين الأُسر الجديدة الناجحة من شأنه أن يُنتج ويزيد من عدد الأفراد الصالحين القادرين على الانتاج والمساهمة في التغيير للأفضل في المجتمع، حيث ينعكس ذلك إيجاباً على نموه وتطوره وتحقيق تنميته المستدامة، كما أنّ الأسرة التي تعيل أبناءها بشكل سليم وتقدم لهم كافة حقوقهم في الحياة الكريمة ومستلزماتها، والحقّ في التعليم والترفيه واللعب وغيرها ينتج عنها أبناءاً لا يعانون من النقص والحرمان الذي يؤدّي إلى ظواهر خطيرة كعمالة الأطفال والتشرد والتسرب من المدارس وكذلك السرقات والجرائم في المستقبل. من أهمّ واجبات الأسرة تجاه أفرادها الاهتمام بهم والعمل على تنشأتهم تنشئة صالحة، كما حثّنا ديننا على أنّ الأسرة السعيدة يجب أن تقوم على أساس المساواة بين أفرادها، وبث روح الثقة والمسؤولية في نفوسهم، كذلك تعويدهم احترام القيم والعادات والتقاليد التي تربى عليها أباؤنا وأجدادنا، واحترام الأنظمة الاجتماعية ابتداءً من حقوق الآخرين، واستمرارية التواصل، ونبذ السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء من خلال التعصب الذي يعدّه البعض اتجاهاً نفسياً قوياً. كذلك يجب على الوالدين متابعة الأبناء وإعطائهم دروساً وإرشادات تعينهم على تمييز الصواب من غيره، مع إعطاءهم اهتماماً كافياً من خلال الجلوس معهم ومناقشتهم في أمور حياتهم، ومتابعتهم في شؤونهم الخارجية، كما أنّ للدين دور قوي في توعية هذه الأسرة فقد وضع منظومة من القيم والمبادئ والأساسيات التي تتناغم بشكل كامل، وتتحد لتعطي دليلاً ومرشداً يساعد كلّ أسرة على تربية أفرادها، وجعلهم أعضاء فاعلين في مجتمعهم، أمّا الدور الأساسي والأهم للأسرة هو عكس العلاقة الطيبة بين الوالدين أنفسهم لتنشئة جيل متصالح مع نفسه، وجعله سوياً قادراً على مواجهة مصاعب الحياة.

ارسال التعليق

Top