• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التربية الإيمانية للطفل

عمار كاظم

التربية الإيمانية للطفل

من الأُمور الطبيعية بالنسبة للمربي اهتمامه بطعام الطفل ومحاولة تغذية جسمه بالطعام الكامل الغنيّ بكلِّ الفيتامينات، ولكنّ الإنسان ليس جسماً خالصاً، وإنّما هو نفخة من روح الله أيضاً، قال تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر/ 29)، وقبضة من تراب: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ) (ص/ 71). وطريقة الإسلام في تربية الروح هي أن يعقد صلة دائمة بينهما أي بين الروح وبين الله سبحانه وتعالى في كلِّ لحظة وكلّ عمل وكلّ فكرة، ومن خلال الإيمان تتطهر النفس، ويستقيم الخلق، وينعكس كلّ ذلك على سلوك الفرد ومواقفه وأسلوب حياته. من هنا ينبغي على المربي أن يغذي روح الطفل لكي ينمو نمواً سليماً، وفي هذا يقول الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): «والله ما سألت ربّي ولداً نضير الوجه ولا سألت ربّي ولداً حسن القامة، ولكن سألت ربّي ولداً مطيعاً خائفاً وجلاً منه، حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرّت به عيني».

إنّ مهمّة التربية أساساً هي توجيه الإنسان إلى نظام الفطرة وإعادته إلى قاعدة التوحيد، فالتدين حالة طبيعية وفطرية في الإنسان، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كلّ مولود يُولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه»، وقبل كلّ شيء لابدّ أن يعرف الآباء أنّ التربية واجب شرعي وليس عملاً مُستحباً أو مُباحاً لا يؤخذ على تركه كما يقول الإمام عليّ بن الحسين السجاد (عليه السلام): «وحقّ ولدك أن تعلم أنّه منك مضاف إليك في عاجل الدُّنيا بخيره وشرّه، وإنّك مسؤول عمّا وليته من حُسن الأدب والدلالة على ربّه عزّوجلّ والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل مَن يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ومعاقب على الإساءة إليه»، بالإضافة إلى ذلك فإنّ الله يجازي الآباء المهتمين بتربية أبنائهم تربية إيمانية الثواب الجزيل، فقد جاء عن الإمام الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام): «إنّ الله يجزي الوالدين عظيماً فيقولان يا ربنا أنّى لنا هذا ولم تبلغهما أعمالنا، فيقول: هذا بتعليمكما ولدكما القرآن وتبصيركما إياه دين الإسلام».

من هنا فعلى المربي أن يعلِّم الطفل أصول الدِّين وفروعه، ويعلِّمه القرآن ويدرّبه على الصلاة، فقد رُوِي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً»، ويدرّبه على الصوم، فقد رُوِي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) قوله: «إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا ابني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم فإن كان إلى نصف النهار وأكثر من ذلك أو أقل، فإذا غلبهم العطش والفرث افطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام فإذا غلبهم العطش أفطروا».. إنّ تعويد الأطفال على الالتزام الإيماني منذ الصغر وقيامهم ببعض الفرائض يساعد كثيراً على زرع الإيمان وتعميقه في نفوسهم عند الكبر، ولابدّ أن يرافق ذلك تبيان العلل والأسباب، فقبل أن تقول له صلي يا بني، لابدّ أن توضح له علة الصلاة، فهذا يزيد ارتباطه وحبّه لله، على أن يرافق هذه الرحلة وجود جو مفعم بالإيمان، كما لابدّ أن يصطبغ البيت بالصبغة الإيمانية، وهذه الصبغة الإيمانية كفيلة بأن تزرع الإيمان في قلب الطفل.

كما أكّد المشرع الإسلامي على المهارات البدنية لأنّها عنصر مهم في تكوين حيوية الجسم ونشاطه، فقد رُوِي عن النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): «علّموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل». فعلى المربي أن لا يغفل هذا الجانب المهم خلال مراحل تربية الطفل خاصّة في هذا الوقت حيث أخذ الطفل ينشدّ ساعات إلى التلفزيون، ويجلس ساعات لممارسات ألعاب الكمبيوتر، وقد دلّ العِلم الحديث والتجربة أنّ جسم الأولاد يُصاب بالسمنة والترهل نتيجة الأكل وعدم الحركة، فالحركة والرياضة ضرورية في مرحلة ما قبل البلوغ وبعدها.. إذن التربية الصحيحة السليمة تشمل كلّ مجالات الحياة الواسعة وتتناول كلّ آفاقها بدون استثناء.

ارسال التعليق

Top