• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حـب أعمـى

حـب أعمـى

أحب زميلي في العمل بقوة وهو أيضا يحبني وقد صارحني بالأمر واتفقنا على الزواج, المشكلة إنني من شدة حبي له أغار عليه من كل شيء وأتدخل في أموره الصغيرة منها والكبيرة مما أدى به الى أن طلب مني أن نكون زملاء عمل فقط وأن ينتهي كل شيء بيننا, أنا رفضت بشدة لاأستطيع أن أعتبره مجرد زميل عمل لأني أحبه كثيراً.. ماذا أفعل أرجوكم أستشيروني.

  الأخت الكريمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد..  (الحُب أعمى) كما يقولون، وربّما كان الحق معهم إذ إنّ (شدة القرب حجاب)، كما جاء في المأثور، وبالتالي فإنّ هذه العلاقة المندفعة بالعواطف قد تحجب العقل وتمنعه من التفكير والتعامل المنطقي، ومن هنا تقع الأخطاء وتسوء العواقب. بعض المحبين، يحب بقوة، ويتوقع من الطرف الآخر أن يوافقه في كل شيء، ويجيبه إلى كل ما يطلب، وهذا أكبر الخطأ، فإنّ لكل إنسان شأنه وآراءه وأفكاره ومزاجه ومتطلباته، ولا يمكن لإثنين في العالم، حتى لو كانا شقيقين من أُم واحدة، أن يتطابقا ويتوافقا في كل شيء.. حتى التوائم يختلفون فيما بينهم، فكيف بشخصين أتيا من بيئتين مختلفتين. ومن السخف أن يسأل الشخص رفيقته عن اللون الذي تحبه، حتى يعلم التقارب فيما بينهما... نعم من العقل أن يسأل حتى يقدم لها ما تحب، فالمطلوب التعايش المشترك وهو لا يقوم في المجتمع وفي الأسرة إلاّ على أساس تقبل الإختلاف وإحترام التعددية في المذاهب والآراء والتعايش على أساس إحترام الآخر والتسامح في الأمور، لا فرض الرأي والإستبداد فيه. وعلى أي حال، فالإختلاف المبكر أفضل من الإفتراق المتأخر، وعليك أن تقبلي الوضع وتعتبري ما حدث مفيداً لكما، لكي تبدأ من جديد على أساس الإحترام والإبتعاد عن الإختلاف والتعايش كزملاء عمل أوّلاً، لا يتدخل الواحد في شؤون الآخر ويتعامل معه ضمن الحدود والآداب وتشاور الآراء ومناقشتها بكل هدوء وإعطاء الحق للآخر للإحتفاظ برأيه وتجنب الإحتكاك في القضايا الصغيرة والغض عن مسائل الإختلاف العادية، فقد جاء في المأثور: "ثلثا الحلم التغافل"، وقال أبيكتيتوس من حكماء اليونان: "مَن يبدأ بتعليم الحكمة يعذر الآخرين ومَن يتعلمها يعذر نفسه والآخرين". ومن ثمّ يمكن لسلوك هذا الطريق أن يعيد الأجواء فيما بينكما إلى جادة الصواب، فالقلوب كسواري البواخر تحركها، ولكن إذا ضبطت حركتها العقول استقامت وسارت بها نحو الأهداف المرجوة بإذن الله. واعلمي أنّ (مَن صبر ظفر)، وليكن أملك بالله واطلبي منه أن يهديك إلى الصالح، وقد ورد في الدعاء: (ولعلّ الذي أبطأ عنِّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور). ومن الله التوفيق.

تعليقات

  • ميزان

    الحب الأعمى يعمي العقل و ما يعمي العقل فهو وهم و خيال و ليس حقيقة صادقة و ما بني على الخيال فهو هش و غير راسخ و يتطاير عند أول ريح أو عاصفة أو صدام . و لا أعلم كيف أتيقن من مشاعري تجاه شخص ما قبل أن أمتحنه و أخبر خباياه. و نحن نعلم أن كلنا يجمل نفسه في علاقاته مع الآخرين و بالأخص مع الطرف الآخر. لنبصر بعقولنا و نجلو العمى عن بصيرتنا

ارسال التعليق

Top