• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أولو الألباب وقراءة كتاب الكون

العلامة الراحل السيد محمّدحسين فضل الله

أولو الألباب وقراءة كتاب الكون

مَن هُم أولو الألباب؟

يُراد من التعبير القرآني (أُولو الألباب) أنّ العقل يُمثّل خلاصة العناصر الإنسانية لديهم.

·      أولو الألباب وقراءة كتاب الكون

·      الليل والنهار والتنوّع الزمني

·      العلم لا يصادم الإيمان

·      مَن هم أولو الألباب؟

·      من التفكّر إلى المسؤولية

المنهج القرآني يعتبر العقل هو الحجّة بين الناس وبين الله، وهو الذي يُعرف به الله وحقائق العقيدة، وتُعرف به الحياة، ونتناول في حديثنا الآن الذين يعبّر عنهم القرآن بـ(أُولُوا الألْبابِ) و(الألباب) جمعُ لُبّ، واللُبّ هو العقل، أو ما زكي من العقل، باعتبار أنّه يشبه اللُّبَّ من الأشياء في مقابل القشر، واللُّبَّ يُمثِّل خلاصة الأشياء وجوهرها، باعتبار أنّ كلَّ عناصر ذلك الشيء تتجمّع فيه.. فقد يُراد من التعبير القرآني (أُوْلُوا الألْبابِ) أنّ العقل يُمثِّل خلاصة العناصر الإنسانية لديهم، بحيث تتحدّد مسألة امتلاك الإنسان للعقل؛ لأنّ الإنسان في عمق إنسانيّته وامتدادها إنّما يتطوّر ويكبر من خلال تحريك عقله في كلِّ ما يتوجّه إليه وفي كلِّ ما يعيشه في الحياة.

 

:

وفي القرآن الكريم، يحدّثنا الله سبحانه وتعالى عن (أُوْلُوا الألْبابِ) من خلال حركتهم الفكرية والعملية التي تُمثِّل التزامهم الفكري بالله سبحانه وانفتاحهم على الكون كلّه من أجل أن يستكشفوا أسراره وعناصره ليعرفوا الله من خلاله، ثمّ ينفتحون على الله بعد أن تتجمّع في عقولهم معرفته، ويبتهلون إليه أن يقبلهم ويقرِّبهم.. وهذا ما تحدَّثت عنه سورة (آل عمران) في فصلها الأخير، وهو قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ) (آل عمران/ 190)، حيث يريد الله سبحانه أن يقول إنّه ينبغي على الإنسان أن ينفتح من خلال عقله على المعرفة، فلا يواجه نظام الكون باللامبالاة أو بشكل سطحي، بل يدرس القوانين التي تحكم هذا التوازن، لأنّه سبحانه وتعالى عندما خلق الكون، جعل فيه نظاماً دقيقاً لا يمكن أن يخترقه أيُّ انحراف، وقد قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (القمر/ 49)، وقال: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق/ 3)، وقال: (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ) (الملك/ 3)، فقد جعل الله سبحانه وتعالى النظام الكوني على أساس قوانين دقيقة لا يمكن أن تنفصم أو أن تختلف حتى لو مرّت عليها ملايين السنين، كما أنّه سبحانه وتعالى خلق في حياة الإنسان سُنَناً تاريخيّة، بحيث تحكم حركة الإنسان على مستوى المنهج العام لكلِّ تطوّراته وانحداره، وانتصاراته أو هزائمه بحيث يختلف الناس في المفردات، ولكن لا يختلفون في المنهج، قال تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 62).

لذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى يريد للإنسان أن يُحرِّك عقله ليقرأ في كتاب الكون ويلاحظ كلّ أنظمته وأسراره، وقد أكّد سبحانه على هذه المسألة فيما يمكن أن يدركه الناس من الظواهر الكونية في ما يعيشونه في حياتهم، بما يتطلّعون إليه أو بما يتقلّبون فيه، وذلك بقوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ). فعلى الإنسان، عندما يدرس السماوات، أن يبقى في عملية بحث دائم عن طبيعة هذه السموات من خلال تطوّره الثقافي، وعندما أخذ الإنسان بأسباب ذلك، لاحظنا أنّ النظريات قد تنوّعت في تفسير الظواهر واكتشافها، حتى وصلت إلى الإنسان المعاصر الذي بدأ يكتشف بعض الكواكب ويحاول أن يستكمل اكتشافه للأرض في كلِّ جوانبها وكلّ مواقعها وما تختزنه من قوانين قد تنتج الزلازل والبراكين والفيضانات والعواصف، وقد تنتج البحار والأنهار والجبال.

والإنسان بعقله المتحرِّك الذي يبدأ بالخيال العلمي على أساس احتمال وجود شيء ما من خلال ما تطلّع إليه، ثمّ بالبحث عنه، فإنّه يلتقي بشيء جديد وقد لا يلتقي، ولكنّ العقل يبقى في حالة مستنفرة تدفع الإنسان إلى البحث، وإذا لم يصل إلى نتيجة، فإنّه يدفعه إلى تطوير الوسائل وتطوير حركة العلم من خلال دراسة العلم الذي وصل إليه مَن سبقه.

 

الليل والنهار والتنوّع الزمني:

ثمّ يتعرّض الله سبحانه لمفردة ثانية يوجّه العقل للتفكّر في مظاهرها وأسرارها، وفي اختلاف الليل والنهار، وذلك قوله: (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ): فنحن نعيش الليل لنسكن فيه، ونعيش النهار لنعمل فيه، ولكنّنا نلاحظ عند تنوّع الفصول أنّ الليل ينقص تارة ليزيد النهار، وأنّه يزيد تارةً أخرى لينقص النهار، ويتساويان في بعض الأوقات، فكيف ذلك؟ ولماذا هذا التنوّع؟ وكيف بقي هذا النظام يحكم الكون كلّه مع اختلاف الأوضاع المناخية؟ فهل يكون ذلك صدفة؟ وهل كان هذا – كما يقول البعض – كإنسان يأخذ محبرة ويلقيها على الحائط، فتخرج لوحة مبدعةٌ؟.. والفارق أنّ هذه اللوحة لا تتكرّر، في الوقت الذي يمثّل فيه الليل والنهار اللوحة الزمنية التي تظلّ تنتج الزمن، ولكنّها تبقى في خطّ واحد. والقرآن الكريم عندما يركّز على هذه المفردات، فإنّما يركّز على النموذج، في حين أنّ كلّ ما في الكون هو آية تدلّ على الله، وعلى الإنسان أن يكتشفها بالدرس والتأمّل والتجربة.

 

العلم لا يصادم الإيمان:

ولابدّ هنا أن نشير إلى حقيقة، وهي أنّ بعض الناس يتوهّمون أنّ العلم ضدُّ الإيمان، وأنّ الإنسان كلّما ازداد علماً كلّما قلّ إيمانه، وكلّما كان جاهلاً كلّما زاد إيمانه. ولكنّ الله سبحانه وتعالى يُعرَف من خلال عظمة الأسرار الكامنة في خلقه، والتي تقول – بمنطق العلم – إنّه لابدّ لهذا الكون من إله حكيم قادر عليم مهيمن على الأمر كلّه، وكما قال الشاعر:

فوا عجباً كيف يُعصى الإله *** أم كيف يجحده الجاحدُ

وفي كلّ شيء له آيةٌ *** تدل على أنّه واحدُ

 

مَن هم أُولوا الألباب؟

إنّ أولي الألباب هم الذين تشرق قلوبهم وعقولهم بنور الله في حقيقة المحبّة لله وللناس، وتتحرّك الحياة وتُشرق من خلال الخطّ المستقيم الذي يبدأ من الله وينتهي إليه، ولذلك فعندما يأخذون علم الكون وينفتحون على بعض أسراره، فإنّهم يخضعون ويخشعون لخالق الكون، وبأنّه وحده هو الوجود الأصل، وأنّ كلَّ ما عدا الله بمثابة الصدى أو الظلّ لوجوده، ولذلك فإنّهم – (أُوْلُوا الألْبابِ) – ينطلقون في عبادة الله سبحانه في ابتهال وذكر، لأنّ قلوبهم امتلأت عقلاً وعاطفةً بحبّ الله.

كما حدّثنا سبحانه عن علاقة المحبّة لدى المؤمنين في الفرق بين الناس وبين الله، فقال في كتابه: (النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (البقرة/ 165)، فالمؤمنون لا يحبّون أحداً كما يحبّون الله، ولا يقتربون من حبّ أحد كما يقتربون من حبّ الله، بل إنّ حبّهم للناس يكون من خلال حبّهم لله، كما قال الإمام محمّد الباقر (ع): "من كان وليّاً لله فهو لنا وليّ، ومَن كان عدوّاً لله فهو لنا عدو"، حتى أنّ الله سبحانه وتعالى أراد للنبيّ (ص) أن يخاطب المؤمنين: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران/ 31). فعندما تريدون أن يكون الحبّ بينكم وبين الله من جانبين، فإنّ حبّكم لله الذي ينطلق من الإحساس بعظمته، يتمثّل في الخطّ الذي يريد سبحانه وتعالى لكم أن تتّبعوه، وهو خطّ الرسالة، وهو الذي نستحقّ حبّ الله من خلاله. إذاً (أُوْلُوا الألْبابِ) هم الذين استطاعوا أن يكتشفوا عظمة الله سبحانه من خلال خلقه، هم الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، وهم الذين يعيشون الحضور لله بحيث لا يرون شيئاً إلّا ويرون الله معه، كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) قوله: "ما رأيتُ شيئاً ورأيتُ الله خلفَه"، يعني أنّه عندما يتطلّع إلى الناس وإلى ما حوله، فإنّه يرى أنّ كلَّ هذا الوجود من الله سبحانه وتعالى ومن مظاهر عظمة الله، لأنّه هو الذي خلق وسوّى.

 

من التفكّر إلى المسؤولية:

في هذه الفقرات من سورة آل عمران، يبيّن القرآن الكريم النتائج التي حصلت لأولي الألباب من خلال حركة التفكّر في كتاب الكون وانعكاساتها على علاقتهم مع الله سبحانه. قال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ) (آل عمران/ 191)، فهم يتفكّرون في خلق السماوات والأرض، فيرون الجدّية والعمق والحكمة والهدف الذي لابدّ أن ينتهي إليه الإنسان في الحياة: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون/ 115)، لأنّ هناك حكمة في خلق ذلك كلّه.. فبعد أن تأمَّلوا وفكّروا، أدركوا عظمة الله سبحانه فخضعوا له، وتحدّثوا معه حديثَ الفكر (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ)، فكلمة (سُبْحانَكَ) تعبِّر عن التعظيم والتنزيه لله سبحانه، فكلّما قرُبنا إليك – يا ربّ – وآمنا بك – يا ربّ – وعظّمناك – يا ربّ – وعبدناك – يا ربّ.. فإنّ كلّ ما نريده.. (فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). ومن هنا نعرف أنّ المسألة العقلية التي تنفتح على الجانب العقائدي ترتبط بقضية المسؤولية في إظهار العبودية لله سبحانه والالتزام بأوامره ونواهيه، حتى يقينا الله النار ويدخلنا الجنّة.

وهكذا يبدأ (أُوْلُوا الألْبابِ) بالحديث – وهم يناجون الله سبحانه – عن أولئك الذين أنكروا الله وجحدوه، فاستحقّوا الخزي، فأدخلهم الله النار، وفي ذلك قمّة الخزي للإنسان، وفوق ذلك، فإنّه يعيش تحت تأثير سخط الله عليه، وهو ما عبَّر عنه الإمام عليّ (ع) كما ورد في دعاء (كميل): "وهذا لا يكون إلّا عن غضبك وانتقامك وسخطك، وهذا ما لا تقوم له السماوات والأرض. يا سيدي، فكيف بي وأنا عبدك الذليل الحقير المسكين المستكين...".. ويصوّر القرآن الكريم تلك الحالة بقوله: (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (آل عمران/ 192)، وكيف يكون للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والكفر والبغي، فأوقعوها في الخزي والعذاب والسقوط الروحي وهلاك المصير.. كيف يكون لهم أنصار؟ والله هو الذي يعذّبهم وهو الذي يطردهم من رحمته.. فإذا كان الإنسان مطروداً من رحمة الله، فمن ذا الذي يؤمنه من الله؟.. "يا مَن يكفي من كلِّ شيء، ولا يكفي منه شيء".

ثمّ يحاول أولو الألباب التعبير عن مسألة الالتزام بخطّ الإيمان، وما هي الظروف، ومَن هم الذين دفعوا بهم إلى الإيمان في كلِّ تفاصيله.. (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) (آل عمران/ 193)، وذلك كناية عن النبيّ (ص) ومَن سار في خطّ رسالته، ومن دعا إليها، ومن استجاب لها وآمن بالرسول والرسالة من خلال إيمانه بالله، لأنّ هؤلاء فكّروا بعقولهم ولم يحرّكوا غرائزهم التي تقودهم إلى الجمود على ما ورثوه من الأجداد، أو ما تأثّروا به من العادات والتقاليد، ويتعاظم إيمانهم في توسّل المؤمن إلى ربّه في عودته إليه بعد أن أبعدته الذنوب عنه، فيبدأ بالاستغفار والتوبة..

ولذا نحن نقف بين يديّ الله سبحانه وتعالى كمؤمنين، يلتزمون الإيمان ويتحرّكون في خطّه، فإذا كنّا قد أخطأنا يا ربّ، لأنّ النفس أمّارة بالسوء، فإنّك يا ربّ وعدتنا بالمغفرة.. (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ) (آل عمران/ 193)، اجعلنا خالصين لك، وفي خطّ الأبرار الذين عبدوك وأخلصوا لك، وأنْ ننال ما وعدتَ به عبادك الصالحين عندما تأتي آجالنا ونرجع إليك.. (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ) من رضوانك، ومن الجنة التي وعدت بها المؤمنين، (وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، وقد وعدت الذين آمنوا وتابوا وعملوا الصالحات أن تقرّبهم إليك وتظلّلهم برحمتك ولطفك.. وكانت النتيجة أن شعروا بالسعادة عندما استجبت لهم – كما ذكرت الآية الكريمة –: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) (آل عمران/ 192-195)، فكلُّ من عمل عملاً خالصاً لله، سواء كان ذكراً أو أنثى، مهما كانت نوعية العمل وطبيعته، فإنّ الله يعطي لكلٍّ ثوابه (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (آل عمران/ 195)، في كلِّ هذا الوجود وما يرتبط به الناس بعضهم ببعض.

ويختم الله سبحانه وتعالى هذا الفصل بالحديث عن الذين تحمّلوا المعاناة والمأساة في إيمانهم وفي جهادهم، فقال: (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) (آل عمران/ 195)، وهم الذين هاجروا من ديارهم تحت ضغط الكفر، لأنّهم قالوا ربّنا الله وتحمّلوا الأذى في سبيل الله وجاهدوا في حرب الحقِّ ضدّ الباطل وقاتلوا واستُشهدوا...

 

لا قيمة للعلم بلا عمل:

ومن خلال ذلك كلّه نخرج بنتيجة، وهي أنّ معنى أن يكون الإنسان عاقلاً، أنْ يندفع ليأخذ العلم لينفتح على معرفة الله وعلى المسؤولية، وليقود العلم إلى العمل، لأنّه لا قيمة للعلم بدون عمل، لأنّ العمل هو الثمرة للعلم، ولذلك عندما انطلق (أُوْلُوا الألْبابِ) في تفكيرهم وفي بحثهم، فقد انفتحوا على الله وخضعوا له وناجوه سبحانه، فأعطاهم في ذلك كلّه (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين/ 26).

 

المصدر: كتاب العقل في القرآن الكريم

ارسال التعليق

Top