• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإعلامي وفن الإتيكيت

الإعلامي وفن الإتيكيت
   "الإتيكيت" هو فن من فنون التعامل والتواصل مع الغير، وينبغي على الإعلامي أن يتحلى "بالإتيكيت" سواء مع مدرائه وزملائه في العمل أو مع جمهوره، والإتيكيت مفيد في العلاقات العامة، واتقان قواعده وآدابه يساعد الإعلامي في جميع المجالات؛ ويشمل هذا الفن آداب الحديث، وآداب الجلوس على المائدة، وطرق التعامل مع الآخرين في اللقاءات والحفلات والمناسبات. والإعلامي الناجح هو الذي يستطيع أن يعرف أصول السلوك الخاصة بكلِّ مجتمع، فلكلّ مجتمع عاداته وتقاليده وقواعده، واحترام الإعلامي للتقاليد والعادات دليل على ثقافته وتحضره، ودليل على حسن استخدامه للباقة والمجاملة والدبلوماسية. وكلمة (إتيكيت) لفظة فرنسية تعني ملصقاً على وعاء أو كتاباً يدل على محتوياته أو معلومات عن صاحبه، ثمّ أطلق هذا الاسم على بطاقات الدعوة في القصور الملكية الفرنسية للتقيد بالتعليمات الواجب اتباعها عند مقابلة الملك وكبار الشخصيات، وفي الحفلات الرسمية، وتدل الكلمة على الآداب الاجتماعية وقواعد السلوك التي وضعها ملوك أوروبا بأدق تفاصيلها، وهناك قصة تحكي أنّ الملك لويس الثالث عشر زار أحد وزرائه ويدعى (ريشيليو) الذي كان يعاني من مرض ألم به وكان مستلقياً على سريره، فدخل عليه الملك فكان الموقف محرجاً، إذ إنّ قواعد الإتيكيت تقضي عدم بقاء الوزير مستلقياً في حضرة الملك، وحدث أمر غريب فقد استلقى الملك بجانب وزيره وأزال بذلك حرج الموقف.

وينبغي على الإعلامي أن يعرف قواعد الضيافة، فالإنسان بشكل عام اجتماعي بالفطرة، وتتجلى مظاهر هذه الفطرة في العلاقات الاجتماعية والتي تدخل الضيافة في أهم مقوماتها. والإعلامي الناجح هو الذي يعطي للضيف مكانة عظيمة، ويجود على ضيفه بالمديح والكرم، فالبخل من الصفات غير المرغوبة في أصول الضيافة، ومن أبسط أمور الضيافة الابتسامة واللطف ورشاقة الحركة، كذلك يجب احترام الوقت والحضور قبل الموعد، فلا يعقل أن يدعو الإعلامي شخصية مرموقة لإجراء مقابلة صحفية مثلاً ثمّ يأتي بعد حضور الضيف بربع ساعة.

والإعلامي الناجح هو الذي يستطيع اتقان قواعد وآداب الحديث، وأن يتمكن من تفاصيل الكلام العديدة، فعليه أن يتجنب الحديث عن نفسه أو عن الآخرين. وعليه أن يفسح المجال لضيوفه بالتعبير عن رأيهم ويمنحهم الفرصة للمشاركة في الحديث، وعليه أيضاً أن يتأدب في الإصغاء، فلا يقاطع المتحدث أثناء حديثه بل ينتظر حتى يكمل كلامه كي لا تتشتت أفكاره، وأن يتجنب الاستغراب أثناء حديث الآخرين. ومن الأفضل أن يحدث ضيوفه بأمور يرتاحون لسماعها، فلا يغضب أمامهم أو يتصرف تصرفاً غير لائق في حضورهم؛ فالابتسامة أمر أساسي في فن الإتيكيت، وعليه أن لا يكثر من النظر إلى ساعته حتى لا يشعر الضيوف بثقلهم. ومع ذلك فعلى الإعلامي أن يهتم اهتماماً كبيراً بقواعد السلوك لكلِّ مجتمع، فمثلاً إذا أجرى مقابلة مع أحد الأشخاص من أوروبا فينبغي أن يعلم أن هناك قواعد خاصة بالأوروبيين كرفع القبعة للتحية، بينما في وسط الصين مثلاً يتم الانحناء قليلاً للتحية. ومن آداب الطعام والجلوس على المائدة في أوروبا أيضاً عدم إصدار الشخص أصواتاً عند المضغ، بينما في الإسكيمو فإنّ من آداب الطعام التذوق بصوت عالٍ واستساغة الطعام والتلذذ به. وفي بعض المجتمعات هناك أمور غريبة تستخدم في المجاملات؛ فمثلاً في إقليم "التيبت" فإنّ حسن السلوك يقتضي مجاملة خاصة وهي مد اللسان عند مغادرة الضيف، والمقصود بهذه المجاملة إبداء إعجابهم بزيارة الضيف وحديثه. ومن الأمور الغريبة أيضاً في إفريقيا أنهم يسألون عن صحة الزائر بعبارة "كيف التعرق؟" ومرجع ذلك أنّ أفريقيا معروفة بكثرة أمراض الحمى، والمعروف أنّ المصاب بالحمى يصاب بجفاف الجسم، والتعرق دليل على عدم جفاف الجسم بمعنى أنّ الضيف بصحة جيدة. وفي مجتمعات أخرى في الشرق الأقصى يأكلون بصمت رهيب ويعتبرون أنّ الكلام على مائدة الطعام شيء مقزز وغير مهذب. بينما نجد في مجتمعات أخرى أنّ الكلام على المائدة من السلوكيات المرغوبة. كما أنّ هناك قواعد للتحية خاصة بكِّل مجتمع، ففي الخليج مثلاً وخاصة عند البدو يعتبر السلام بالأنف أمر لائق ومرغوب، وفي حين نجد عند بعض الشعوب أن تقبيل الوجنتين والرأس هو الشائع، وشعب الإسكيمو يتبادل التحية بحك الأنف، وفي بعض الدول الأخرى يعد تقبيل اليد أمراً هاماً للدلالة على الاحترام؛ وعلى الإعلامي وخاصة إذا كان مراسلاً أو موفداً أو مبعوثاً إعلامياً إلى أحد المجتمعات أن يطلع على عادات وتقاليد وثقافة المجتمع الذي يعمل فيه ليفهم أصول التعامل مع الناس.

كما ينبغي على الإعلامي أن يجيد قواعد التعامل مع الجنس اللطيف، ففي المجتمعات المتحضرة تعطى الأولوية للمرأة قبل الرجل في السير والخروج والدخول والحديث والضيافة والطعام، ودلالة ذلك أنّ المرأة مخلوق ناعم ولطيف، رغم ذلك فإنّ لكلِّ مجتمع خصوصيته، أمّا في بعض المجتمعات النامية فإنّ المرأة تتبع الرجل وتمشي خلفه باعتبارها بحاجة إلى حماية الرجل ورعايته.

 

المصدر: كتاب كيف تحقق النجاح في المجال الإعلامي

ارسال التعليق

Top