• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السلوك الأمثل لمعالجة الأزمات المالية

السلوك الأمثل لمعالجة الأزمات المالية

◄هناك طريقتان لعلاج الأزمات المالية كلاهما يقود إلى كارثة: طريق التجاهل التام، وطريق الذعر الحاد.

طريق التجاهل:

إذا تعاملت مع الواقع باعتبار أن شيئاً لم يكن فسيصيبك أكبر قدر من الضرر. ربما كانت شركتك أو بلدك أو صناعتك واقعة جغرافياً أو نفسياً في المنطقة الأقل تضرراً من الكارثة، ولكن هذا لا يعني أنّها لن تطولك. ربما لا تكون قد تأثرت بشكل مباشر بالأزمة، ولكن من المؤكد أن عدداً من عملائك قد تأثر بها.. فإذا قرر هؤلاء العملاء خفض نفقاتهم فستتأثر، وربما يكون عدداً من مورديك قد تأثر بها، وهذا سيؤثر على قدرتهم بالوفاء باحتياجاتك منهم، وربما يكون عدداً من منافسيك قد تأثر، فدفعه هذا التأثر إلى خفض الأسعار أو تأجيل الدفع... فكسب ميزة تنافسية لا تستطيع أن تجاريه فيها، وهذا كله سيصيبك بالضرر.

طريق الذعر:

وكذلك إذا تصرفت بتهور وانتابتك - كما حدث مع مئات الشركات الأخرى - حمى تخفيض النفقات أو الاستغناء عن الموظفين أو إيقاف خطط التطوير. إذا استمرت الشركات في التفكير بهذه الطريقة فإن الخسارة ستكون كارثية، وعلى أصحاب العمل أن يفكروا بقدر أكبر من الروية، وعلى رجال الإعلام أن يتسموا بقدر أكبر من المسئولية. في مقالة لتوماس فريدمان أسرف فيها في التشاؤم حتى أنّه كتب أنّه همّ بأن يقوم إلى مجموعة من الشباب يأكلون في مطعم ويخاطبهم قائلاً: "كلوا في بيوتكم فغدا لن تملكوا ثمن هذا العشاء، وقال لهم: اطلبوا من النادل أن يجمع لكم بقية الطعام، فغداً لن تجدوا في بيوتكم ما تأكلونه". إنّ أثر مثل هذه الرسائل كارثي، وإذا استجاب لها أصحاب الأعمال فخفضوا العمالة خوفاً من المستقبل فهذا يعني أنّهم يقتلون أنفسهم بأنفسهم. ولو فكر صاحب العمل بهدوء لوجد أن ما سيقوم بتوفيره من رواتب العاملين خلال فترة الأزمة أقل بكثير من الخسارة التي ستتكبدها شركته بسبب انخفاض ولاء زملائهم، وسيضطر إلى دفع أضعاف أضعافها لاستعادة الكفاءات التي خسرها خلال الأزمة، وخسر ولاءها وخسر معرفتها التي تكونت عبر السنوات.

إذن ما هو السلوك الرشيد في التعامل مع الأزمة؟

ليست هناك وصفة جاهزة ولكن هناك مبادئ عامة، ونصائح عملية.

فيما يخص المبادئ، فإن القاعدة الذهبية هي: لا تتمادى في التجاهل، ولا تبالغ في التخوف. وتعامل بأكبر قدر من الحساسية والوعي وسرعة الاستجابة. وتخل عن كلّ أشكال الاسترخاء والترهل وتأجيل القرارات الحاسمة. هذا يجب أن يتم فوراً كوقاية أولية، وبعد ذلك:

اصرف غاية جهدك وأنفق معظم وقتك في البحث عن طرق إبداعية للخروج من الأزمة ليس بأقل قدر من الخسائر، ولكن بأكبر قدر من المكاسب. وكما يقول هانيبال القائد العسكري المظفر: "إبحث عن طريق، فإذا لم تجد اصنع واحداً".

ستوفر لك الأزمة غطاء جيداً لاتخاذ العديد من القرارات الصعبة والضرورية التي تأخرت أو تأثر اتخاذها ببعض المواقف العاطفية. كما ستوفر لك الأزمة جواً مهيئاً لطلب المزيد من الانضباط والجدية من موظفيك، وسترفع قدر الشعور بالمسؤولية لديهم، وهو ما يعني تخليهم وبشكل فوري ونهائي عن كافة أشكال السلبية والتهاون والاستهتار والإسراف.

يقول الكاتب الإنجليزي ماكس ماكوين: "يا له من شيء مؤسف أن تأتينا فرصة عظيمة مثل الكساد.. ثم نضيعها".►

ارسال التعليق

Top