• ٢٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أهمية الوقوف على عيوب النفس

أهمية الوقوف على عيوب النفس

◄"يتصف الإنسان- بشكل طبيعي- بحب الذات ولا يرغب في أن يرى في نفسه نقصاً، أو عيباً، أو ذنباً. وحتى عندما يرتكب المعصية في العلن، فهو يختلق لنفسه المبرّرات ويحاول إقناعها بأنّه يمتلك الحق في هذا التصرف، أو عندما يكون غير مطلع على أمر وقد سُئل عنه فهو يحاول الإجابة بشكل لا يشعر معه المقابل بجهله، كي لا يقول صراحة: لا أعلم.

وهذا السلوك يدل على أن الإنسان بطبيعته شديد الحب لنفسه. ولا يود أن يقف على عيوبه. ولذا فعندما يعيبه أحدٌ فإنّ أوّل ما يتبادر إلى ذهنه هو أن هذا الشخص يكذب وأنني بريء من هذا العيب. فكثيراً ما توجد في المرء عيوب تكون غائبة عن باله؛ لأنّ من جملة حيل النفس- التي تُعدّ موجوداً عجيباً إلى أبعد الحدود- هي سترها لعيوب الإنسان ونقائصه حتى عن نفسه، فهي أحياناً تجعل الأمر مشتبهاً على الإنسان نفسه  فتُظهر نفسه له بشكل لا يُصدّق معه أنّه إنسان سيئ. ومن هنا يقول أبوجعفر الباقر (ع): "فكر فيما قيل فيك"، أي : إن وجود هذا العيب فيك أو عدمه مبهم بعض الشيء حتى بالنسبة لك، وقد لا تصدق بوجوده من دون تفكير وتأمل، فإنّ الكثير من الرذائل كالحسد، والتكبر، والأنانية موجودة، وإن كانت بمراتب ضعيفة، عند كثير من الناس لكنّهم غير مصدّقين بذلك".

إن ضرورة التفكّر للوقوف على عيوب النفس، يحتم علينا ويوجهنا للسير برحلة البحث في كتاب الله تعالى ويوصلنا إلى قوله سبحانه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا) (النساء/ 49)، فال الراغب الأصفهاني: "أصل الزكاة النمو الحاصل من بركة الله تعالى- إلى أن قال -: وتزكية الإنسان نفسه ضربان: أحد هما: بالفعل وهو محمود، وإليه قصد بقوله: قد أفلح من تركى، والثاني بالقول كتزكيته لعدل غيره، وذلك مذموم أن يفعل الإنسان بنفسه، وقد نهى الله تعالى عنه فقال: لا تزكوا أنفسكم، نهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان بنفسه عقلاً وشرعاً، ولهذا قيل لحكيم: ما الذي لا يحسن وإن كان حقّاً؟ فقال: مدح الرجل نفسه".►

 

المصدر: كتاب المبصرون/ سلسلة الحياة الطيبة 

ارسال التعليق

Top