◄هل سألت نفسك: ما هو الميزان الذي يجب أن تزن به مختلف أنشطتك في الحياة؛ هل هو مقدار ما تستهلك، أم مقدار ما تزيد في عملك وإنتاجك؟
لنأخذ الطعام الذي تأكله مثالاً، فإنّنا نجد أنّ الذي ينفع الإنسان منه ويعطيه القوة والطاقة ليس هو ما يأكل الشخص، بل هو ما يهضم منه.
وهذا يعني أنّ ما يزداد فينا هو الميزان وليس ما نستهلك. وكما في الطعام كذلك في الأمور الأخرى، فما يجعل المرء غنياً ليس ما يجنيه، بل ما يوفّره. وما يجعله مثقفاً ليس هو ما يقرؤه، بل ما يتذكره..
وبناء على هذه القاعدة فإنّ ما يجعل الشخص مؤمناً ليس هو ما لدَّعيه، بل ما يؤديه من عمل، يقول ربنا تعالى: (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف/ 3).
إنّ معراجك هو في تقواك، وإنّ علمك في معرفتك، كما أنّ قوتك في استيعاب عضلاتك القوة مما تأكل.
وهكذا فإنّ الميزان ليس هو المقدار الذي تأخذه من الأشياء، بل هو ما تستوعبه ثمّ ترزه على شكل نشاط وإنتاج.
ثمّ إنّ للعمل جانبان: روح العمل، وآليته.
فروح العمل تعتمد على أمور ثلاثة:
الأوّل: الرؤية الصائبة للهدف.
الثاني: معرفة الطريق الصحيح.
الثالث: إتخاذ القرار المناسب.
أما (آلية العمل) فهي تقوم على أمور ثلاثة أيضاً:
الأوّل: وجود إطار مناسب.
الثاني: وجود قنوات سليمة للعمل.
الثالث: التحرك بالحجم المطلوب.
فإذا كانت الرابطة بين روح العمل وآليته سليمة، فإنّ النجاح بلا شك سيكون من نصيب العامل، وإلّا فقد تتعثر الأمور وتتعرقل القضايا ويضيع الجهد، والمشكلة مع الفاشلين قد تكون في فقدان الرؤية الصائبة، وقد تكون في فقدان الإرادة مع توفر الرؤية الصائبة. وقد تكون المشكلة في إطار العمل، أو في قنواته، أو تكون المشكلة في الأداء.
فَمَن رأى خللاً في عمله، فلابدّ أن يراجع نفسه ويحاسبها ويستقصي الأمور، ويحاول أن يكتشف مكان الخلل، إذ أنّنا قد نعالج في الآلية بينما نحتاج إلى علاج الخطأ في الروح.
فالذين لا يملكون الإرادة للعمل لن ينفعهم وجود قنوات سليمة وأُطر مناسبة. لأنّ مشكلتهم كامنة في روح العمل. مثل فقدان الإرادة أو فقدان الرؤية، أو فقدان هدف محدد.. وربما تكون المشكلة في الطريق الخطأ الذي يسلكه الفرد، بالرغم من وجود الروح، وتحديد الهدف، فهو كمن يريد الوصول إلى مكة ولكنه يسلك طريق بغداد.
ومع وجود أي خلل، فإنّ علينا أن ندرس المشكلة لنتعرف على مكمن الخلل، فمن يفتقد الإرادة، ولا يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لن ينفع معه توفر الوسائل اللازمة للنجاح، وإن كان معظم الذين يعانون من الخلل في الروح يعلقون أسباب إخفاقهم على مشجب فقدان الوسائل، فكم من وسائل تراكمت في الإدارات والمكاتب، لكنها بمرور الزمن أصبحت عقبة أمام الإنجازات، وليس وسيلة لتحقيقها.
أمّا مَن يمتلك الإرادة، ولا ينقصه تحديد الهدف الواضح في الحياة، ولكنه يعاني من فقدان الوسائل، فإنّ توفير بعض الوسائل له قد تفيد في تصحيح وضعه تماماً.
وعلى كلِّ حال، فإنّ من لديه التصميم على النجاح فهو مهما خسر من الفرص فهو يتهيأ لاقتناص فرص أخرى.
وما أكثر الفرص المتاحة التي تذهب مع الريح، لا لأنّ الناس غير راغبين في اقتناصها، بل لأنّهم لم يخططوا للاستفادة منها. فالتخطيط المسبق جزء من الآلية المطلوبة للنجاح.
إنّ الأقدار تساعد أولئك الذين يمتلكون روح العمل، ويسعون بجدّ لامتلاك وسائل النجاح.
فلكي تنجح أنت بحاجة إلى اتباع الخطوات التالية:
أوّلاً: حَدِّد الهدف الذي تريد الوصول إليه.
ثانياً: إرسم في ذهنك خطة لتحقيق ذلك الهدف.
ثالثاً: ضع تفاصيل تنفيذ الخطة على الورق، ولتكن ضمن إطار (سأعمل هذا العمل بهذه الصورة) بدل أن يكون الإطار (سوف أعمله) فقط.
رابعاً: كن متحمساً لانجاز خطتك.
خامساً: إستشر الخبراء الذين تثق بهم.
سادساً: قم بقياس مدى تقدمك على ضوء الخطة التي وضعتها، وانظر إلى الوراء بين فترة وأخرى، لترى كم قطعت من المسافة لتنفيذ الخطة.
سابعاً: لا تحاول تنفيذ الخطة دفعة واحدة، بل اجعلها خطوات متتابعة.
ثامناً: إعط كلَّ جزء من الخطة حقه من النشاط والعمل، بشكل متساو مع بقية الأجزاء. والمطلوب قبل كلّ ذلك ومعه وبعده طلب التوفيق من الباري عزّ وجلّ إذ بدون ذلك لا مجال للنجاح.
كما أنّ عدم التأجيل أيضاً ضروري. وبمثل هذه الخطة يكون لديك (ميزان) تستطيع أن توزن به الأشياء، وتقدر مختلف الأمور.►
المصدر: كتاب كيف تستخدم طاقاتك؟
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق