عمار كاظم
حُدد 25 نوفمبر من كلّ عام كيوم للقضاء على العنف ضد المرأة. وفي 17 ديسمبر 1999 عدت الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، حيث دعت الأمم المتحدة الحكومات، المنظمات الدولية والمنظمات الغير حكومية لتنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول مدى حجم المشكلة في هذه الاحتفالية الدولية. لكن ديننا سبق كلّ المنظمات والمؤسسات بدهور.. فالإسلام دين عظيم، يكرّم الإنسان ويعلي منزلته، وقد أكرم المرأة أيَّما إكرام، وأنقذها من الجاهلية، التي تئد البنات وهنّ صغيرات. وفي هذا العصر كَثُرَ الحديث عن العنف ضد المرأة.. فالعنف ضد المرأة من الظواهر الاجتماعية التي نحتاج إلى الحديث عنها؛ ذلك لأنّ هذه القضية لها منظوران، العنف ضد المرأة بمفهوم الإسلام، والعنف ضدها بمفهوم غربي، ولابدّ من توضيح أنّ الله أكرم المرأة ورفع شأنها وأعلى قدرها، وكفل لها من الحقوق ما لن تجده في أي ملّة أخرى، ففي الإسلام المرأة مقدرة إن كانت أُمّاً أو زوجة أو بنتاً، فالنبيّ (ص) مثلاً نهى عن ضرب المرأة، وقال عن الضارب للمرأة: "لقد طاف بآل محمّد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم". ولم يُعهد عنه أنّه ضرب امرأة ولا بنتاً ولا خادماً، وكان عليه الصلاة والسلام يحسن إلى المرأة في المال والأخلاق والعواطف والتعامل وغير ذلك. وإذا كان الظلم محرماً فهو في حقِّ القرابات أشد وطأة ومضضاً، وحين يمارس على المرأة التي فطرها الله على الضعف فهو أشد وأسوأ. وهناك في المجتمع صور من العنف المحرم ضد المرأة، فمنها القسوة في المعاملة؛ بالضرب تارة، وبالحبس والحرمان من الحقوق، والتجني في الألفاظ، والأذى في الأبدان، وحتى التخويف والإذلال، نوع من العنف ضد المرأة، وهو طبعٌ لا يفعله كريم. وقد أنكر النبيّ (ص) على مَن رفع يده على امرأة، وقال ليس أولئك بخياركم، فليس بكريم مَن أكرمه أُناس بابنتهم ثمّ استغل ضعفها فتطاول عليها... نعم الضرب في الإسلام للزوجة له حد، حين تتعذر كلّ الطرق للإصلاح، ويكون غير مبرح؛ للتأديب لا للإيلام. وإذا كان نبينا (ص) أخبر عن دخول امرأة النار بسبب هرة حبستها، فكيف بمن يحبس امرأة عن أهلها أو أطفالاً عن أمّهم المطلقة، فلا هم يرونها ولا هي تراهم. ومَن نظر في الآيات وأحاديث النبيّ (ص) وجد كثيراً مما يحفظ للمرأة حقها، فمثلاً "ولهنّ مثل الذي عليهن بالمعروف"، "خيركم خيركم لأهله"، "ومن أحسن إلى البنات كان ذلك ستراً له من النار"... هذا دين الإسلام وشرعته الصافية التي أغلقت كلّ منافذ العنف ضد المرأة. العنف ضد المرأة ما نشأ إلّا عن جهل بالحقِّ الشرعي، ويبقى الدور في العلاج يتحمله أكثر من جهة. فالتوجيه منذ الدراسة مهم في هذا الأمر، وتواصل المدرسة مع الأبناء والبنات وتلمس الحاجات مما يعين ويخفف. ولوسائل الإعلام دور مهم جدّاً في التوجيه، والأهم من ذلك القضاة الذين لهم دور في الحزم مع من يصدر منه مثل هذا التصرف، وعدم تأخير البت في قضايا العنف. والتوعية من قبل الخطباء. وتذكير الرجل بأنّ له بنات وهو لا يرضى الظلم عليهنّ، ورجال الناس كذلك، فأحب للناس ما تحب لنفسك. فحقّ الحياة لكلّ إنسان.. قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ) (الأنعام/ 151)، (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير/ 8-9)، فهي في هذا الحقّ كالرجل سواء بسواء، بل الوصية بها أقوى وآكد. وحقّ الكرامة والآدمية.. قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (الإسراء/ 70)، وقد شمل هذا الزوجين "الجنسين" البشريين (الرجل والمرأة) سواء بسواء، بل إنّ الإسلام جعل حقّ الأُم مقدماً على حق الأبّ.. فالمرأة في المجتمع هي المدرسة الأولى التي يتلقى فيها الطفل دروس الحياة وبها يتأثر، ومنها يكسب أخلاقه، وصفاته. فالمرأة تقدم للمجتمع ثمرة يانعة تزدهر كلّ حين لتصنع أمجاد وتقيم حضارات يعتز بها الناس جيلاً بعد جيل. وعلى قدر ما نقدمه للمرأة من مساعدة في رحلتها الشاقة في الحياة... على قدر ما نجد أمامنا أجيالاً تصنع النهضة وتشد الهمم والعزائم لذا وجب أن نساندها جميعاً في كلّ وقت وحين.
ارسال التعليق