قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف/ 28).
قَوِّ إرادتك بالصبر، تواجه الابتلاءات بثبات، فتستثمرها نجاحاً ودرجات في الدنيا والآخرة.
يقول تعالى لنبيه (ص): (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)، اصبر مع المؤمنين الطيِّبين الذين يدعون الله صباحاً ومساءً، وكُن معهم في مواجهة التحديات.
هؤلاء المؤمنون (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)، يريدون التقيد بأوامر الله تعالى، والعمل بما يرضيه. والملاحظ هو الحديث عن الصبر مع الجماعة: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ)، لما له من أهمية خاصة، فالإنسان يتقوّى بالجماعة في مواجهة التحديات، ويتقوّى بهم لتعزيز استقامته في الحياة، ويتقوّى بهم فينصرونه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يجب أن يكون الصبر سمة دائمة وخاصةً في سلوك الإنسان، بالتعاون مع الجماعة الصابرة، فإذا أخطأ بعضهم سدّده الآخرون وأعانوه، فهم جماعة واحدة، لهم أهداف واحدة، وقضايا واحدة.
(وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، لا تتركهم وتنصرف إلى زينة الحياة الدنيا الفانية، فالصبر مع الجماعة المؤمنة منجاة، وفوائده أعظم بكثير من ملذات الحياة الدنيا.
(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)، لا تطع الذين ابتعدوا عن ذكر الله تعالى، واتبعوا أهواءهم وسلكوا المنهج المادي النفعي الآني، هؤلاء غافلون وبعيدون عن المنهج الإلهي، وهذا ما أوصلهم إلى المزالق والمهاوي، (وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)، وحصدوا الضياع والانحراف والخسارة والعقاب.
هذا التوجيه للنبيّ هو توجيهٌ لنا كمؤمنين، فالنبيّ (ص) لن يتبع الحياة الدنيا، ولن يطيع الغافلين عن ذكر الله، ولن يكون في الاتجاه الآخر، فهو مع المؤمنين الصادقين، في مواجهة المتكبرين المتجبرين الذين لا يؤمنون بالله تعالى ولا يطيعونه، فالتوجيهُ بالصبر محورُ القوة التي يتأسس عليها نجاح المؤمنين في الامتحان، مع الجماعة المؤمنة في طاعة الله تعالى، وفي مواجهة الذين يتبعون أهواءهم والانحراف والتحديات.
الصبر هو الدعامة الأساسية لمواجهة مغريات وزينة الحياة الدنيا، ومواجهة هوى النفس وأحابيل الشيطان ووسوساته، ومواجهة الظلمة الذين يملكون السلطة والمراكز والمناصب، ومواجهة الأعمال المنكرة والمعاصي. الصبر يعطيك قوة إضافية، والقدرة على الصمود والفوز، ويزداد قوة وثباتاً مع الجماعة، فمع الصبر والجماعة تكون أقوى وأفضل، فتحقق الفوز.
1- ماهية الصبر:
سأل النبيّ (ص) جبرائيل (ع): "يا جبرئيل! فما تفسيرُ الصبر؟ قال: تصبرُ في الضرّاء كما تصبرُ في السرّاء، وفي الفاقة كما تصبرُ في الغنى، وفي البلاء كما تصبرُ في العافية، فلا يشكو حالَهُ عند المخلوق بما يُصيبه من البلاء".
الصبر أن تصبر على ضرر المصيبة أو البلاء الذي نزل بك، كما تصبر عند الفرح، فلا يُخرجك فرحك عن طاعة الله تعالى، ولا تغتر به أو تنجذب إليه. الضرّاء بحاجة إلى صبر، والسرّاء بحاجة إلى صبر، وسواء حَدَثَ ما يُحزنك أو حَدَثَ ما يُسرك، ابقَ متوازناً وصابراً على كلّ حال، وتعامل مع السرّاء والضرّاء بالتساوي، فلا تغيِّر حالك وتماسكك، واعمل على هذا الأمر بتربية وتدريب نفسك وتهذيبها لتتحكم بانفعالاتك وخياراتك.
تصبر في الفاقة كما تصبر في الغنى، وفي البلاء كما تصبر في العافية، ولا تشكو إلّا لله تعالى، لأنّ الشكوى للمخلوقين مذلّة، فهم عاجزون عن تغيير قضاء الله وقدره، وليس بيدهم حيلة ولا حلّ، فالشكوى إليهم بلا نفع، بل قد تسبِّب لك أضراراً كثيرة، خاصة إذا ما زادوك شكوىً ويأساً ومراراً وضعفاً. والأخطر أن تعبِّر الشكوى عن الاعتراض على الله تعالى! اصبر وتحمَّل يأتك الفرج ولو بعد حين.
عن أمير المؤمنين عليّ (ع): "والصبرُ في الأُمُور بمنزلة الرّأس من الجسد، فإذا فارق الرّأس الجسد فَسَدَ الجسدُ، وإذا فارق الصبرُ الأُمُور فَسَدَتِ الأُمُورُ"، فكما أنّ الرأس يدير الجسد، فالصبر يوجِّه حياة الإنسان نحو التحمل والتعايش مع الأزمات، والعمل لتجاوزها، وإلّا فلن يرى شيئاً جميلاً في هذه الحياة الدنيا، ويعيش اليأس والإحباط والمرارة والألم، فمع الصبر تختلف نظرته إلى الحياة.
وعن رسول الله (ص): "الإيمان نصفان: نصفٌ في الصبر، ونصفٌ في الشكر"، أمّا الصبر فيساعد على تجاوز العقبات، وأمّا الشكر فيربط بمصدر العطاء والنعم، ويؤدي التكامل بين الصبر والشكر إلى حالة من السكينة والتسليم داخل النفس الإنسانية.
وعن رسول الله (ص): "الصبر رضا"، بما قسم الله تعالى لك وبما ابتلاك، فترضى إن أعطاك مالاً كثيراً، وترضى إن حرمك، ترضى إن ابتلاك بصحتك، وترضى إن سلّمك، ترضى بما قسم الله تعالى لك، إذ لا قدرة لك على تغيير القضاء، ولكن يمكنك أن تدعو الله تعالى وتسأله دفع البلاء، وقضاء الحاجة، وسعة الرزق، والصحة والأمن، والعون في الملمات، مسلِّماً لما قضى وقدّر.
2- أقسام الصبر:
قال رسول الله (ص): "الصّبر ثلاثَةٌ: صبرٌ عند المصيبة، وصبرٌ على الطاعة، وصَبرٌ عن المعصية".
الصبر عند المصيبة: المصيبة خسارةٌ وألمٌ ومرارةٌ وصعوبةٌ، تتطلب صبراً لتحمل تبعاتها.
والصبر على الطاعة: الطاعة تتطلب إرادةً وجهداً للقيام بها، فالالتزام بالصلاة بشكل صحيح، وخصوصاً إقامة صلاة الصبح في الطقس البارد، والعبادات بشكل عام، بحاجة إلى صبر، وإعطاءُ حقوق الناس بأداء الدّين في وقته مع أثر ذلك على رأسمال تجارتك، والاعتراف بحقّ الآخر في مشكلة واجهتك مع ضررها عليك... بذلٌ يحتاج إلى صبر، وتربيةُ أولادك تربية صالحة وما يكتنفها من صعوبات بحاجة إلى صبر، وتنفيذ أوامر الله تعالى والانتهاء عن نواهيه يتطلب إرادة للالتزام بها وتحتاج إلى صبر.
والصبر عن المعصية: المعصية جذابة، فزينة الحياة الدنيا جذابة، والإغراءات الموجودة فيها جذابة، عليك أن تمتنع عنها. قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) (النّور/ 30)، بإبعاد أنظارهم عن المشهد المغري المحرم، وهو ما يتطلب صبراً، وهكذا في المعاصي التي تعرضُ أمام الإنسان، فالصبر يساعد على مواجهتها ورفضها مع كلِّ ما تحمله من جاذبية ولذة وهوىً.
لنا قدوة حسنة في النبيّ أيوب (ع) في حجم المصائب التي انصبّت عليه، فقد أُصيب بمرضٍ معدٍ، أبعَدَ أهل البلدة عنه خوفاً من العدوى، ومات كلّ أولاده بهذا المرض، كما ماتت زوجته، فأصبح معزولاً ومنبوذاً من المجتمع، وبالرغم من كلّ الآلام والمعاناة التي مرّ بها، نادى ربه نداء متألماً طالباً منه أن يعينه، (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) (ص/ 41)، لقد صبر أيوب (ع) على المصيبة الكبيرة والقاسية حتى أصبح صبر أيوب مثلاً.
ولنا قدوة حسنة في آل ياسر، فقد عُذّبوا ليعدلوا عن الإسلام، وهم فقراء لا شأنية لهم تحميهم في المجتمع، فهدّدهم الكفار بين ترك الدين والحياة الهنيئة، وبين التمسك به والتعذيب والإيذاء، فاختاروا الصبر على الطاعة، وقد أيدهم رسول الله (ص) في موقفهم وقال لهم: "صبراً آل ياسر، فإنّ موعدكم الجنّة"، فكانت النتيجة القتل في سبيل الله تعالى، وكانت سُميّة أوّل شهيدة في الإسلام.
ولنا قدوة حسنة في النبيّ يوسف (ع) في صبره عن المعصية، فقد جاءته امرأة العزيز تعرض نفسها عليه، مُستخدمة سلطتها وفنون إغرائها، ومراودةً إياه عن نفسها لارتكاب الحرام، وهي قادرة على حمايته من العزيز، ثمّ جمعت النسوة وأدخلته عليهنّ لإثبات أحقية رغبتها، لكنّه أمام معصية كبيرة، تتطلب صبراً كبيراً، دعا ربّه مؤثّراً معاناة السجن على الانجراف في المعصية: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (يوسف/ 33).
3- الصبرُ اختبار:
الصبر مفتاح الإدارة الصحيحة لحياة المؤمن، وهو رأس الإيمان، كما قال الإمام الصادق (ع): "رأسُ الإيمان الصبر"، على أن لا نكتفي بالصبر العادي، بل نطوِّره ليكون صبراً جميلاً، ففي جواب الإمام الباقر (ع) عن الصّبْرِ الجميل: "ذلك صَبرٌ ليس فيه شَكْوى إلى النّاس"، فالناس لا يملكون شيئاً، وليسوا مصدر النعم أو البلاء، فاللجوء إليهم بالشكوى وإظهار الألم والمرارة أمامهم، لن يغير شيئاً من الواقع، بل قد يكون المرء ذليلاً أمامهم في لحظات ضعفه، وإذا أبرز أمامهم أليم مصابه واعتراضه ويأسه فلن يزداد إلّا ألماً ومرارة، ولذا يقتضي الصبر الجميل والشكوى لله بالطلب والدعاء ما يساعد على رفع اليأس والإحباط. وقد دعا الله تعالى رسوله إلى الصبر الجميل، قال تعالى: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا) (المعارج/ 5-7). فيوم القيامة ليس بعيداً، ولك فيه المقام العظيم.
الصبر بوابة النجاح في مواجهة التحديات، فعن أمير المؤمنين عليّ (ع) في نهج البلاغة: "ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد، ويتعبَّدُهُم بأنواع المَجاهِدِ، ويَبتليهِم بضُرُوب المَكاره، إخراجاً للتكبُّر من قلوبهم، وإسكاناً للتذلُّل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبواباً فُتُحاً إلى فضله، وأسباباً ذُلُلا لعَفْوِه"، فالبلاءات طريقٌ يوصل إلى التوفيق والفضل والمراتب العليا، وإلى جنة الله تعالى في نهاية المطاف. البلاءات جزءٌ من الاختبار الدنيوي، ومسارٌ لتقويم الإعوجاج والانحراف، وإيقاظٌ من الغفلة والضلال، وفرزٌ للناس ليعلم الله الصادقين من الكاذبين، ولولا البلاء لأصاب الكبرياء جميع الناس. أغلب الذين توفرت لهم السلطة والمال أصابهم الكبرياء وعاثوا في الأرض فساداً، وإبليس الذي توفّر له الفهم والوعي والعبادة فأصبح طاووساً للملائكة أصابه الكبرياء، فلم يسجد تلبية لأمر الله تعالى لآدم (ع)، فانكشفت حقيقته، ولا كاشف للحقائق إلّا البلاء، ولا مُعين عليه إلّا الصبر.
4- مسارُ الصابرين:
يقول أمير المؤمنين عليّ (ع) في صفة المتقين: "صَبَرُوا أيّاماً قصيرةً أعقَبَتْهُم راحةً طويلةً"، كم يعيش الإنسان في هذه الحياة الدنيا؟ وكم سيكون حجم ابتلاءاته؟ فلو كانت كلُّ حياته اختبارات وابتلاءات، فهي أيامٌ قليلة بمقياس الخلود في الجنة، "بما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر"، كما قال رسول الله (ص)، فاصبر عدة من الأيّام، تحصل على العطاء الإلهي الكبير، (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) (البقرة/ 45).
سُئل الإمام الباقر (ع): ما هي أفضل الأخلاق؟ فقال (ع): "الصبر والسماحة"، فالصابر لديه درجة عالية من الأخلاق، ويملك السماحة في التصرف مع الآخرين، ويعفو، ويسامح، ولا يستعظم الأمور الصغيرة، فمَن ملك الصبر والسماحة ملك الأخلاق العظيمة.
وعن أمير المؤمنين علي (ع): "رَحِمَ الله امرئً... جعل الصبر مطيّةَ نجاتِه والتقوى عُدّة وَفاتِه".
5- نتائجُ الصبر:
نتائج الصبر دنيوية وأخروية. من النتائج الدنيوية التي نحصل عليها جراء الصبر: صرفُ كيد الأعداء: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) (آل عمران/ 120)، وإفشال مخططاتهم، فإذا صبرتم فإنّ مخططاتهم لا تضركم، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا) (الطارق/ 15-16)، فالله تعالى يقف لهم بالمرصاد، وبهذا الصمود والصبر تستطيعون تحقيق الإنجازات العظيمة، وتنتصرون على أعدائكم.
وتأييد الله للصابرين: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال/ 46)، فإذا أردت أن يكون الله تعالى معك دائماً، يُعينك ويُسدّدك ويفتح الطريق أمامك، فكن صابراً.
ورفع الضرر والعسر عن المؤمنين ولو بعد حين، فعن الرسول (ص): "إنّ النصر مع الصبر، والفرج مع الكَرْب، وإنّ مع العُسر يُسراً".
ومن النتائج الأخروية الفوز بالجنة: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت/ 35)، فلا يدخل الجنة إلّا الصابرون، فهؤلاء ذوو حظٍّ عظيم لحصولهم على جنة الله تعالى ورضوانه.
ومن النتائج الأخروية أيضاً: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل/ 96)، ففي يوم الجزاء يعطيك الله تعالى الأحسن بسبب الصبر، فتأخذ عن كلّ عمل من أعمالك نتيجة أحسن الأعمال، وعن الصلاة نتيجة أفضل الصلوات، وعن الصوم نتيجة أفضل الصيام، وهكذا يعطيك الله تعالى عن الابتلاءات بثواب أعظمها وأفضلها، بل (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (النور/ 38)، فلا حدود للربح معه جلّ وعلا.
إنّ الصبر سبيل المكانة العظيمة في الآخرة، فعن الإمام الصادق (ع): "أوحى الله تعالى إلى داود (ع): أنّ خلادة بنت أوس بشِّرها بالجنة، وأعلِمها أنّها قرينتك في الجنة. فانطلق إليها فقرع الباب عليها، فخرجت وقالت: هل نزَلَ فيّ شيء؟ قال: نعم، قالت: وما هو؟ قال: إنّ الله تعالى أوحى إليَّ وأخبرني أنّك قرينتي في الجنة، وأن أُبشرك بالجنة. قالت: أوَ يكونُ اسمٌ وافَقَ اسمي؟! قال: إنّك لأنت هي! قالتْ: يا نبي الله ما أُكذِّبُكَ، ولا والله ما أعرفُ من نفسي ما وصفتني به. قال داوود (ع): أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو؟ قالت: أما هذا فسأخبرك به، أُخبرك أنّه لم يصبني وجعٌ قط نزل بي كائناً ما كان، ولا نزَلَ بي ضرٌّ وحاجة وجوع كائناً ما كان، إلّا صبرتُ عليه، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوِّله الله عني إلى العافية والسعة، ولم أطلب بدلاً، وشكرتُ الله عليها وحمدته. فقال داود (ع): فبهذا بَلَغتِ ما بَلَغتِ. ثمّ قال أبو عبد الله (ع): وهذا دينُ الله الذي ارتضاه للصالحين".
مقام الصبر عظيم، في الدنيا والآخرة، فإنجازاته لمصلحة الصابرين في الدنيا كبيرة، حيث يعيشون السعادة والطمأنينة رغم كلّ الصعوبات والعقبات، ثمّ ينالون جزاءهم الأوفى في جنة الخلد يوم القيامة.
المصدر: كتاب مفاتيح السعادة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق