• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

وداعاً يا رمضان

نقاء الأنصاري

وداعاً يا رمضان
   "تُفتح الستائر عن مائدة مستديرة تتوسطهامقدمة البرنامج وهي تُقلب في أوراقها، وتظهر إلى جانبها أربعة مقاعد خالية".

    المقدّمة: بسم الله الرحمن الرحيم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة/ 185).

    ها هو شهر رمضان يعزمُ على الرحيل، فالسلام عليك يا شهر الله الأكبر ويا عيد أوليائه، السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان، السلام عليك ما اشدّ شوقنا غداً إليك...

    بقلوب حزينة نودع شهراً غُلّت فيه الشياطين وفتحت فيه أبواب الجنة للطالبين.

    ومع هذا الرحيل الذي لابدّ منه، اقمنا هذه الندوة المتواضعة توديعاً لهذا الشهر المبارك، ودعينا فيها من كان له دور في صحبته، وهم كلٌ من السادة الأكابر الشرفاء... كتاب الله المجيد..

    (يدخل رجلٌ بثياب بيضاء حاملاً مصحفاً كبيراً ويجلس على أحد المقاعد).. والسيد الليل الوقور..

    (يدخل رجل مرتدياً ثياباً سوداء جميلة ويجلس إلى جنب القرآن). والسيد الصوم الفاضل..

    (يدخل رجلٌ بثياب خضراء ويجلس في الناحية المقابلة للقرآن).

    أهلاً وسهلاً بالضيوف الكرام...

    نبدأ حديثنا مع الثقل الأكبر مع رسالة السماء إلى الأرض، مع السيد كتاب الله المجيد.

    القرآن: بسم الله الرحمن الرحيم: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عِوجاً".

    أشكركم على هذه الفرصة التي أُتيحت لي لأفتح قلبي فيرى الناس ما فيه من لوعة وحزن.. اعزائي.. أنا موعظة المتقين، أنا النور المبين، أنا الشفاء والرحمة والهدى... أنا بصائر ربّي ورسالته إلى خلقه..

    يا ترى هل تساءل الإنسان مع نفسه ولو لمرة واحدة، ماذا يعني القرآن له، كم آية من آياته البينات عمل بها؟! كم هي المساحة التي تركها في قلبه ليسكن القرآن فيها ويحط رحاله؟!

    لا أطيل الحديث ولا أحب صياغة العبارات الكثيرة، كل ما أريد قوله، أيها الناس، أنا كتاب الحياة.. فمن أراد أن يحيى، عليه أن يتلوني مع كل شهيق وزفير، أن تذوب آياتي في بحر دمائه وتغوص كلماتي في رمال روحه، لا.. لست شافعاً لمن لا أكون، أنا هديه ودليله وأنيسه.

    المقدّمة: شكراً لكم يا سيدي الكريم لحديثكم القيّم... داعين المولى أن نكون من المعتصمين بكتابه.

    والآن ننتقل بحديثنا إلى السيد الليل الجليل، طالبين أن يبين لنا دوره في هذا الشهر الكريم، وبصورة عامة دوره في حياة المؤمن على مدار السنة.

    الليل: الحمد لله الذي أغطش الليل... الحمد لله إذا عسعس الليل، الحمد لله الذي جعل الليل لباساً، الحمد لله إذا أدبر الليل، الحمد لله الذي جعل ناشئة الليل أشدُّ وطئاً وأقوم قيلاً...

    الليل في حياة الإنسان له وقعٌ خاص ويوحي بالسكينة والوقار كما يوحي بالخلوة والإخلاص.. فأنا الذي أفرش سجادة الإخلاص للمنيبين، أنا الذي أحضن آهات المعذبين وأنينهم، أنا الذي تنظر نجومي إلى القائمين نظرة رحمة وجنان لتكتب تقريرها للرب المتعال عن أهل الليل وأحبائه..

    أنا الذي ينتظرني الإنسان ليجمع هموم يومه وساعات نهاره ويضعها بين يديّ ليبدأ بمحاسبة نفسه، فيجمع الصالح وينبذ الطالح وهو يرجو في ذلك رضا المولى وكمال ذاته.

    أيها الناس، أني أحبكم.. وأشتاق إليكم، فأتمنى أن تكونوا كذلك!!

    المقدمة: شكراً يا سيدي الليل العزيز، ونحن أيضاً نتمنى أُمنيتك.

    والآن ننتقل بالحديث إلى السيد الصوم ليتفضل بحديث ينفعنا في دنيانا وآخرتنا.

    الصوم: قال الله العظيم في حديث قدسي: "الصوم لي وأنا أجزي به"، وقال رسول الله (ص): "عليكم بالصوم فأنّه جنّةٌ من النار".

    السلام عليكم أيها الصائمون، صيام الحق لا صيام الجوع والعطش.

    ها هو شهر الصيام يودعكم حتى عام قادم، فيا ترى هل ستوفقون في العام القادم لضيافته أم لا؟ سؤال لابدّ لكل إنسان أن يطرحه على نفسه وهو يودع هذا الشهر المبارك، يا ترى ماذا قدم الصوم له؟!

    أنا واحةٌ عذبة.. مائي كوثر، ظلالي وارفة، خيري عميم... لا أبخل لمن قصدني؟! فبقدر ما يحمل الإنسان من إخلاص، أعطيه وبقدر ما يتلذذ الفؤاد في حبي أجزيه...

    أنا مدرسة كبيرة، فمن قرأ فيها جيِّداً... تعلم وتفوق، ومن لم يفهم الدرس جيِّداً فشل وأخفق!!

    في عقيدتي أنّه يمكن للإنسان أن يكون صائماً في كل أيام السنة، ولا يكون شهر رمضان إلا محطة صغيرة لصوم الجوع والعطش، وطوبى لمن كان صومه سبباً لعتقه من النار.

    المقدمة: شكراً جزيلاً للسيد الصوم على حديثه الجميل، سائلين المولى أن يجعلنا من الصائمين صيام الحق إن شاء الله.

    وفي الختام أحببنا استضافة عزيز آخر حتى تكتمل باقة زهورنا لهذا اليوم، فمع ضيفنا الجديد وأهلاً وسهلاً بالعيد...

    (يدخل العيد بثياب زاهية، فيرحب به الجميع).

    أهلاً وسهلاً بعيد... مرحباً مرحباً بالعيد.

    العيد: شكراً لكم أيها الأعزاء... عندما طلبوا مني الحضور والمشاركة في ندوتكم هذه، أحسست بمسؤولية ثقيلة في عنقي، فلو جئت إلى هنا لابدّ لي من قول الحق.

    الليل: والحق ثقيل كما هي ناشئة الليل.

    القرآن: الحق من ربك، فلا تكونن من الممترين.

    المقدمة: تفضل يا سيدي الجليل، إن قدومك فرحة لنا في كل مكان وزمان.

    العيد: ولكني لا أجد طعم الفرحة في القدوم إليكم، تحتفلون بالعيد عند رؤية هلال شوال، ويمكنكم أن تجعلوا كل يوم عيداً، أليس كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد؟! تهيئون بيوتكم إستقبالاً للعيد، فيا ترى كيف تستقبل قلوبكم العيد؟

    توزعون الحلوى إبتهاجاً بالعيد... فكم مرة وزعتم فيها الفرحة على قلوب لم تذقْ يوماً طعم العيد؟!

    لا أستطيع البقاء معكم كثيراً...

    فكلمة أخيرة وأرحل..

    إحملوا القرآن فكراً ومشعلاً وهداية..

    كونوا مع الليل أحباء وأصحاباً.. صوموا عن الدنيا..

    ستفطرون على عيد سعيد.. (تسدل الستائر)

ارسال التعليق

Top