أخي المؤمن الفاضل للوصول إلى قناعة الإيمان لابدّ من:
1- أن نقرأ كتاب الكون (الظواهر والعجائب والسنن) ونفكِّر فيها ونتدبّرها.. إذا أردت أن تحبّ شيئاً.. أعرفه جيِّداً.
2- اعرف نفسك.. فأنت عالمٌ قائم بذاته.. فيك أسرار عجيبة، وقوى هائلة، وقد اختارك الله لتكون خليفته في الأرض، وأعطاك صلاحية إعمارها، وزوّدك بكافة القوى التي تمكنك من أداء هذه المسؤولية العظمى، ولم يقطع سبيل التواصل معك، فأرسل لك الأنبياء (ع) والرسالات لتكفل لك حياة منظّمة ومنتجة وسعيدة.
3- أعرف أنّ الإيمان علاقة ذات بعدين:
أ) علاقة مع الله تعالى، وهي علاقة (الفقير) إلى (الغني)، وعلاقة (المحدود) بـ(اللاّمحدود) فهل تستقيم حياتي أنا الفقير المعدم من غير مدد وسند ونصرة ومعونة وحماية دائمة؟ وهل أكتفي بالقليل الذي لديّ من التفكير والعقل والعلم لأرى العالم من خلاله.
قيلَ إنّ نملة سقطت في بئر.. وهناك في قعر البئر وجدت ضفدعاً.. فجرى بينهما حوار:
الضفدع: من أين أتيت؟
قالت النملة: من العالم الخارجي!
قال الضفدع: وما هو العالم الخارجي!
قالت النملة: عالمٌ واسع.. واسع.. جدّاً.. جدّاً.
ولمّا لم يكن الضفدع بقادر على تصوّر سعة العالم الخارجي.. فكّر قليلاً بما قالته النملة، ثمّ قفز من مكانه في هذه الطرف من البئر إلى الطرف الآخر منه، وقال للنملة: هكذا هو واسعٌ لهذه الدرجة؟
ضحكت النملة ولم تعقّب.. لأنّها أدركت أنّ الضفدع يعي العالم الخارجي من خلال محيطه الذي يعيش فيه، فلا يمكنه أن يتصور أن هناك عالماً أوسع من عالمه!
ب) علاقة مع الآخر.. تبني لي وله عالماً من الودّ والإحترام والتعاون، فبالإيمان يمكن أن نقيم (أنا والآخر) (جنّة أرضية) مؤقتة قبل أن ننتقل للإقامة الدائمة في (الجنّة الفردوسيّة) التي أعدّها الله تعالى لعباده المؤمنين.. من خلال الأخوة الإيمانية التي تربطني به.
4- عليَّ أن أطرح أسئلتي حتى التي تبدو محرجة وأن أناضل وأواصل البحث من أجل الإجابة عنها.. فالإيمان حركة البحث عن القناعة.. فذاك العالم الذي كتب عن (قصة الإيمان) والذي كتب عن (رحلتي من الشك إلى اليقين) وقبلهم رحلة إبراهيم (ع) الحوارية مع قومه في البحث عن الإله في الكواكب والنجوم، تعني أنّ الإيمان (نقلة نوعية) تحتاج إلى إعمال العقل، ومحاورة العلماء أهل الخبرة والإختصاص، واستنطاق الآيات الكونية التي ترشد إلى الإيمان العميق.
5- دراسة الآراء التي تناقش موضوع الإيمان دراسة مقارنة للوصول إلى الرأي الأرجح.. هناك مَن ينكر دوره وضرورته، وهناك مَن يؤكد ذلك ويثبته.. اقرأ هذا.. واقرأ هذا.. وقارن.. لتكن على وضوح تام في إختيارك.
6- أُدرس سيرة وتراجم وتجارب المؤمنين في مختلف العصور.. كيف أصبحوا مؤمنين.. وكيف التزموا بمتطلبات الإيمان.. وما هي الآثار والنتائج التي تركها السير في طريق الإيمان على نفوسهم وحياتهم وعقولهم وعطاءاتهم وإبداعاتهم.
7- إقرأ كتاب الإيمان الأوّل.. كتاب الله (القرآن) قراءة تدبّر وتمعّن واستنطاق.. واقرأ إلى جانبه سيرة النبيّ (ص) وسنّته لأنّه كتاب آخر يترجم الإيمان بالعمل والحركة والموقف.
8- تذوّق حلاوة الإيمان بنفسك، فلا يكفي في معرفة حلاوة شيء أن أقول لك أنّه أحلى ما تذوّقته في حياتي.. جرِّب أن تتذوّق طعم الإيمان وحلاوته في (الإرتباط) بالمطلق) وفي (حبّ الله) وفي (مردود العبادات النفسية والإجتماعية) وفي (الطاعة والإخلاص) لله ورسوله وفي حاجتك الماسة إليه..
يقول أحد أشدّ الناس إيماناً بالله : "الرائح إلى الله كالظمآن يردُ الماء".
ويقول مؤمن راسخ الإيمان : "إلهي مَن ذا الذي ذاق محبّتك فرام عنك بدلاً، ومَن ذا الذي آنس بقربك فابتغى عنك حولاً".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق