◄كي نحرِّر أنفُسنا من الطاقات السلبية المحيطة التي تستنزف الكثير من هدوئنا واتزاننا الداخلي، علينا أن نتحكم في مصاصي الطاقة المحيطين بنا في كلّ مكان، من العائلة أو الجيران أو الأصدقاء أو مَن نعمل معهم، فهؤلاء الأشخاص يخترقون بطاقاتهم السلبية هدوءنا الداخلي، ويستنزفون طاقتنا الإيجابية إلى الحدِّ الذي نصاب فيه بالأرق المرضي والاكتئاب الذي لا يستطيع الطب التقليدي التخلص منه والقضاء عليه.
وفي كتابها Emotional Freedom الأعلى مبيعاً تقول الاخصائية النفسية جوديث أورلوف: إنّنا لم نتعلّم منذ صغرنا كيف نتحرر من الأشحاص الذين يمتصون طاقاتنا الإيجابية ويتركوننا مستنزفين، معقودي اللسان وفي حالة من اليأس واللامبالاة. نحن عادة ما نخشى أن نوصف بقلة الذوق وانعدام اللياقة في حال دافعنا على توازننا الداخلي واستمعنا إلى صرخاتنا المكتومة لوقف هذا النزيف غير المبرر من قبل أشخاص يعانون من مشاكل نفسية وعاطفية عنيفة تجعلهم في حالة من الحسرة الدائمة على الذات وعدم الرِّضا عن الحال والنظر إلى الآخرين على أنّهم أكثر حظاً في الحياة.
- مصاصو الطاقة:
ولا يقتصر ضرر مصاصي الطاقة من حولنا أو مَن نسميهم بالحسودين على استنزاف طاقتنا الإيجابية والجسدية، بل الأكثر من ذلك أن يجعلنا الخبثاء منهم نشعر بالدونية، وإنّنا لا قيمة لنا وغير جديرين بحبّ الآخرين ولا نستحق الأفضل، كلّها مشاعر قد تكون عابرة، ولكنّها نافذة في الروح والنفس ولها تأثير الحروق العميقة التي يصعب التئامها بسهولة، خصوصاً إذا مست بعض نقاط ضعفنا فمثلاً تعليق سخيف كمواجهتك أنّ وزنك قد زاد بضعة كيلوات قد يدمّر ثقتك بنفسك واتزانك الآني، خصوصاً إذا كان ارتفاع الوزن من نقاط ضعفك تجاه تقبّلك لنفسك، هؤلاء الناس يعرفون بشكل مباشر أو غير مباشر أنّهم يصيبونك في مقتل.
ومن هذا المنطلق تنصح د. أورلوف ضحايا مصاصي الطاقات السلبية إلى اعتماد بعض الوسائل البسيطة التي تقيهم تلك الطاقات وتحميهم من ذلك الاستنزاف بشكل لائق وغير مؤذ لمشاعر الآخرين.
- من هم الأكثر عرضة لتلقي الضربات:
هناك بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم لتلقي ضربات مصاصي الطاقات الإيجابية، خصوصاً مَن يعانون من مشاكل نفسية أو اكتئاب أو انعدام ثقة في النفس وتقدير للذات أو مَن هم مدمنون على سماع كلمات الإعجاب من الآخرين.
- أعراض استنزاف طاقتك الإيجابية:
عندما تتعرّضون لأي من الأعراض التالية عندما تلتقون ببعض زملائكم في العمل أو أقربائكم في المنزل أو خارجه أو أصدقائكم وجيرانكم، فأكثر ما يلفت النظر هو شعوركم المفاجئ بالتعب والإرهاق وفي نفس الوقت يشعرون هم بالتحسن والطاقة الحيوية وحتى تتأكدوا من شعوركم راقبوا هذه الأعراض.
1- تشعرون بثقل في جفون عينيكم وكأنّكم مستعدون للنوم أو الاسترخاء.
2- تشعرون بالوهن وكأنّكم تقفون على أرض غير ثابتة.
3- تشعرون بتغيير مزاجكم للأسوأ.
4- الشعور بالارتباك والقلق والثورة بدون أسباب واضحة.
5- بعض الأحلام والكوابيس والمشاعر الخفية المتعلقة بلقاء بعض الأشخاص.
- تفهم الآخرين أوّل طُرق الحماية:
ولحماية أنفُسكم من مصاصي الطاقة، عليكم أوّلاً برصدهم، فنحن نواجه الكثيرين منهم بشكل شبه يومي. وبالتالي فمعرفتهم مهمّة جدّاً، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ لكلّ منهم موهبته الخاصّة في امتصاص جزء معيّن من طاقتكم الجسدية والنفسية، ولذلك علينا وضع إستراتيجية محدّدة لكلّ منهم لصد تلك الطاقات المدمرة.
وحسب د. جوديث فأهم خطوة هي محاولة فهم مشاكل هؤلاء الأشخاص ونقاط ضعفهم، ومن ثمّ التعاطف معها، ولكن هذا لا يعني تبرير مشاعرهم السلبية.
أيضاً لا تحاولوا إعادة تأهيل هؤلاء الأصدقاء نفسياً، فهذا ليس دوركم، ولكن كلّ ما عليكم عمله هو حماية نفسكم فقط.
- افعلوا.. لا تفعلوا
عندما تلتقوان أياً ممن لا تشعرون بالراحة معهم أو بأي عرض من الأعراض سالفة الذكر، فعليكم، حسب نصائح خبير الطاقة والريكي د. وليد غنيم:
1- أخذ نفس عميق من الأنف وحتى البطن وإخراجه ببطء شديد مع غلق العينين، حاولوا أن تتصوّروا النَّفَس وكأنّه يمسح كلّ شعور بالقلق أو التوتر أثناء الزفير.
2- كرّروا بداخلكم «أنا هادىء وحاولوا استدعاء ذلك الشعور حتى لو لم تكونوا كذلك».
3- توقفوا لبرهة وفكِّروا سريعاً في وسيلة لاحتواء وصد الطاقات الموجهة إليكم سواء بتخيل حاجز زجاجي بينكم وبين الطرف المقابل أو باستخدام بعض المؤكدات الذهنية «كأنّني لن أتأثر وأنّني الأقوى والأكثر قدرة على صد تلك الطاقات السلبية».
4- ضعوا حدوداً واضحة في التعامل مع هؤلاء الناس دون أن تخرجوا عن حدود اللياقة.. كونوا واضحين ومحددين ومختصرين أثناء الحديث.
1- لا تخافوا ولا ترتبكوا.
2- لا تكذِّبوا أحاسيسكم تجاه أشخاص معينة.
3- لا تقولوا أشياء قد تندمون عليها لاحقاً ولا تستخدموا لهجة فيها اتهام لمن تظنون أنّهم يمتصون طاقتكم الإيجابية، لا تدخلوا في عِراك أو جدال معهم حتى لا يستفد الباقي من طاقتكم.
4- لا تستخدموا الأدوية لتخفيف التوتر.
والأهم من ذلك عليكم الأخذ في الاعتبار أنّنا نجذب هؤلاء الناس خصوصاً عندما نكون غير قادرين على حل بعض مشاكلنا النفسية المتعلقة ببعض نقاط الضعف لدينا، ولذلك فإنّه كلما تخلصنا من تلك المشاكل كانت قدرتنا على منع هؤلاء من اختراقنا أقوى.
- هل أنت من مصاصي الطاقات؟
في لحظة ما قد نتحوّل من ضحايا الطاقات المسلوبة إلى مصاصي طاقات، خصوصاً عند تعرّضنا للكثير من التوتر والقلق، ولذلك فعلينا بدلاً من الإنكار، الاعتراف بهذه المشكلة والتعرّف على كيفية حلها. ويبقى السؤال كيف يمكنني أن أحدّد إن كنت منهم أم لا؟
1- هل أنت مهووس بذاتك؟
2- أنت دائماً سلبي المشاعر.
3- تغتاب الآخرين من وراء ظهورهم.
4- كثير النقد ومتحكم.
5- يتجنبك الناس ولا يتواصلون معك.
6- لديك مشكلة نفسية وغير قادر على حلها.
7- كثير الشكوى ونعي الحظ والنظر لما في يدي غيرك.
إذا كنت تمتلك بعض أو حتى واحدة من تلك الصفات سالفة الذكر، فأنت حتماً تمتص بشكل إرادي أو لا إرادي طاقة مَن حولك، وهذه مشكلة يمكن حلها ببساطة عبر وضع يديك على موطن مشكلتك النفسية من خلال طبيب متخصّص، وحلها قدر الإمكان، فالتواصل مع الذات وتقبلها هو أوّل طريق التواصل مع الآخرين.
- أنواع مصاصي الطاقة وكيفية مواجهتهم:
هناك أربعة أنواع مختلفة من مُصدري الطاقات السلبية، ولكلّ منهم طريقة خاصّة لصد تلك الطاقات أو على الأقل وقاية أنفُسنا منها.
1- النرجسيون:
وهم مَن يعتقدون أنّ العالم كلّه، بل والكون بأجمعه، يدور من حولهم ولخدمتهم، وأنت مجرد خادم في مجموعتهم الشمسية.
هؤلاء البشر يتطلّبون مديحاً متواصلاً طوال النهار، وما أن يروك حتى يبدأوا في الحديث عن بطولاتهم وأمجادهم.
مثل هذا النوع من البشر يكون كحبّة المكسرات التي يصعب كسر قشرتها بسبب عنادهم وتمركزهم حول ذواتهم.
كيف تواجههم؟
* لا تتوقع الكثير منهم، فهم لا يرون إلّا أنفسهم، وحاول الاستمتاع بصفاتهم الجيِّدة تجنّب السيِّئ منهم.
* لا تتوقع أنّك ستحظى بالكثير من الاهتمام من هؤلاء البشر حتى لو كنت في حاجة ماسة إلى ذلك، ليس بسبب تجاهلهم، ولكن لأنّك لست في الحسبان من الأساس.
* لا تسهب كثيراً في مدحهم على حساب نفسك، وإنّما فقط غيّر نمط حديثك معهم بحيث تظهر في كلّ مرّة أهميّة وجودهم في حياتك وفي العالم، فمثلاً بدل أن تقول لهم: «أنا أحبّ التجمع العائلي على العشاء».. قل: «كم هو مهم أن نجتمع معك على العشاء».
احرص على ألا تتحوّل مع النرجسيين إلى إحدى توابعهم أو جزء من الأنا الخاصّة بهم.
2- الضحية:
الضحية دور يلعبه الكثيرون من المحيطين بنا حتى يكسبوا تعاطف الآخرين دون أن يعلموا أنّهم يدمّرون مَن حولهم بالطاقات السلبية التي يطلقونها سواء بشكواهم الدائمة من اضطهاد الآخرين لهم أو أنّهم دائماً غير سعداء ولا يحالفهم الحظ أبداً، بل إنّ الظروف دائماً ما تقف ضدهم، هؤلاء البشر لا يشتكون بغية الحصول على الحمل وإنّما فقط لمجرد الشكوى وإثارة مشاعر الآخرين.
كيف تواجههم؟
تعامل معهم بكياسة شديدة، ولكن أيضاً بحزم، بحيث لا تسمح لهم باستنزافك عاطفياً ونفسياً للتحوّل كجزء من مشاكلهم التي عادة لا تنتهي.
* إذا كان من يلعب دور الضحية من أصدقائك أو أحد أقاربك، فعليك أن تضع حدوداً لشكواهم الدائمة إمّا بتغيير الموضوع وشدّ انتباههم أنّهم أفضل كثيراً من غيرهم، أو بالتأكيد على أهميّة علاقتك بهم، وإنّك تريد مساعدتهم، ولكن بإيجاد الحلول وليس سماع الشكوى فقط.
* إذا كان من زملائك في العمل، فعليك توجيه ابتسامة عند بدء الشكوى ومن ثمّ استأذن للانصراف بسبب تراكم العمل.
* أمّا مع نفسك، فحاول كلّما شعرت بأنّك ضحية الأهل أو المجتمع أو العمل أن تسترجع مواطن قوّتك وتميزك وقدراتك، لا تقع في فخ الضحية حتى لا يبتعد عنك الآخرون وتكون مصدراً لكآبتهم.
3- المسيطر:
المسيطرون وهم كُثرهم مَن يحاولون فرض إملاءاتهم عليك في كلّ صغيرة وكبيرة تتعلّق بحياتك، دائماً ما يوجهونك لما يجب أن تفعل أو لا تفعل وفق رؤيتهم الخاصّة وليس رؤيتك أنت. غالباً ما يبدأون كلامهم بعبارة «عليك أن تفعل كذا وكذا وكذا..» وإذا لم تفعل ما يقتروحونه فهذا يعني لهم الكثير. مثل هؤلاء الأشخاص يحاولون تحريك مَن حولهم وكأنّهم عرائس المارينت «بالخيط»، لا دور لهم في الحياة غير تنفيذ أوامرهم.
كيف تواجههم؟
* تجنّب تماماً التحكم في المتحكمين، بمعنى لا تملي عليهم ما يجب أن يفعلوه، فقط كن قوياً وحازماً وارفض بشكل لطيف إملاءاتهم، حاول التعبير عن وجهة نظرك دون طلب العون من أحد.
* لا تدخل في التفاصيل، واكتفي بالعناوين الرئيسية لأي مشكلة أو وضع أنت فيه إذا كنت مضطراً للحديث ولا تعطي أي انطباع أنّك في انتظار العون والنصيحة، فأنت بالغ راشد وتعلم كيف تعالج مشاكلك أو حتى ما يدور حولك من واقع حياتك ورؤيتك وليس حياة ورؤية من حولك.
* المتحكمون عادة ما يحاولون الحديث طوال الوقت عن أفكارهم وآرائهم مع إجبارك على سماعها، عليك ألا تسمح بذلك طوال الوقت، اطلب بطريقة لطيفة أن تعبّر أيضاً عن رأيك دون مقاطعة الآخرين.
* في حال فرض الرأي بشكل متعنت، فما عليك إلّا الاستئذان لمواصلة ما تفعل وفق رؤيتك الخاصّة فقط، حياتك هي مسؤوليتك وحدك وليست مسؤولية أحد آخر، ومن ثمّ أنت وحدك صاحب الرأي فيها.
4- الناقد الدائم:
المنتقدون دائماً وهم مَن يوجهون سهام نقدهم بوعي أو بدون وعي لمن حولهم دون مراعاة لمشاعرهم ونقاط ضعفهم، فمثلاً تقول صديقة لصديقتها: «إنّ مظهرك في الفستان مثير للضحك لأنّك كذا وكذا..». هي لا تنظر إلى ما قد يصيب صديقتها من جروح نفسية بقدر ما تشعره من تميز وإحساس بأنّها الأعلى والأفضل، ولذلك فلها حقّ النقد وإطلاق الأحكام.
هؤلاء الناس يصيبوننا باليأس والإحباط والإرهاق النفسي دون أن يشعروا.
كيف تواجههم؟
* النقد المدمر يعكس خللاً في شخصية الناقد، وبالتالي لا تأخذ نقده بشكل شخصي، تذكر دائماً أن لاذعي النقد عادة ما يكون لديهم مشاكل نفسية تظهر بهذه الطريقة الجارحة.
* لكلّ شخص رأيه وإن كان لاذعاً، فما قد يراه البعض بشعاً قد يراه آخرون شديد الجمال «لولا اختلاف الآراء لبارت السلع»، تمسك بما تراه صحيحاً من وجهة نظرك دون الرجوع لأحد.
يمكنك أن تكون أكثر حدّة إذا كان الشخص الناقد أكثر حدّة بقولك: «أستطيع أن أرى أنّك تحاول المساعدة، ولكن عندما تنتقدني بهذه الحدّة فأنا أكاد لا أسمعك»، أو غيرها من العبارات المماثلة.
* تجنّب تماماً وضع المدافع عن النفس، فهذا سيهزّ من ثقتك بنفسك، استمع للنقد، فإمّا أن تأخذ به إذا كان عادلاً وفي محله أو تتجاهله إذا كان لاذعاً ولمجرد النقد.
* خذ ما هو حقيقي، وحاول التعامل معه، وإن كان لاذعاً لهذا في صالحك، واترك ما تشعر أنّه مبالغ فيه.
ملاحظة: النقد البنّاء ضروري جدّاً في حياتنا ولا يزعج سوى عديمي الثقة في النفس والقدرات.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق