• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قصص تربوية في السلوك الحضاري الراقي / ج2

أسرة

قصص تربوية في السلوك الحضاري الراقي / ج2
القصة الثالثة "بذرَ البذور فأينعت الزّهور!!" يُحكى أنّ رجلاً أخلصَ لأهل مدينته إخلاصاً كبيراً، فأحبّوه لإخلاصه وصدقه وأمانته، وخدماته الجليلة التي قدّمها إبّان حياته، حتى أنّ المدينة ازدهرت في عهده، لأنّه كان أمين البلدية فيها، فكانت المدينة إضافةً للخدمات الأخرى، قد أُنشئت فيها الحدائق الزاهرة، فكنتَ تُشاهد الزهور حيثما تمشي وتدور. إلى أن وافتهُ المنيّةُ، فدُفِنَ في مقبرة المدينة، التي أقبل أهلها حاملين أكاليل الزهور ليضعوها على ضريحه. أحد المُعزِّينَ التفت إلى ابن الفقيد الراحل، وقال: هذه الزهور كان أبوكَ قد أهداها لأهل المدينة بما فعله من خيرٍ معهم، وها هي تحفّ بقبره كجُنينةٍ، فاعلم يا بُنيّ أنّ مَن يبذرُ البذور، ستزهرُ حول قبرهِ الزهور!   - الدروس المُستخلَصة: 1- إنّها (دورةُ الحبّ) أيضاً.. أعطى الخيرَ فقُوبِلَ بالخير، وزرعَ الزهور فحفّ قبرهُ بها، وكما تزرع وتغرس تجني وتحصد. 2- وحتى لو لم يجن الإنسان شكراً أو مكافأةً أو عطاءً ممّن بذلَ وأعطى لهم، فإنّ روحية البذل والعطاء هي بحدِّ ذاتها مكافأةٌ لشخص ونفس صاحبها، وهي مع ذلك وديعةٌ عند الله الذي لا تضيع عنده الودائع، فإذا لم يُكرمكَ الناس فإنّ الله سيُكرمك.   القصة الرابعة "صِداقُنا.. الصِّدْق!!" الصِّداق: المَهْر. تقدّم (بلالُ الحبشي) ليخطب لأخيه إمرأة، وبعد أن استقرّ بهم المجلس ورحّب بهم أهلُ المرأة، إفتتح (بلالُ) الحديث قائلاً: نحنُ مَن قد عرفتم.. كنّا (عَبدَين) فأعتقنا الله، وكنّا (ضالّين) فهدانا الله تعالى، وكنّا (فقيرَين) فأغنانا الله تعالى، وقد جئتكُم لأخطب إليكم فلانة لأخي، فإن تنكحوها (تزوِّجوها) له فالحمدُ لله، وإن تردُّونا فالله أكبر، فوافَقُوا على تزويج أخيهِ من ابنتهم. ولمّا انصرفَ (بلالُ) مع أخيه، وأصبحا خارج الدّار، عاتبَ أخو بلال بلالاً، وقال له: غفرَ الله لك، أما كنتَ تذكرُ سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله وتترك ما عدا ذلك؟! فقال بلال: أُسكت، صدقتُ فأنكحَكَ (زوّجك) الصِّدق!!   - الدروس المُستخلَصة: 1- لو كان (بلال) فعلَ ما قال أخوه، لكان صادقاً، ولربّما زوّجوا أخاه أيضاً، لكنّه لم يرد التباهي والتفاخر بالسوابق والإنجازات والمناقب، بل ذكر ما ذكرَ تواضعاً وشكراً لله تعالى.. تأمّل في كلماته: (أعتقنا الله) (هدانا الله) (أغنانا الله). 2- النجاةُ في الصِّدق، وأخطر ما يواجهه الزواج الكَذِبَ والزّيفَ والخِداعَ والتّدليسَ، فأن يكشف بلالٌ ماضيه وماضي أخيه بالطريقة التي تحدّث بها، أفضل من أن يُقال فيما بعد: زوّجتم ابنكم لعبدين فقيرين.. قالها صريحة: "نحنُ مَن قد عرفتم".. فإن قبلتم (فالحمدُ لله)، وإن رفضتم (فالله أكبر). 3- التمويه والتعتيم والتغطية قد تنفع في البداية، لكنّ ردّة الفعل ستكون عنيفة، فما إذا اكتشفَ الآخر أنّك دلّستَ عليه وزوّرتَ الحقيقة أو زيّفت الواقع. وقد أدّبنا الله تعالى بهذا الأدب، فقال: (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) (الإسراء/ 80).. فإذا دخلتَ بالصِّدقِ أمّنتَ غيرك وأمنتْ؛ وعندها تخرج صادقاً كما دخلتَ صادقاً.

ارسال التعليق

Top