• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

عملية التغيير.. محورها الإسلام

عمار كاظم

عملية التغيير.. محورها الإسلام

قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد/ 11). إنّ الإسلام قد أحدث تغيرات نوعية في حياة المجتمع البشري وقد ارتكزت تلكم التغيرات على رؤية واضحة، وإيمان بعقيدة التوحيد. وتحدّدت من خلالها مسار الحركة الإنسانية في إعمار الكون، وإقامة الحياة ضمن محور العبودية الحاصلة. وقد تمكن الإسلام أيضاً من خلال إيمان المجتمع أن يجسِّد روح الأخوّة في العلاقات العامّة، ومظاهر العدالة الاجتماعية في الميدان الحضاري. ومن الطبيعي أن تنحسر مظاهر الاستغلال والتسلط بفعل القدرات الروحية التي فرضتها الرسالة السماوية وجسّدتها الإرادات النبوية، فتطوّرت بذلك علاقة الإنسان بأخيه الإنسان وأخذت مساراً متميزاً كما تطوّر بناء الكيان الاجتماعي، وبرزت بوضوح آثار العلاقة العمودية التي ساهمت بفاعلية كبرى في توجيه الإنساني في السيطرة على غرائزه وشهواته. يقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات/ 10)، فعلينا أن نعيش هذه الأخوّة، فلا يعادي بعضنا بعضاً، ولا يقاطع بعضنا بعضاً، فالأخوّة تفرض علينا أن نكون متحابّين متكافلين متعارضين في وجه كلّ التحدّيات، وأن نجعل من الأخوّة على دين الله قوّةً لنا وطاقةً تدفعنا نحو كلّ شيءٍ حسنٍ يجعل من حياتنا مساحةً للخير والبرّ. يقول الإمام عليّ (عليه السلام): «إنّما أنتم إخوان على دين الله، ما فرَّق بينكم إلّا خبث السَّرائر وسوء الضمائر، فلا تَوَازرون ولا تَنَاصحون، ولا تَبَاذلون ولا توادّون».

إنّ العلاقة العضوية التي تربط حركة الإنسان الداخلية بالواقع الاجتماعي المحيط خاضعة لإرادة الإنسان، وتحكمها القوانين والسنن الإلهية، وتأخذ الطابع الحضاري عندما يكون الإنسان قادراً على السيطرة على نوازع النفس، ويظهر الخلل في العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان عندما تسيطر نوازع النفس على حركة الإنسان، وينعكس ذلك على الوضع الاجتماعي فينتشر الظلم، وتفتقد العدالة، وتبدأ رحلة استغلال الفرد لأخيه.

إنّ المحور الأساسي في تحقيق عملية التغيير هو حجم وامتداد القيمة الأخلاقية، فمتى ما تجذرت القيمة الأخلاقية في الإنسان واتخذت مواقع ثابتة في السلوكية، وامتدت بعمق للتحرك في الاتجاه الأفقي والعمودي كان ذلك هو الضمان لاستمرار التغيير، وبالتالي للحفاظ على الحضارة بوجهها المشرق النيّر، وعندما تنخفض تلك القيمة الأخلاقية في حياة الإنسان تكون بداية الانتكاسة لعملية البناء الحضاري، لا شكّ أنّ المسلمين يواجهون تحدّيات كبيرة لمواصلة العملية التغييرية التي أحدثتها الرسالة الإلهية، والجهود البشرية الخيّرة وفي طليعتها جهود صاحب الرسالة الخالدة النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل البيت (عليهم السلام)، والصحابة الأخيار.

في قول الله تعالى في محكم كتابه: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ) (آل عمران/ 19). إنّ المسلمين مدعوون اليوم إلى إعطاء الصورة المشرقة للإسلام، ودفع كلّ ما هو بعيد عن سماع العقلانية، والصفات الإيمانية الخلّاقة، فإنّ الكثير من العالم ينظر للإسلام بريبة وحذر، ويحاول الابتعاد عنّا للمخاطر التي يحتمل أن تناله بواسطتنا، وعلينا ونحن أصحاب رسالة الدِّين القيِّم أن نصحح النظرة القاسية عنّا، بأن نجسّد الإسلام الصحيح للعالم الذي يرفض كلّ ما يضر إنسانية الإنسان، ويؤيد كلّ مَن يعمل من أجل سعادته، وكرامته، قال تعالى على لسان سيِّد الخلق النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا) (المائدة/ 3).

ختاماً، إنّ ديننا الإسلامي هو دين التسامح والمحبّة والسلام. وهو عقيدة قوية تضم جميع الفضائل الاجتماعية والمحاسن الإنسانية، وهو جامع لكلّ المبادئ الأصلية والقيم الفاضلة، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كيان المسلمين.. فبالإسلام نستطيع نشر كلّ معاني البرّ والخير على مساحات واسعة من بقاع العالم.

ارسال التعليق

Top