• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

عظمة الخالق في القلب

عظمة الخالق في القلب

 

    إنها آية عظيمة كلما وقفتُ أمامها تملكنني الدهشة وأصابتني الحيرة...

إنها آية تخشع القلوب لسماعها، وتقشعر الجلود لدى تلاوتها...

هي الآية التي توعد الله فيها أولئك الملحدين والمشككين والمستهزئين، عندما قال: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف/ 179).

إنّ المؤمن ليقف خاشعاً أمام عظمة هذه الآية المباركة، فكيف يمكن أن يكون للإنسان عين لا يبصر بها، وكيف يمكن أن يكون له أذن لا يسمع بها، والأعجب من ذلك ما هي علاقة القلب بالفهم والتفقه؟

لنحاول معاً قراءة هذه الآية قراءة جديدة، فالعين هي وسيلة الإبصار، ولكن الإنسان لا يرى بعينيه، بل هي مجرد وسيلة تنتقل المعلومات خلالها إلى الدماغ، ومثلها الأذن. ثمّ يقوم الدماغ بمعالجة وتخزين المعلومات وترجمتها والتفاعل معها. فهذه أمور نعرفها فلا مشكلة في فهمها.

وهؤلاء الملحدون يمتلكون حاسة البصر وهي العين، ولكنهم لا يبصرون الحق، بل ينظرون إلى الكون على أنّه جاء بالمصادفة، وكل ما في الكون من إعجاز وروعة ومخلوقات وعمليات حيوية معقدة ومنظمة، وكل هذه المجرات والنجوم، وكل هذه الظواهر الكونية... كلها مجرد مصادفات بالنسبة لهم، فهم بالفعل لا يبصرون الحقيقة. كذلك فإنّ هؤلاء المشككين لهم آذان، ويمتلكون حاسة السمع، ولكنهم عندما يقرأون القرآن يقولون إنّه كلام عادي، بل أقل من عادي، وتارة يقولون إنه مليء بالأخطاء، وتارة يقولون إنّ محمداً هو من كتب القرآن... فهم يستمعون إلى القرآن ولكنّهم حقيقة لا يسمعون صوت الحق!

القلوب هي محور هذا البحث، فالملحد يمتلك قلباً سليماً من الناحية العضوية تظهره الأجهزة الطبية، ولكنه حقيقة لا يفقه شيئاً من كلام خالقه ورازقه، ولذلك فإن نهايته ستكون في جهنم، مع سادته من الشياطين الذين اتخذهم أولياء من دون الله.

وانظروا معي إلى قوله تعالى كيف رتب العمليات الثلاثة:

1- (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) (الأعراف/ 179): إذاً القلب وسيلة التفقه والفهم.

2- (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا) (الأعراف/ 179): إذاً العين وسيلة الإبصار.

3- (وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا) (الأعراف/ 179): إذاً الأذن وسيلة السمع.

والسؤال: كيف يمكن للقلب أن يفكر ويعقل ويفهم ويتفقه، وهو مجرد مضخة كما يذكر لنا الأطباء؟

وقد جئنا بالعديد من الأدلة التي تظهر حديثاً دور القلب في التفكر والإدراك، وبما أنّ علم الإعجاز هو علم مستمر لقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت/ 53)، فلابدّ أن تظهر في كل يوم حقائق جديدة تؤكد وتؤيد وتثبت صدق ما جاء في هذا الكتاب العظيم. قصة جديدة تثبت أنّ القلب هو مركز الإلحاد أو الإيمان!! 

- دماغ في القلب:

يتحدث بعض الباحثين اليوم عن دماغ في القلب، ويؤكدون أنّ القلب له نظامه العصبي الخاص به، وهو نظام معقد يسمونه The Brain In The Heart.

فالقلب يبث مع كل دفقة دم عدداً من الرسائل والمعلومات لجميع أنحاء الجسد، وله نظام كهربائي معقد، وله طاقة خاصة به، وله مجال كهرطيسي أقوى بمئة مرة من الدماغ!!

الخلايا العصبية داخل القلب خلايا معقدة جدّاً لم يعرف العلماء حتى الآن طريقة عملها، ولكن هذه الخلايا مسؤولة عن تخزين المعلومات وتحميلها لخلايا الدم وبثها لكافة أنحاء الجسم، وبالتالي فهي أشبه بذاكرة الكمبيوتر التي لا يعمل بدونها.

·       المرجع:

معهد رياضيات القلب الأمريكي 

المصدر: مجلة الرياحين/ العدد 36 لسنة 1430هـ

ارسال التعليق

Top