يتأرجح طفلك في مستواه الدراسي في بعض الأحيان، فقد يحصل على أعلى الدرجات، وفي أوقات أخرى قد تجدينه يحصل على الأقل. في الحالة الأولى تفرحين وتحتفلين، أمّا الثانية فلا. وقد تصلك رسالة أو مكالمة من المدرسة تخبرك بتدنّي مستوى طفلك الدراسي أو أنه يضرب زملاءه، أو يأخذ أشياءهم وينتمّر عليهم، أو أنه خجول ولا يشارك في الصف... إلخ. فما العمل؟
كلما تعرّفت إلى هذه المشاكل في وقت مبكر، كانت فرصة العودة إلى التفوُّق وتعديل السلوك أسرع. إنّ تواصلك مع طفلك ومع المدرِّسين والمدرسة كفيل بحل أكبر المشاكل التي تواجهك وأنت تقومين بتربية طفلك.
ومن أهم المشاكل التي تواجه طفلك في المدرسة، والتي تكون مصدر إزعاج لمعلِّميه أو لزملائه أيضاً، هي:
1- ضعف التحصيل الدراسي والأداء المدرسي بصفة عامة.
2- عدم رغبة طفلك في الذهاب إلى المدرسة.
3- التهرُّب من أداء الواجبات.
4- سوء علاقة طفلك بمدرِّسيه وزملائه وتعدِّيه عليهم بالقول أو الفعل.
5- التنمُّر وخلق المشاكل والعدوانية من طفلك لممتلكات المدرسة أو زملائه، أو ضربهم والإعتداء عليهم.
تتراوح الصعوبات والمشاكل حدّة بين صعوبات بسيطة يمكن تجاوزها في وقت قصير، وصعوبات حادة تستمر لفترة طويلة، وقد تؤثر تأثيراً سلبياً في نفسية طفلك وتُعيق أداءه المدرسي. العلاقة بينك وبين المدرسة مهمة جداً، حتى وإن لم يكن طفلك يعاني أي صعوبات أو مشاكل داخل أسوارها.
من أهم الأُمور التي تقي طفلك وتحفظه من هذه الصعوبات أن يتعوّد التحدُّث معك عمّا يدور في المدرسة وما يحدث له فيها، حتى يصبح الحديث في هذا الأمر عادة لديه، وبالتالي ستكتشفين أي مشكلة قد يتعرّض لها في وقت مبكر.
إذا لم يتم التعرُّف إلى المشكلة ومواجهتها في وقت مبكر من ظهورها، فإنّ طفلك سوف يعاني آثارها على مدى طويل، وأوّل هذه التأثيرات عدم تقديره لذاته، ما ينعكس على تحصيله العلمي، وعلى جودة حياته فيما بعد، بل وسيتجنّب المدرسة من خلال الغياب المتكرر وادّعاء المرض، وعدم الرغبة في المشاركة في الأنشطة المدرسية، ومنها سيحصل على ألقاب وصفات من زملائه ومُعلِّميه تؤثر بشكل كبير في بناء شخصيته، ومن هذه الألقاب: أنت بليد، أو غبي، أنت مزعج ومثير للشغب. وتقوم إدارة المدرسة بإرسال خطاب بهذا الخصوص، وتقعين في حيرة وخجل وعدم معرفة كيف تتصرفين في هذه الأمور. هل تقفين في صف طفلك وتدافعين عنه دفاعاً مستميتاً، أم تقفين إلى صف المدرسة وتنهرين طفلك وتقبلين بأي عقاب تضعه المدرسة؟ أيهما أفضل؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال عليك معرفة الأسباب التي دفعت طفلك إلى إحداث هذه المشكلة مهما كان نوعها.
- أسباب تجعل طفلك مثيراً للمشاكل والشغب:
أولاً: فيما يخص الأسرة
- استخدام الضرب في تربية طفلك، منك أو من أحد أفراد الأسرة.
- التدليل الزائد على الحد والذي يجعل من طفلك شخصاً أنانياً يحب نفسه فقط، ما يجعل لغة التواصل مع الآخرين شبه معدومة، فهو يريد كل شيء له ولا يكون متعاوناً أو مَرناً.
- كثرة الخلافات العلانية بين أفراد الأسرة، خاصة بينك وبين شريكك.
- التشديد والتضييق على طفلك في كل صغيرة وكبيرة، حيث لابدّ من ترك مساحة من الحرّية الشخصية ليتمتع بها طفلك.
- إهمال مشاعر طفلك عندما يتعدّى عليه الآخرون، والسماح للأقارب بأخذ حاجياته، والطلب منه أن يكون ودوداً ويتخلى عن أشيائه لأجلهم، وعدم التسامح معه عندما يعتدي هو على الآخرين، وأن تطلبي منه ألّا يغضب من ذلك، فإنّ صديقه أو قريبه الذي اعتدى عليه لا يقصد وأنه يحبّه، وفي هذا إجحاف في حق طفلك، يجعله لا يفهم ماذا يحدث، لأنّ هناك ظلماً في تعاملك معه.
ثانياً: فيما يخص المدرسة
- تكرار الرسوب أو الضعف الدراسي والتحصيل العلمي، ووصف طفلك بالغبي أو المتخلِّف أو البليد من مُعلِّميه أو من زملائه.
- عدم تقبُّل الآخرين لطفلك وبُعدهم عنه.
- كبر سن طفلك وعدم مناسبته للصف الدراسي الذي يتلقى تعليمه فيه، حيث يكون هناك فرق كبير في السن بينه وبين أقرانه.
- الإعاقة أو ضآلة حجم طفلك ما يجعل زملاءه يسخرون منه، ويشعر هو بالضعف أمامهم.
- الرغبة في جذب الإنتباه ولفت النظر تجعل طفلك يثير المشاكل ليظل محط أنظار الآخرين.
- تقليد نماذج سلوكية عدوانية من الواقع أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات ذات الطابع العدواني.
- تعزيز السلوك العدواني لطفلك من قبل زملائه، حيث يشجعونه حين يضرب طفلاً آخر، ما يجعله يشعر بالفخر لأنه أقوى، وأنّ الأطفال الآخرين معجبون بقوّته.
- مشاعر الإحباط الناتجة من سوء التعامل في المدرسة والبيت.
- طرق العلاج المقترحة:
1- التعامل مع السبب وليس مع الحدث أو الموقف، مثل متابعة مستوى طفلك دراسياً وإبعاد جميع المثيرات التي تُسبِّب حدوث هذا السلوك.
2- استخدام أسلوب النموذج والقدوة، أي إن أردت منه أن يتعامل بأسلوب هادئ مع الآخرين، عليك أن تعامليه بهذا الأسلوب وتكوني هادئة في تصرفاتك، أي إظهار السلوك السوي والأخلاق الحميدة في تعاملاتك معه حتى يقلدك في ذلك وتكونين قدوته.
3- تعزيز السلوك الجيِّد وحثّه عليها، مثل سلوك التعاون والتكاتف ومساعدة زملائه.
4- إبعاد طفلك عن مُعززات السلوك العدواني، أي حين يقوم بضرب أصحابه لا تقولي له: أنت قوي عليك بضربهم فإنهم يستحقون. إنك بهذا القول تجعلينه يرى تعدّيه على الآخرين قوّة وعظمة، بل وحق مكتسب.
5- العقاب السلبي والحرمان من الأنشطة المحببة.
6- إغفال وإهمال بعض السلوكيات البسيطة اليومية التي تتراكم فيما بعد، لتصبح عادة سيئة يمارسها طفلك يومياً.
7- مقاربة الأخصائي الإجتماعي لمناقشة أي مشكلة يتعرّض لها طفلك صاحب السلوك العدواني بشكل متكرر.
8- إشراك طفلك في الأنشطة المدرسية.
9- الإرشاد بالقراءة من خلال القصص والأشرطة المسموعة والمرئية لعواقب السلوك العدواني وتبعاته.
10- التحكم وضبط النفس من خلال تفريغ وتنفيس الطاقة السلبية، وذلك بتنمية مواهبه وميوله.
عندما تأتي شكوى على طفلك من المدرسة، عليك التريث قليلاً والتفكير في الأمر وحل الموضوع كالآتي:
1- كبت غضبك وعدم التلفظ بأي كلمة سلبية، أو رد فعل يؤثر في طفلك مثل الضرب أو الصراخ أو الشتم والسب.
2- فتح لغة حوار بينك وبين طفلك عن المشكلة التي تمّ استدعاؤك لها في مدرسته. وكلما كان تواصلك مع طفلك مبنياً على أساس من الصدق، ذلك يكون قبل المشكلة وهو لا يزال صغيراً قبل الذهاب إلى المدرسة، كان الحل أسهل، لأنه سيخبرك عن المشكلة بكل صدق.
3- عدم التقليل من شأن طفلك أو من تقديره لذاته، أو احترامه لنفسه، خاصة أمام معلِّميه، بل حاولي أن تعلِّميه كيف يتحدّث أمام الكبار عن مشكلته.
4- فيما يخص المدرسة عليك بالحديث مع المختص بكل احترام ورقي وبحث حلول للمشكلة، وحبّذا لو يكون في عدم وجود طفلك. عليك رفض أي صفة سلبية يقولها المعلم أو الأخصائي الإجتماعي عن طفلك مهما كان مزعجاً ويقوم بالشغب.
5- ناقشي أسباب المشكلة وبعد ذلك ضعي الحلول، لأنك إذا عرفت سبب المشكلة فسيكون الحل جذرياً.
6- حثّي وعلِّمي طفلك احترام معلِّميه، ولا تقللي من شأنهم وأنت تتحدّثين عنهم، دعيه يتعلم قيمة احترام المعلم دوماً مهما كان هذا المعلم.
7- أعطي طفلك الثقة بنفسه وعلِّميه أن يعترف بخطئه ويتحمّل مسؤولية أخطائه مهما كانت صغيرة أو كبيرة.
8- علِّميه الإعتذار حين يُسيء الأدب أو يرتكب خطأ ما دون حَرج، حتى وإن كان هذا الإعتذار لمن أصغر منه سنّاً.
*د. نعيمة حسن
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق