أخلاق الإنسان هي الطباع والصفات التي يتصف بها والتي تُلازم أفعاله وأقواله، بحيث إنّ أي فعل أو قول يصدر منه يكون مصبوغاً بصفة من صفاته الأخلاقية، فمثلاً مَن كان متّصفاً بالعناد، فإنّ أفعاله التي تصدر منه ومواقفه تجاه أي قضية ستكون مصبوغة بالعناد وعدم تقبُّل رأي الآخر ولو كان حقّاً. ومَن كان متّصفاً بالحلم، فإنّه عند التعرض للإساءة، سيعفو عن المسيء إليه إن كان قادراً على ذلك.
أمّا سوء الخُلق فهو عبارة عن الصفات والعادات والطباع التي يُبغضها الله عزّ وجلّ، لكونها منشأً لفساد حياة الإنسان في الدنيا والآخرة. أمّا فساد حياته في الدنيا، فلأنّ فساد الأخلاق يُعتبر المسبِّب الأوّل لقطع الروابط الاجتماعية وجرِّ الإنسان نحو التفلُّت والجريمة والأعمال السيئة. وأمّا فساد حياته في الآخرة، فلكون فساد الأخلاق هو سبب ألمه وضيقه في قبره وعذابه الشديد عند حلول يوم القيامة.
استنتاج:
- أخلاق الإنسان هي الطباع والعادات والصفات التي يتصف بها والتي تُلازم أفعاله وأقواله.
- سوء الخُلق هو أن يتصف الإنسان بصفات يُبغضها المولى جلّ وعلا.
ما هي عاقبة سيء الأخلاق في الدنيا؟
سيء الأخلاق إنسان منبوذ، يمقته كلّ المجتمع. فطبيعة البشر تمقت المعاملة السيئة، بل حتى سيء الأخلاق نفسه لو افترضنا أنّ أحداً عامله بسوء فإنّ طبيعته البشرية سترفض ذلك. ولذلك تُوجّه هذه الملاحظة لسيِّئ الأخلاق، بأنّه إن كنتم لا تُحبّون أن تُعامَلوا بسوء، فلا تُعاملوا الناس بسوء، ولا تواجهوهم بخُلق سيء. قد يشتبه بعض الناس فيعتقد مثلاً أنّ الغضب والعصبية الزائدة والاعتداء على الناس بالضرب والشتم والتهديد يُمكن أن تجلب له الهيبة والقوّة. ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح. لأنّ هذه الصفات تجلب لصاحبها العزلة والاحتقار من المجتمع، وتؤدي إلى انقطاع علاقاته الاجتماعية التي يُمكن له فيما لو استفاد منها أن تُسهِّل عليه شؤونه وتفتح له آفاقاً رحبة في الحياة. من هنا أشارت النصوص الشريفة إلى بعض من هذه الآثار، فعن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: "مَن ساء خلقه أعوزه الصديق والرفيق"، وقال: "مَن ساء خلقه ضاق رزقه".
فليجرِّب سيء الأخلاق هذه النصيحة: ارسم ابتسامة على وجهك طوال اليوم أمام الناس وتعامل معهم بالكلمة الجميلة والأخلاق الحسنة، وستتفاجأ بالنتائج الطيِّبة لذلك. والسبب راجع إلى أنّ طبيعة البشر تنجذب نحو المعاملة الليّنة واللطيفة التي تجلب الراحة والطمأنينة إلى نفوسهم.
ثمّ إنّ سيء الأخلاق يتعرض لنوع آخر من المشاكل في الدنيا، وذلك مع نفسه. فعند الغوص في أعماق كلّ ذي خلق سيء سنجد عنده حُزناً دفيناً وقلقاً لا ينتهي. إنّ سيء الأخلاق يعيش حالة من عذاب النفس والغم وإن لم يظهر عليه ذلك. والروايات الشريفة قد أضاءت على هذا المرض الإنساني بشكل واضح وجليّ. فمثلاً ورد عن أمير المؤمنين (ع): "سوء الخُلق نكد العيش وعذاب النفس"، وعنه (ع) أيضاً: "سوء الخُلق يوحش النفس ويرفع الأنس".
ما هي عاقبة سيء الأخلاق في الآخرة؟
إنّ أسوأ نتائج سوء الخلق هو ما يتعرض له الإنسان بعد موته، وعلينا أن نلتفت إلى أنّ كلّ ضيق وألم وعذاب يتعرض له الإنسان بعد رحيله سيكون نتيجة طبيعية لبذور سوء الخلق التي بذرها في هذه الدنيا. إنّ الذي يزرع الشوك لن يجني إلّا الشوك، والله عزّ وجلّ لا يظلم أحداً. إنّ الله برحمته ولطفه وإحسانه بعث إلى الإنسان مَن يُنبّهه ويُنذره حتى لا يصل إلى هذه النتيجة. بل إنّه زرع في النفس الإنسانية فطرة حبّ الخير والإحسان، فتجد أنّ ضميره يتحرك ويؤنّبه بمجرد ارتكابه جُرماً أو جريرة. وما ذلك إلّا رحمة من رب العباد حتى لا نتلوّع بعذاب سوء الخُلق عند موتنا.
استنتاج:
- سوء الخُلق في الدنيا مسبِّب رئيس لانعزال الإنسان ورفض المجتمع له.
- سوء الخُلق في الآخرة سيتجسّد على شكل آلام وضيق في القبر وعذاب شديد في يوم الحساب.
الكذب والخيانة:
الكذب والخيانة مظهران بارزان من مظاهر سوء الخُلق في المجتمع البشري، ويُشغلان موقعاً كبيراً من الآثار السلبية التي تترتّب على الأخلاق السيئة في الدنيا والآخرة. أمّا الكذب فهو مفتاح كلّ سوء وشرّ، وهو الحاضن الأساس لوقوع الإنسان في الذنوب والمعاصي، والممهّد الفعّال لارتكاب الجرائم والوقوع في المصائب. ولذلك وصفته الروايات الشريفة بأنّه: مفتاح الخبائث حيث ورد عن الإمام العسكري (ع): «جعلت الخبائث كلّها في بيت وجعل مفتاحها الكذب». ومن جهة أخرى يُعتبر الكذب علامة على ضعف الإيمان، بل على انتفائه. وبملاحظة الرواية الأخيرة وغيرها من الروايات نستشعر حجم الخطر الذي يحيق بمجتمعنا جرّاء انتشار آفة الكذب فيه. إنّ الكذب مضيِّع للإيمان، وهذا يعني أنّه مع وجود الكذب يُمكن أن تذهب باقي أعمال الإنسان أدراج الرياح لارتباط مقبوليّة الأعمال بالإيمان السليم. ناهيك عن المفاسد الاجتماعية التي يولّدها انتشار هذه الآفة الخطيرة.
أمّا الخيانة، فقد جاءت في العديد من الروايات مُقترنة بالكذب، وهذا يعني اشتراك هاتين الصفتين في الكثير من الجوانب والآثار، ومن أهمّ هذه الآثار أنّها مضيِّعة للإيمان، فالمؤمن لا يكون خائناً أبداً، وقد ورد عن الرسول الأكرم (ص): "يُطبع المؤمن على كلّ خصلة ولا يُطبع على الكذب ولا على الخيانة".
استنتاج:
- الكذب فهو مفتاح كلّ سوء وشر، وهو الحاضن الأساس لوقوع الإنسان في الذنوب والمعاصي.
- الكذب مضيّع للإيمان ويُذهب بأعمال الإنسان أدراج الرياح.
- المؤمن لا يكون كاذباً أو خائناً أبداً.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق