• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ذوقيات المسجد وآدابه

أسرة البلاغ

ذوقيات المسجد وآدابه

◄ (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التّوبة/18).

(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجنّ/ 18).

 

المسـجد بين اللّغـة والاصـطلاح

من المفاهيم ما يتزامن ميلاد مصطلحها مع ولادة تلك المفاهيم في الثقافة الإنسانية، ومن المفاهيم والموضوعات ما يتأخّر مصطلحها كثيراً عن ولادتها، واستعمالها بين النّاس..

ومن الموضوعات التي تزامنت ولادتها في الثقافة الإسلامية مع مصطلحها كان «المسجد»

فالمسجد لغة وعرفاً اسم مكان للموضع المعد للصلاة عند المسلمين، وأصل هذه اللفظة مأخوذ من كلمة: «سجد».

يقول المعلِّم بطرس البستاني في «محيط المحيط» ما يلي:

«سجد، يسجد، سجوداً، خضع، وانحنى .. السـجود، التطامن مع خفض الرأس، وشرعاً وضع الجبهة، والأنف على الأرض، وغيرها... والمسجد الموضع الذي يُسجَد فيه، وكل موضع يُتَعَبَّد فيه، فهو مسجد... ».

ومع تطوّر الزمن، واستمرار حياة المسلمين، أصبح من الطبيعي انّ كلمة «مسجد» حين تطلق، فانّها تنصرف إلى المبنى الذي يقيم فيه المسلمون: الصلاة، وقد حدّد الشيخ محمّد حسن النجفي المصطلح الشرعي للمسجد في موسوعته الفقهية، فقال: «المراد بالمسجد شرعاً المكان الموقوف على كافّة المسلمين للصلاة».

ولقد علّل بعض المؤرِّخين أنّ سبب تسمية هذه المؤسّسات المقدّسة لدى المسلمين بالمساجد كان ـ نسبة للسجود ـ دون تسميتها بلفظ آخر من الألفاظ والأعمال المكوّنة لكيان الصلاة كالقراءة والذِّكر، والركوع وغيرها مثلاً لأنّ السجود أشرف حالات المصلِّي التي يقف بها بين يدي الله عزّ وجلّ، وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (ص): «أقرب ما يكون العبد من الله تعالى وهو ساجد».

ولقد ورد لفظ «المسـجد» في القرآن الكريم في ثمانية وعشرين موضعاً، أمّا في السنّة النبويّة المشرفة، فلا تكاد تحصى كثرة.

وهذه بعض النصوص القرآنية الكريمة بهذا الخصوص:

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (الأعراف/ 29).

(لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا واللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ) (التوبة/ 108).

(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْـجِد وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ) (الأعراف/ 31).

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْـمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة/ 114).

(مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة/ 17).

(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التّوبة/ 18).

(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجنّ/ 18).

 

ذوقيات المسجد

قد تكون جالساً في المسجد ساكناً خاشعاً، فإذا بشخص يتخطى رقاب الناس، وكأنّه لا يتعامل مع بشر في بيت رب البشر، وحسب هذا الشخص أن يسأل نفسه: ماذا لو كان عنده ضيف في بيته، فدخل شخص آخر وأهان ضيفه في بيته؟ ما شعوره ساعتها؟ أليست هذه إهانة؟ فما عاقبة من أهان ضيوف الرحمن وآذاهم في بيته؟!!

وقد تكون جالساً في بيت الرحمن إذا بشخص متوضئ يتصبب ماءً، أو قادم من الخارج يتصبب عرقاً، فيأخذ بيده الماء أو العرق وينثره يميناً ويساراً على المصلين بعد أن ينزعه من على جبينه ووجهه!!

وفي أثناء استماعك لخطبة الجمعة أو عند الصلاة تفاجأ بصوت الموسيقى ترتفع من الهاتف أو صوت مطرب أو مطربة يعلو، في حين يتلو الإمام آية قرآنية أو حديثاً شريفاً، فيشوش على الإمام والمصلين!! ألم يسأل هذا الشخص نفسه: بم يجيب ربه عندما يسأله عن هذا الخطأ؟ وماذا يقول لهؤلاء جميعاً وكيف يعتذر إليهم؟ وقد تخرج فلا تجد حذاءك أو تجده قد ديس عليه وأصبح مشوهاً.. وليس ذلك كله من الذوق. ►

ارسال التعليق

Top