الموهبة نعمة من نِعَم الله تعالى عند الإنسان، وكلّ نعمة تجب مقابلتها بالشكر وحُسن الاستعمال.. فمن وهبه الله ذكاء، أو قدرة جسمية، أو قدرة على اكتساب العلوم، أو موهبة شعرية أو كتابيّة، أو صار إنساناً متفوِّقاً في الدراسة، أو في المجتمع بسبب ما وهبه الله، وجب عليه الشكر والتواضع، ومساعدة الآخرين بما وهبه الله سبحانه.
إلا أن بعض الشباب يسيطر عليهم الغرور والتكبر والإعجاب بالنفس عندما يرون أنفسهم متفوِّقين على الآخرين، أو أنهم يبتلون بالأنانية فيحرمون الآخرين من المساعدة في ما وهبهم الله سبحانه، وقد يستغلون مواهبهم بجشع مادي.. إلا أنّ الصورة السليمة التي رسمها القرآن الكريم وبيَّنها النبي (ص) للإنسان تتعارض مع هذه الصورة القبيحة، لأن "خير الناس مَن نفع الناس"، وهو يدعو الله دائماً أن يوفقه لخدمة الآخرين من خلال هذه المواهب الإلهية (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) (النمل/ 19)، وهو على يقين بأنّه (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا) (الإسراء/ 85)، فلم الغرور والتكبر؟ وأخيراً فإنّ الأمر كله بيد الله وقد يُسلب الإنسان هذه النعم كما قد يُعطى المزيد (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم/ 7). وأخيراً فإنّه لو كان لأحد أن يتكبر أو يتجبر أو يعيش الأنانية بكل صورها لكان ذلك للنبي سليمان (ع) الذي أعطاه الله سبحانه ما لم يعط أحداً من قبل ومن بعد (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ...) (سبأ/ 12-13)، إلا أنّه أدرك أن كل هذه العطايا الإلهية هي اختبار سماوي (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) (النمل/ 40)، فشكر سليمان فكان من عباد الله المحسنين (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص/ 30)، (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) (ص/ 39-40).مقالات ذات صلة
ارسال التعليق