• ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حُب + تعاون + إصلاح = المواطنة الصالحة

أسرة البلاغ

حُب + تعاون + إصلاح = المواطنة الصالحة

◄يقولون: الوطنيةُ حبُّ المرءِ لوطنهِ لدرجة التفاني.

    إنّهم يقولون حقاً.

    فالوطن.. أرضُ حرّيتي وتفاعلي وعطائي، وسماءُ أفكاري واعتقادي وعوطفي..

    هو هذا قبلَ مائه وهوائه وترابه وما أقلّت الغبراء وأظلّت الخضراء.

    والمواطن.. أخي في الله الذي يتناغم معي وأتناغم معه في رحاب الوطن الذي يحتضننا جميعاً كأيّ أو كأمّ، وتضلّلنا فيه رحمةُ الله ولطفهُ.. فأبناءُ وطني: إمّا أخٌ في الدين فأفتديه، وإمّا أخٌ لي في الانسانية فأحتويه. وكلهما: (الدين) و(الانسانية) يطلعان من شجرةٍ واحدة، وهما القادران على أن يجمعا ما تفرقُهُ الدنيا ويبعثُ فيه الزمان.

    ما هي المواطنةُ الصالحةُ – على ضوءِ هذا – إذاً؟

    حُبّ + تعاون + إصلاح = المواطنة الصالحة

    ربّما تكون هناك عناوين ثانوية مرشّحة للدخول في هذا السياق أو النسق الوطنيّ المتجانس.. لكنّها يمكن أن تندرج أو تندمج في أحد عناوينه الثلاثة:

    الحبّ.. باعتباره العلاقة الوجدانية التي تؤلّفُ بين قلبين أو أكثر.. والذي يتجسّد ألفةً واحتراماً.. بل وطاعة.

    التعاون.. على أساس أنّه اتفاقٌ مشترك للنهوض بأعباء مسؤولية أو أمانة ارتضينا حملها.

    الإصلاح.. لأنّه الموفِّق.. والمتدخل في الوقت المناسب لإعادة علاقتي الحبّ والتعاون إلى سابق عهديهما في حال تعرضا إلى الخلل أو الفساد أو التصدّع.. أو.. تحسين ما هو موجود فعلاً والارتقاء به نحو مستوي أعلى وأفضل.

    لنأخذ وجهة نظر الأديان في هذه المنظومة الثالثية[1]:

    البوذية: «البغضاء لا تتلاشى بالبغضاء أبداً، إنّما تتلاشى البغضاءُ بالحبّ.. هذا هو الدستورُ الخالد»!

    الهندويسة: «الدين الحقيقي، كما يجب، الأشياء جميعاً، كبيرة أو صغيرة».

    الشنتوية: «على المرء أن لا يكون مبالياً بما يعانيه في حياته، وغير مبالٍ بعناء الآخرين».

    التاوية: «الجديرُ بالحكم مَن يحبّ الناس جميعاً كما يحبّ نفسه».

    الموسوية: «لا تعلموا بالآخرين ما هو مكروه لكم، هذا هو الناموسُ برمّته، وكلّ ما عداه شروح» (التلمود).

    المسيحية: «وصية جديدةً أنا أعطيكم: احبّوا بعضكم بعضاً».

    الإسلام: «لا يؤمن أحدُكم حتي يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه» (حديث الشريف).

    وإذا أردنا أن نجمع بين هذه الأقوال كونها قريبة في الروح والمعنى، نخلص إلى:

    أفكار صالحة + أقوال صالحة + أفعال صالحة = مواطنة صالحة

    وترتيباً على ذلك، يمكن القول بشيء من الاطمينان أنّ الشخصية الاسلامية تمثلُ النموذج الحيّ للمواطنة الصالحة.►

 

    ...........................................

    [1]- الأقوال والنصوص عن كتاب (حكمة الأديان الحيّة) جوزف كاير.

ارسال التعليق

Top