◄نجاح المرء في الحياة مرهونٌ بقدرته على الاتصال الفعّال، إذ اثبتت الدراسات أنّ 85% من النجاح يُعزى إلى مهارات الاتصال الفعّال، و15% منه فقط تعزى إلى إتقان مهارات العمل، ولكي نتواصل مع الآخرين ببراعة لابدّ لنا من إتقان أساسيات التواصل، والقيام ببناء المكوِّن الرئيس للاتصال الفعّال وهو كسب المصداقية والثقة لدى الآخرين، إذ لن يتواصل المستمع أبداً مع المتكلم إذا لم يثق به ويعتقد أنّ لكلامه مصداقية، ولن يكون الشخص ناجحاً في حديثه حتى يستطيع باستمرار بناء الثقة والمصداقية بما يقول ولعلّ من أبرز مهارات الاتصال التي تُعطيك قوّة في هذا المجال ما يلي:
1- تعرّف على مكونات الرسالة الكلامية:
توجد ثلاثة عناصر نتواصل بها حين نتكلم، عنصر لفظي وهي الكلمات التي نقولها، وعنصر صوتي وهو رنين الصوت، وحماسته وبروزه، وعنصر بصري وهو سيما الوجه وحركة الجسم، ولابدّ من انسجام هذه الثلاثة العناصر وتكاملها، إذ يعمد التناقض بينها الحاجز الأكبر دون وقوع الاتصال الفعّال، وهذه العناصر حين تتلاحم يتساوى وزنها في إعطاء المصداقية والثقة، ولكن حين تتلاحم يتساوى وزنها في إعطاء المصداقية والثقة، ولكن حين تتناقض فيما بينها، فإنّ العنصر اللفظي يأخُذ فقط من الثقة والمصداقية 7%، والعنصر الصوتي 38%، والعنصر البصري 55%.
2- خاطب العاطفة أوّلاً:
تعد العاطفة حارسة بوابة الذهن، إذ يقتنع جُل الناس بعواطفهم ويبررون بعقولهم، والاتصال الفعّال يعني ارتباط المتكلم مع المستمع على مستوى عاطفي وليس فقط مستوى فكرياً، فأحرص على أن تتواصل مع الآخرين بالبُعد العاطفي، وإثارة المشاعر الذي يُمكنك القيام به عبر الجاذبية الشخصية، والارتكاز على عناصر الاتصال الصوتية والبصرية.
3- اتصل بالعين:
نظرتك الجاذبية حين تتحدث إلى المستمع شُعاع يبهج قلبه ويشعره بالألفة والارتياح، والمشاركة، ويجعله يحسن بأنّك تتحدث إليه مباشرة، فركز نظرك إليه وقتاً كافياً قبل أن تصرفه، إن كنت محتاجاً إلى ذلك وواصل نظرك بصدق وثبات عند المحادثة.
وتوجيه النظر إلى قرب العينين أمر مقبول، والأفضل أن يتم التركيز على إحدى العينين، وحين تشعر بالانزعاج من شخص ما ركز نظرك على أنفه، أو جبينه فإنّ ذلك سيشعره بأنّك على اتصال معه على الإطلاق.
وإذا كنت تتحدث إلى مجموعة فقم في بداية حديثك بإجراء مسح عيني لمدة قصيرة لجميع الحاضرين، ثم بعد ذلك أبدأ بالاتصال العيني مع كلّ فرد على حدة، ولا تنسَ الأشخاص الذين يقعون في الحافات البعيدة.
4- قف منتصباً:
تعلم أن تقف منتصباً مع ميل قليل بجسمك كافة إلى الأمام وأن تتحرك بصورة طبيعية فذلك سيعطيك مظهراً إلى الأمام، وأن تتحرك بصورة طبيعية فذلك سيعطيك مظهرَ الثقة الكاملة بالنفس، وإيّاك أن تنكمش وتكون في حالة انحناء، أو ترجع جزءك الأعلى إلى الخلف، أو تعتمد على إحدى رجليك لأنّ ذلك سيجعلك تبدو متردداً وفي حالة متوترة، كما عليك ألا تتكئ على جدار ولا تضع رجلاً على رجل إذ يعطي ذلك انطباعاً غير جيد عنك، ويؤثر وضعية جسمك، ومن الأفضل أن تقوم بالمبالغة بإشاراتك الإيجابية نحو المُتلقي، ولا تقلق من ذلك لأنّك مهما بالغت فستكون في حالة قريبة من الحالة الطبيعية.
ويحسن أن تتحرك دائماً بوعي ضمن مستوى طاقتك الطبيعية لأنّ الحركة الدائمة تعكس الثقة بالنفس، وتقوّي الطاقة، وتدخل لمسة تنويع في طريقة الاتصال.
ويُفضّل أن تجعل يديك بجانبيك عندما لا تُريد تأكيد الكلام عبر حركاتك، وعندما تريد ذلك إرادة نابعة من الحماسة الطبيعية فإنّ ذلك سيحدث عفوياً لكن ذلك لا يُمكن أن يحدث بحال حينما تكون يداك ضحية إشارات عصبية بشكل مستمر، ولذا فمن المستحسن أن تتعرف على حركات حين تتكلم، وبخاصة حين تكون مضطرباً، أو في حالة عصبية ليعينك ذلك على التخلص منها.
5- تبسّم ببراءة:
ما يدركه الآخرون من خلال الظاهر عنك هو الحقيقة بالنسبة لهم فكن مبتهجاً، ومحافظاً على ابتسامتك، واجعل ملامحك وتعابير وجهك طبيعية، حين تتكلم فإنّ ذلك يعزز من قدراتك على التأثير، ودعِ النظراتِ الحادّة والجدية الزائدة في اتصالك، فإنّ ذلك سيجعل منك متصلاً، متميزاً وسيعتقد الناس بأنّك قريب منهم ومحبوب لهم، وعندها سينفتحون على أفكارك ويحترمونها وسيتحملون مخالفاتك، ويقبلون منك ما لا يقبلون من غيرك، ولذا فمن المهم أن تتدرب على البسمة الودودة السهلة من خلال الممارسة، وتذكر أنّ الابتسامة الحقيقية هي دائماً التي تنبع من داخلك.
6- جمّل مظهرك:
للمظهر الحسن دور رئيس وتأثير أكبر مما نعتقد في أحداث انطباع جيد، حين نتواصل مع الآخرين، وهنا ما يهتم علينا إدراكه أثر المظهر في نجاح عملية الاتصال ولا توجد وصفات صحيحة، أو خاطئة للمظهر الحسن، ولكن هناك طريقة ملائمة للنفس والبيئة فإذا شعر المتكلم بالانزعاج، وعدم الراحة بسبب مظهره فلن يستطيع الاتصال مع الآخر بشكل فعّال.
وإذا لم يكن مظهرك محففاً لتوقعات المستمع، ومراعياً لمتطلبات المكان والزمان، والحالة القائمة، والوضعية الاجتماعية فسيحول ذلك بالتأكيد دون نجاح عملية الاتصال.
7- استثمر صوتك:
الصوت هو الوسيلة الرئيسة التي تحمل رسائلنا للآخرين، ولذا فهو ثروة ضخمة ورأس مال رابح متى ما كان جذاباً لطيفاً واستعمل بطريقة ثرية ملائمة إذ ليس هناك من سهم يُمكنه النفاذ إلى القلب كالصوت العذب، فأثره أكبر مما نعتقد، فهو الذي يعطي المتلقي فكرة من مزاج الملقي الحقيقي، ومدى قناعته بما يقول ونغمة الصوت، ورنينه تشكل 84 من الثقة والمصداقية عندما لا يتم التمكن من رؤية الملقي، ويتم الاكتفاء بسماع صوته فقط، فأبرز وتيرة صوتك ونوعه وتحكم في نغمته وضمّنه ابتسامتك، وكرر بعض الجمل، وأكد بعض المقاطع المهمة بتغيير نمط الصوت، ولا تكن حبيس أنماطك الصوتية، ولا تجعل صوتك حاجزاً دون تأثيرك، وحيوية أفكارك وأبتعد عن القراءة من ورق حين تُلقي، بل حدد أفكارك الرئيسة وتكلم عنها لتخرج عن الرتابة وتجبر ذهنك على اختيار الكلمات المنتقاة آنياً ليجعل ذلك صوتك مليئاً بالحيوية، والحركة باستمرار.
8- حسِّن ثقافتك اللغوية:
نمِّ لغتك وارقَ بمستوى حديثك من خلال استعمال كلمات مباشرة، ولغة واضحة، وملائمة وتعلم باستمرار مفردات جديدة، وتجنب المصطلحات واللغة الخاصة مع مَن لا يفهمها وأثناء كلامك قُم بإدخال وقفات طبيعية، وابتعد عن إيراد الكلمات، والأساليب والأصوات غير المفهومة التي تقلل من قيمة الكلام وتقف عائقاً دون حدوث اتصال فعّال.
9- اجعل مستمعك مُهتماً بحديثك:
حافظ على تفاعل مستمعك واهتمامه بحديثك، ولا تكتفِ بإشراكه في الجانب الفكري فقط، بل اجعله يقع تحت تأثير المؤثرات المختلفة حتى تتمكن من تحريك المشاعر والعقول معاً، لأنّ المستمع كلما كان منهمكاً معك أكثر ومشاركاً بصورة أكبر كلما زادت فرصك في إقناعه والتأثير عليه.
ولذا فلابدّ من تجنّب ما يعوّق المحافظة على ذلك والحرص على القيام بتطبيق مهارات تجذب المستمع وتجعل روح التفاعل تسري في نفسه، مثل إيراد القصص، والأمثلة، والأشعار، وطرح الأسئلة والألغاز، والقيام بحركات هادفة وجذابة وإشراك المستمع ببعض الأنشطة، وطلب رفع الأيدي حين الموافقة أو المحافظة، واستخدام بعض وسائل العرض، واستثمار الصوت، وتعزيز الاتصال بالعين ونحو ذلك من الأمور التي تُبقي مستمعك في حديثك.
10- كُن مرحاً:
يُحب الناس الفكاهة ويتعلمون أكثر من خلالها، ويزاد ارتباطهم بالشخص المرح، وتدخل في تعاطفهم وثقتهم معه وقبولهم الأفكار أكثر، مما لو قام بطريقة جادّة فابتعد عن جفاف الأحاسيس وزد من مرحك وابذل جهداً واعياً لتجعل مَن تتواصل معه يستمع بحديثك ويقضي وقتاً جميلاً معك.
ومن أبرز ما يعينك على ذلك تعبيرات وجهك المتبسمة وإيراد بعض القصص، ذات الصلة بالمستمعين، وموضوع الحديث وقيامك بالاستفادة من تعليقات الآخرين في إدخال جو الطرفة والمرح على حديثك.
11- دعِ الافتعال (الاصطناع):
كُن طبيعياً صادقاً مع نفسك، عفوياً، هادئاً، سامحاً لمشاعرك بالظهور، متحدثاً من أعماقك، مبتعداً عن اصطناع المواقف، وافتعال العبارات، فذلك سيشعر مستمعيك بالبهجة، ويجعلهم يعتقدون بأنّهم يتواصلون مع شخصية غير متكلفة.
12- اضبط أحاسيسك:
قد يصدر من مستمعك ما يستفزّك، فعندها دعِ الغضب واضبط أحاسيسك، وسيطر على انفعالاتك، وإيّاك أن تفقد القدرة على التركيز في تفكيرك فإنّ ذلك سيُدمّر تواصلك، ويفقدك الإيجابية، وامتلاك روح المبادرة والسيطرة على انفعالاتك، ويحول دون نضج طرحك وتميّز حديثك.
هناك عدة نقاط مهمة لتمكنك من اتصال فعّال:
1- الإنصات
2- الاختيار
3- التوقيت
4- السلوك
5- التفاعل
الإنصات:
إنّ عدم الإنصات الجيد هو مقبرة التعامل أعطِ انتباهك للشخص كي تكسبه؛ انظر إلى وجهه تابع حركاته، أكّد له دائماً أنّك تستمع إليه.
الاختيار:
اختر كلّ ما يلائم الموقف، من تغيير كلامك، تعبيراتك مُداخلاتك، حتى تدرك التأثير لما قمت باختياره.
التوقيت:
حدد متى ستتحدث؟ فقد يكون من الأفضل لك أن تترك الآخرين يتحدثون، أو لا، ابحث عن وقفة لحديث الآخرين مثل وقفة ابتسامة حتى تبدأ حديثك أنت، وكن متابعاً جيداً لنظراته، وحركاته لتحدد متى تتوقف؟ وحدد متى ينتهي حديثك معه؟
السلوك:
تجنب السلوك المُقلق؛ غير السارٍّ بالنسبة للأشخاص الذين تناقشهم، ولا تنشغل بأي شيء عندما يتحدثون إليك.
التفاعل:
كلما تفاعلت مع الآخرين، وأظهرت اهتماماً بما يقولون كلما ظهر ودّهم نحوك.
إنّ إظهارك الحماس يزيد فرص نجاحك، ووضع مصالح الناس في حُسبانك، وتذكر دائماً كلما كنت صامتاً، كلما ظنّ الآخرون أنّك بلا فائدة وبلا وجود.
الخلاصة:
إنّ من أهم تقنيات علم النفس البشري في الإرادة الذاتية هي الاتصال الفعّال عند الإنسان، لأنّ الاتصال الفعّال يؤدي إلى إتقان مهارات العمل ولكي نتواصل مع الآخرين ببراعة، لابدّ لنا من إتقان أساسيات التواصل، والقيام ببناء المكوّن الأساسي للاتصال الفعّال، وهو كسب الثقة والمصداقية لدى الآخرين.
فإذا استطعنا كسب المصداقية، والثقة نتواصل على أساسيات المهارة، والإتقان في العمل، وهذا من أسرار الإرادة الذاتية عند الإنسان فمن خلالها نستطيع كسب الآخرين، وإقناعهم وإرسال الرسائل للمجتمع بكلّ وعي وبصيرة، فإتقان الاتصال الفعّال يجعل للإنسان بُعداً استراتيجياً في أعماله، وتصرفاته، وإيصال المعلومات للآخرين.
وتنمية الذات وتوصلها إلى كمالات التواصل والكمالات البشرية التي يبحث عنها كلّ إنسان للوصول إليها.
فقوّة الذات من قوّة الاتصال الفعّال لدى الآخرين في التواصل المستمر، والفعّال في كلّ زمان ومكان. ►
المصدر: كتاب طريق الإرادة إلى مستقبل السعادة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق