• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

جدد حياتك

د. إبراهيم بن حمد (الرئيس التنفيذي لشركة دار المعرفة للتنمية البشرية)

جدد حياتك
◄لقد تحدثت بالتفصيل في كتابي "العادات العشر للشخصية الناجحة" عن أثر العادة في حياة الإنسان، وعبرت عن قناعتي القوية بأنّك تستطيع تغيير عاداتك متى أردت. ولست في حاجة بأن يذكرك الآخرون بأنّ لديك عادات رائعة وهي سر تميزك ونجاحك. فالمقولة السلبية الشائعة: "من شب على شيء شاب عليه" ليست صحيحة على الإطلاق. ولا شك أنّك تعرف بأنّ لديك عادات سيئة وهي سبب كثير من مشاكلك كما أنّ هناك بين العادات النافعة والضارة عادات لا يتضح لها فائدة أو ضرر سوى أنّنا استحسناها وتعودنا عليها بمرور الزمن، لذلك هناك في حياتك ثلاثة أنواع من العادات: عادات نافعة وعادات حيادية وعادات ضارة.

الخطوة الأولى في تجديد الحياة هو التعرف على عاداتك اليومية واكتشاف أنماط هذه العادات. والاكتشاف الذاتي عملية داخلية، مزيج من التأمل والتفكير والتحليل والمقارنة.. إنّها عملية من التجول داخل الذات لكشف الافتراضات والقيم والقناعات التي تجعلنا نتصرف بطريقة معينة أو بأسلوب معين. يقول كارل جنك (Carl junk): "الذي ينظر خارج عقله يحلم والذي ينظر داخل عقله يفيق".

ومن الأمور المثيرة حقاً أنّه كلما تجولنا داخل ذاتنا كلما اشتدت حاجتنا للتغيير وشعرنا بالتبرم من الكثير من عاداتنا، ولكن الكثير منا لا يرغب في ترك منطقة الراحة: عاداته وتقاليده وأنماط سلوكه التي تعود عليها طوال حياته.

والواقع أنّ مقاومة التغيير في العمل والحياة ليست سوى أسلوب دفاع عن النفس ومحافظة على منطقة الراحة. كم مرة سمعنا بأنّ التغيير سنة الحياة وبأنّ الذي لا يتغير يفوته القطار. ومع قناعتنا بذلك إلّا أنّنا نتمسك بشدة بمنطقة الراحة لأنّنا نشعر بالخوف من المجهول ولا نحب المخاطر. يقول روبرت جريني (Robert Greny) في كتابه "قوانين القوّة الثمان والأربعون المختصرة" (2002م): كلّ شخص يدرك أهمية التغيير كفكرة مجردة ولكن على المستوى اليومي الإنسان مأسور لعاداته ويقاوم التغيير بشكل كبير.

إنّ وصفتي البسيطة لتجديد الحياة هي أن تتعود بالتدرج وبخطوات صغيرة هادئة على عادات جديدة ونافعة. إنّ التدرج والخطوات الصغيرة والأسلوب الهادئ يجعل التغيير ممكناً ويساعدنا على تبديد مخاوفنا والتخلص من القلق المصاحب لترك منطقة الراحة. ومع الوقت سنتمكن من مغادرة منطقة الراحة القديمة ونبني منطقة راحة جديدة؛ نشعر فيها بالمزيد من الانتاج والمتعة والسعادة والقيمة بسبب عاداتنا الجديدة التي اخترنا التعود عليها قصداً.

·      عوِّد نفسك مثلاً على القراءة، ابدأ بنصف ساعة على الأقل في اليوم ثم زد الوقت بالتدرج.

·      عوِّد نفسك على مزيد من العبادة. ما رأيك لو اخترت أن تبقى في المسجد خمس دقائق إضافية بعد صلاة المغرب كلّ يوم ما الذي سيحصل للعالم من حولك لو بقيت هذه الدقائق، لا اعتقد أنّه سيحصل شيء. يمكنك أن تتسنن، تذكر الله، تقرأ ما تيسر من القرآن. إذا داومت على هذه العادت الخفيفة ستحصل على 35 دقيقة في الأسبوع. ماذا لو اخترت صلاة يومية أخرى وعملت نفس الشيء سيكون لديك 70 دقيقة هل تعتقد بأنّ العالم سيتغير من حولك لو أخذت هذه الدقائق يومياً، لا اعتقد أنّ العالم سيتغير ولكنك أنت الذي تتغير، بالطبع أنت ستتغير لأنّك استطعت أن تمسك بزمام نفسك وأن تدير ذاتك وتنظم وقتك.

·      عوِّد نفسك على الادخار والاستثمار تصور ما يمكن أن تحصل عليه لو قررت من اليوم وضع خطة إدخار 10% من دخلك فقط، اعتقد أنّ البعض منا يستطيع أكثر من ذلك ولكن لنأخذ 10% كمثال. فلو أنّ دخلك الشهري أربعة آلاف ريال ستتمكن من ادخار 400 في الشهر و4800 في السنة، وإذا استطعت أن تنمي هذا المبلغ "في خطة استثمار" ففي ثلاث سنوات يمكن أن يصل المبلغ إلى أكثر من عشرين ألف ريال. إنّ التعود على الادخار والاستثمار يحرر الإنسان من الحاجة للآخرين، ويعزز الاستقرار النفسي، ويزيد ثقة الإنسان في نفسه ويجعله مستقلاً من ناحية مالية. وكلما بكرت في خطط الادخار والاستثمار كانت نتائجها أوضح وأفضل على حياتك.

·      عوِّد نفسك على الابتسامة والبشاشة لن يكلفك ذلك كثيراً ولكن النتائج رائعة بكلّ المقاييس.

·      عوِّد نفسك على التعامل مع الغضب والمزاج العصبي بالصبر والهدء وتذكر وصفة حبيبنا محمّد (ص) لذلك الصحابي الذي جاءه طالباً النصيحة فقال له: لا تغضب – وكررها ثلاث مرات –.

·      واجه العادات الضارة والسيئة واعمل على التخلص منها، وخاصة التي تتعارض مع قيمك الدينية ولها أضرارها على حياتك وحياة الآخرين.►

 

المصدر: كتاب دروس ثمينة في تحقيق التميز والنجاح في الحياة

ارسال التعليق

Top