• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تنمية قدرات الطفل على المحبة

سمية عبدالعزيز

تنمية قدرات الطفل على المحبة
◄صغيري ينشر البهجة أينما ذهب.. يتحدث بنصف لسان.. فتخرج الكلمات أعذب من أحلى القصائد الشعرية، غير أنّه عندما يتشاجر مع طفل آخر من أجل لعبته يبدو أنانياً.

وهنا يجب ألا تعنفيه، أو تنتقديه، وإنما عليك سؤال نفسك: هل ساعدتيه منذ البداية على أن يكون اجتماعياً؟

يقول د. ريتشارد ولنسن عالم النفس المتخصص في تربية الطفل بجامعة كاليفورنيا إنّ الأُمّهات يركزن على الجانب السلبي في تصرفات أطفالهنّ أكثر مما يحاولن تنمية الجوانب الإيجابية، ودليله في ذلك أنّ الوقت الذي تقضيه الأُم في انتقاد تصرفات طفلها أطول بكثير من ذلك الذي تعلمه فيه كيف يكون محبوباً.. وهذا خطأ يقعن فيه.

 

- حب وعطاء:

اتفق خبراء التربية على دور الأُم في تشجيع صغيرها لينشأ مهذباً، حسن الخلق فيحبه الناس وينعكس ذلك الحب في شعوره بالسعادة، فالطفل يولد بقدرات كبيرة على العطاء، والحب ويحتاج فقط إلى تنمية هذه الطاقات والقدرات.

ولكي تكتشف الأم مقومات الروح الاجتماعية لدى طفلها، ولتنمي قدرته على المشاركة قدم د. ريتشارد ثلاثة مقاييس هي: التعاون، المشاركة، الحب والحنان.

بالنسبة للتعاون يمكن ملاحظة خاصية التعاون عندما يجتمع الطفل مع آخرين ليعملوا معاً على إنجاز هدف مشترك، وعلى العكس هناك السلوك التنافسي الذي يتنامى عند قيامه بمفرده بعمل يحقق له مصلحة شخصية.

على سبيل المثال لو طلبت من مجموعة من الأطفال استخدام المكعبات لبناء نموذج كبير في عمل مشترك فسوف تنمو خاصية التعاون، أما إذا طلبنا من كل واحد منهم بناء نموذج خاص به فسوف تظهر روح التنافس.

أمّا المشاركة فتظهر عندما يقدم طفل إلى آخر أشياءه الخاصة دون أن تظهر عليه علامات الأسف، وإذا راقبت الأطفال في وقت اللعب فسوف تلاحظين أن بعضهم يمنح الآخرين اللعب أو أدوات الرسم في حب وود وبعضهم يحتفظ بالأشياء لنفسه، ولا يعطي الآخرين أي مجال لمشاركته.

 

- الحب والحنان:

أما الحب والحنان فهو مقياس يوضح مدى فهم الطفل لمشاعر الآخرين فإذا شاهدك غاضبة أو متألمة فأقدم على احتضانكِ أو إرضائكِ بما في يده فهذا يعني أنّه تفهم مشاعرك بطريقته الخاصة وعبر عن ذلك حسب ظنه بما يرضيك.

يرى د. ريتشارد أنّ الأطفال يولدون ولديهم نزعات طبيعية في المشاركة والاهتمام بالآخرين، وقد لا نلاحظ هذه النزعات لأنّها تظهر في ومضات طبيعية مثل الابتسام، والبكاء.

وطبقاً لنتائج بعض الأبحاث إتضح أنّ الطفل في عمر أسبوع يبكي بصوت عال عندما يسمع بكاء طفل آخر، وهذا دليل على المشاركة.

وأثبت بحث حديث أجري في جامعة نيويورك أنّ المولود في عمر أسبوع يبكي أكثر عندما يسمع بكاءً مباشراً عما لو إستمع إلى تسجيل بكاء.

في عمر ست أشهر يتأثر بردود أفعال المحيطين فيبتسم ليرد على الابتسامة ويرسم على وجهه تكشيرة إذا كان من يحمله متجهماً وفي السنة الأولى يبدو متفهماً لمشاعر الآخرين وليس لتصرفاتهم فقط فإذا رأى شخصاً حزيناً فلن يحبو في إتجاهه.

وفي عمر 15 شهراً يتصرف تصرفاً واضحاً حيث يتفهم ويتقمص عاطفياً حين يذهب في اتجاه طفل آخر يبكي، ويحتضنه في حب كأنّه يخفف عنه.

وفي سن 18 شهراً يحاول أن يساعد الإنسان الحزين الذين أمامه لكن بشكل يعكس فهمه للعواطف، وفي عامه الثالث يدرك ما يفعله فتكون مشاعره في محلها لأنّه يفهم مطالب الآخرين بشكل أوضح فإذا بكى صديقه لأنّ اللعبة كسرت فسوف يحاول إصلاحها ليسعده، وقد ثبت أن قدرة الطفل على الاهتمام بالآخرين تعتمد جزئياً على طبيعة العلاقة بينه وبين أمه.

فقد درس الباحثون تصرفات مجموعة من الأطفال في مرحلتين مختلفتين من مراحل النمو الأولى في سن 16 شهراً حيث تركوا كل طفل يلعب بمفرده دقائق عدة ثمّ طلبوا من الأُم الإنضمام إليه، وسجلوا رد فعل الطفل عند رؤيته لأُمّه فصنفوا الأطفال إلى نوعين الأولى: أصحاب مشاعر حميمة ظهرت عليهم علامات سعادة غامرة عند رؤية الأُم.

والنوع الثاني: أصحاب مشاعر باردة لم ينفعلوا على الإطلاق.

وفي المرحلة الثانية: صوّر الأطفال بكاميرات الفيديو لمدة ساعة كل يوم لفترة امتدت إلى شهور، وكانوا قد التحقوا بمرحلة الحضانة، وكان التصوير يهدف إلى معرفة رد فعل هؤلاء الأطفال تجاه علامات الحزن التي تظهر على زملائهم لأسباب مختلفة في الحضانة.

 

- ردود الأفعال:

ثمّ قام الباحثون بمقارنة ردود الأفعال في المرحلتين فوجدوا أنّ المشاعر التي ظهرت في الطفولة المبكرة هي نفسها التي ظهرت في الطفولة مع زملائهم، فأصحاب المشاعر الدافئة والحميمة اهتموا أكثر بزملائهم، وأصحاب المشاعر الباردة لم يبد عليهم أي اهتمام، وخرج الباحثون بنتيجة هي أن علاقة الطفل بأمه تظل عاملاً مؤثراً في علاقته مع الآخرين ليس في مرحلة الطفولة فقط وإنما في راحل العمر كلها.

وفي النهاية توصل العلماء إلى أمور يجب على الأُم القيام بها لتساعد طفلها حتى يصبح اجتماعياً منها:

مساعدته على أن يكون مسؤولاً، وذلك بأن تسمح له الأُم بأن يساعدها في بعض المسؤوليات البسيطة مثل وضع الأطباق على المائدة، وإعادة اللعب إلى مكانها، وإحضار الجاكيت للأخ الأصغر، فالطفل يسعد بهذه الأنشطة التي تنمي فيه روح التعاون والمسؤولية.

امتداح سلوكه عندما يتصرف بشكل مهذب وحسن تجاه الأطفال أو الكبار.

ترك المجال له للقيام ببعض الواجبات مثل رعاية الصغير، وترتيب غرفته الخاصة، وأن تعطيه الأُم المثل الإيجابي، فالطفل يلاحظ تصرفاتها فإذا كانت أنانية فسوف يتصرف مثلها مهما قالت له العكس "فالأهم ما أفعل وإن كان ما أتلفظ به مهما".►

ارسال التعليق

Top