• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

بطولات القاسم بن الحسن (ع)

عمار كاظم

بطولات القاسم بن الحسن (ع)

 كانت فترة تربيته على نشأت أبيه ثلاثة أعوام... وقد برزت ملامح طاعته لربه، وفطنته وذكائه، وهو الابن الرابع للإمام الحسن (عليه السلام). بعد الأعوام الثلاثة تولى تربيته سيد الشهداء أبي عبد الله الإمام الحسين (عليه السلام) لمدة عشرة أعوام، فتخرج مؤمناً مجاهداً وعمره ثلاثة عشر عام، وأُمّه أُمّ ولد اسمها رملة، إنّه غلام لم يبلغ الحلم يشبه الإمام الحسن (عليه السلام) كثيراً. وصفه المؤرخون بأنّه كالقمر في جمال طلعته وبهائه وقد غذاه عمه بمواهبه، وأفرغ عليه أشعة من روحه حتى صار من أمثلة الكمال والآداب. يقول القاسم بن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): «لا يقتل عمي وأنا حي». هو الفتى الذي قدّم نفسه بين يدي عمه الحسين بن علي (عليهما السلام) فداءً وحباً وتضحية لدين الله عزّ وجلّ. القاسم بن السبط الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) تربى على يد أبيه كريم أهل البيت (عليهم السلام) أمامنا ومولانا الحسن بن عليّ بن أبي طالب (سلام الله عليهم أجمعين). لقد نادى سيدي ومولاي سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم العاشر من محرم بعد استشهاد كلّ أصحابه وأخوته وأبناء عمومته وأولاد أخيه وقف الحسين وأخذ ينادي بعالي صوته.. فسارعت الفتية من أبناء الإمام الزكي أبي محمد (عليه السلام) إلى نصرة عمهم والذب عنه، وقلوبهم تنزف دماً على ما حلّ به من عظيم الكوارث والخطوب، وبعد أن استشهد اثنين من ولد الحسن (عليهم السلام). أنكب القاسم على قدمي عمه يقبلهما ويتوسل إليه أن يأذن له في مقاتلتة أعداء الإسلام. قال له الإمام الحسين (عليه السلام): «أنت البقية من أخي الحسن(عليه السلام)». وعاد القاسم إلى الخيمة واللوعة في قلبه أخذت منه مأخذاً فهو مكسور الخاطر. ونظرت إليه أُمّه رملة وعلمت جواب عمه الإمام الحسين (عليه السلام). بعدها رجع القاسم راكضاً إلى عمه الحسين (عليه السلام) رافعاً يده بالكتاب فأخذ الحسين الكتاب فعرف أنّه خط أخيه الحسن أخذه فقبله وقرأ ما فيه، ثم ضم الحسين القاسم إلى صدره. قال القاسم: «يا عماه لا طاقة لي على البقاء وأرى إخوتي وبنو عمومتي مجزرين على الرمضاء، وأراك وحيداً فريداً، فقال له عمه: يا ولدي اتمشي برجلك للموت؟ أجاب القاسم: وكيف لا يا عم وأنت بقيت بين الأعداء وحيداً فريداً لم تجد ناصراً ولا معيناً روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء، سأله: بُني قاسم كيف تجد الموت؟ فأجاب الغلام إجابة الكبار ذوي البصيرة: في سبيلك يا عم أشهى من العسل». وجد الإمام الحسين (عليه السلام) إجابات القاسم إليه تشير إلى نضوجه وبصيرته... فأذن له بالقتال... وبعد تحرك القاسم ناداه الإمام الحسين (عليه السلام): حبيبي قاسم هلم إلي إذا هو عمه من جديد دنا منه فأخذه الحسين ضمه إلى صدره قبّل ما بين عينيه تناول الحسين عمامة القاسم قسمها نصفين وأدلاها على وجهه وأخذ ثوب القاسم فشقه وأداله على ابن أخيه كهيئة الكفن وكأن الحسين تيقن أنّ القاسم مقتول لا محالة. فما لبث عمّه الحسين إلّا وثار ثورة الضرغام بيده السيف وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلان، جعل يمشي بين صفوف الأعداء ويضرب بسيفه، مستخفاً بالموت غير آبه بالجمع كما يفعل الرجال الصناديد فوقف وهو يرتجز ويقول:

أن تنكروني فأنا نجل الحسن سبط النبيّ المجتبى والمؤتمن

هـذا حسين كألاسير المرتهن بين قوم لا سقوا صوب المزن

 

ارسال التعليق

Top