أسرة
احتضن النبي محمّد (ص) الشباب المسلم ورعاه وأولاه من المسؤوليّات ما يجعلنا – كشباب – نعيد النظر في أدوارنا في الحياة، وما ذاك إلا لأنّه كان يرى أنّهم الأرقّ أفئدة والأنقى سريرة والأقدر على التعاطي مع الحياة المتفتِّحة، والتفاعل مع المسؤوليّات الثقيلة بإيجابيّة كبيرة. جاء في الحديث الشريف: "عليكم بالأحداث، فإنّهم أسرع إلى كلِّ خير".
ولعلّك قرأت في سيرة النبي (ص) أنّه أرسل ذلك الشاب الوديع (مصعب بن عمير) في أوّل مهمّة تبليغية للإسلام إلى المدينة المنوّرة، وقد اعتمد النبي (ص) هذا الأسلوب في تسخير طاقات الشباب واهتمامهم بمسؤوليّاتهم الرسالية في أكثر من نموذج.
إنّها مسؤولية الدعوة إلى الله وتبليغ الرسالة.
- فـ(سعد بن مالك) لم يكن يتجاوز السابعة عشر من عمره، لكنّه كان لولباً إسلاميّاً متحرِّكاً، وداعية للإسلام نشيطاً ينافس الكبار في عطائهم، ويحرِّك في أمثاله من الشبان استعدادهم لفعل الخير، فكان موضع تقدير النبي (ص) والصحابة.
إنّها مسؤولية العمل في سبيل الله والهداية إلى سُبله وتوجيه الناس إلى الخير.
- و(عمّار بن ياسر) كان إبّان شبابه – كما بقي حتى آخر عمره – شعلة وهّاجة من الإيمان، لا يدع فرصة في زيادة الخير والأعمال الصالحة وخدمة الإسلام والدفاع عنه إلا واغتنمها، بل وكان السباق إليها.
إنّها مسؤولية الدفاع عن الدِّين والحُرمات والمُقدّسات والغيرة على الإسلام.
- و(علي بن أبي طالب) هذا الذي وصف النبي محمّد (ص) فتوّته بالقول: "لا فتى إلا عليّ"، كان يمثِّل فتوّة الإسلام النموذجية الذي لم يدّخر طاقة من طاقات شبابه إلا وفجّرها في طريق الإسلام سواء في ساحات الجهاد، أو في ساحات البذل والعطاء.
إنّها مسؤوليّة الفتوّة الموظّفة كلّها لله وفي خدمة الدِّين والناس.
- ولقد عيّن النبي (ص) (عتاب بن أسيد) قائداً لمكّة بعد الفتح وهو لمّا يُناهز الحادية والعشرين من عمره، تقديراً منه لكفاءة الشباب المؤمن العامل المكافح.
- كما عيّن (ص) (أسامة بن زيد) قائداً للجيش في حربه ضدّ الرّوم، وكان عمره آنذاك (18) عاماً، وطلب إلى شيوخ قريش أن يسيروا تحت لوائه.
إنّها مسؤوليّة القيادة لِمَنْ يمتلك مواصفاتها.
- وهكذا تعامل مع (معاذ بن جبل) و(معاذ بن عمرو بن الجموح) وغيرهم من شبّان المسلمين من خلال رؤية واعية لدور الشاب المسلم وتقدير دقيق لمؤهّلاته في حمل المسؤوليّة، وإدارة الأمور، أو قيادة الجيوش، أو التبليغ لرسالة الإسلام، فهم أقدر على تحمّل المشاق والصِّعاب، والدِّفاع عن الإسلام، وحمل همومه وتطلّعاته.
وقد لعب الشّبّان المسلمون والشابّات المسلمات – حتى بعد عهد النبي (ص) – أدواراً مشرِّفة.. ومازالوا يشكِّلون العماد في كلِّ حركة وثورة وإصلاح وتغيير.
ارسال التعليق