كثيراً ما يشدد خبراء العلاقات الزوجية على أهمية الصراحة بين الزوجين، مؤكدين أنها طوق النجاة لحياة زوجية بعيداً عن الشكوك، غالبية الدراسات في هذا المجال تؤكد تعدد مزايا الصراحة بين الزوجين وتأثيرها على استقرارهما النفسي. وقد أوضحت دراسة بريطانية أنّ المصارحة بين الزوجين تؤدي إلى شعور كل منهما بالآخر وبآلامه، إلى حد أنّ الشخص الذي يحب شريكه يعاني من الآلام والأحزان التي يشعر بها الطرف الآخر. كما أجمع العلماء على أن مصارحة كل طرف للطرف الآخر عن كل ما يضايقه منه هو الطريقة الوحيدة لحياة صحية ونفسية سليمة وأقل توتراً. ويعتقد الخبراء أنّ هذا السؤال لو تم تعميمه على المتزوجين في كل مكان في العالم فسيتم التوصل إلى النتيجة نفسها، مشيرين إلى أن غياب الصراحة في العلاقة الزوجية من الأسباب الرئيسية التي تجعل الأزواج كارهين لحياتهم ويتمنى بعضهم العودة إلى العزوبية. في استطلاع أجرته المعالجة النفسية هارفيل هندركس، مؤلفة كتاب "الحب الذي تريده.. دليل السعادة الزوجية" ذكرت أن ما يقرب من 83% من النساء لا يجدن حرجاً في المبادرة إلى دعوة أزواجهنّ للنقاش في شكل العلاقة الزوجية بينهم، في حين تبين أن نسبة الرجال الذين يهتمون بفعل الشيء نفسه لا تتجاوز 57%، وفسرت النتائج أنّ الشخصيات التي تميل إلى الصراحة الزائدة عن الحد هي شخصيات مندفعة لا تعرف كيفية التحكم في حديثها، وهي لا تعترف بوجود قصور في سلوكها هذا، وبالتالي هي شخصيات تحتاج إلى إعادة تأهيل، سواء من الرجال أو النساء. - معايرة زوج: انهمرت دموعها باكية بلا توقف تحكي واقعة حدثت لها مع زوجها حين أخبرته في أحد الأيام من قصة خلافهما مع شقيقتها الوحيدة، حيث فوجئت به في يوم آخر وأثناء نقاشهما حول بعض الأمور يعايرها بوقائع الخلاف مع شقيقتها الذي حكته له. وأضافت: لم أتوقع منه الإساءة لي بهذا الأسلوب الذي أكد إليّ أنني توهمت حسن استماعه لي وتعاطفه معي، وعندما أراد الكيل لي ألقى في وجهي بذلك الخلاف ليثبت لي أنني دائماً أخطئ مع الآخرين. هنا تحدث المفارقة بين نصائح الأُمّهات والجدات التي تقوم على ضرورة احتفاظ الزوجة لنفسها بمساحة من الخصوصية في أشياء لا ضرر فيها، مثل دخلها المادي وعلاقتها مع أسرتها المختصرة في المثل الشعبي القائل: "زوجك لا تحكيله سرك وتملليه منك"، وبين نصائح خبراء علاقات الزوجية المشددة على ضرورة المصارحة التامة بين الزوجين لمد جسور الثقة بينهما. - ممنوع الزيارة: امرأة أخرى حكت لزوجها عن ابن عمها الذي كان يحبها ويريد الزواج منها فكان جزاء صراحتها أن منعت من الزيارات العائلية، حتى بيت عمها لم تدخله منذ ذلك اليوم، وعنما كانت تتذمر تقول: كان يتطاول عليَّ بالكلام ويقول إنني أريد زيارتهم فقط لأرى حبيبي السابق، وحاولت كثيراً أن أغير نظرته وأوضح له أنني لم أكن أحبه، ولو كنت لقبلته زوجاً، لكنه لم يقتنع وندمت كثيراً لأنني كنت صريحة معه. - لا للماضي: ترى نورا القطبي أنّ الصراحة بين الزوجين لا تعني أن تحكي المرأة بغباء، أو يسرد الرجل كل ماضيه بطريقة قد تفتح عليه أبواباً هو في غنى عنها، توضح نورا: يمكن أن يحكي الزوج لزوجته أنه كان كثير العلاقات قبلها فتصبح هي شديدة الغيرة وتراقب كل تصرفاته، أو تحكي الزوجة لزوجها عن خطيبها السابق فتجرحه من دون أن تشعر، لكنها في الوقت نفسه تقول إنّ الصراحة مطلوبة بين الزوجين فيما يتعلق بحياتهما المشتركة معاً، فهناك صراحة تقرب بين الأزواج وتجعل العلاقة بينهم تصل إلى مرحلة الصداقة وهذا سر نجاح البعض. وتشير هديل عرفة العايدي إلى وجود العديد من الأمور التي لا يجب البوح بها ولا الخوض فيها، لأنّها قد تكون السبب في خلق المشكلات، وتضيف: الكثير من الأشياء يجب ألا تقال فقد تكون تجريحاً وليست صراحة كالانتقادات اللاذعة، التي كثيراً ما تجرح الطرف الثاني، وأحياناً هناك مواقف يحكيها أحد الطرفين بحسن نيّة، لكن الشخص المقابل يأخذها على أنها سلبيات لذا يجب أن يزن الإنسان كلامه. ولا توافق علياء محمد هديل على هذا الرأي، فهي ترى أنّ الصراحة يجب أن تكون مطلقة وألا يحجب الزوجان أي شيء عن بعضهما البعض لأي سبب من الأسباب، وعلى كل واحد منهما أن يكون مرآة عاكسة لسلبيات وإيجابيات الطرف الثاني، فالصراحة مفيدة في مواجهة كل طرف للآخر بأخطائه ما يجعله يدرك حجمها وهو ما يقوي الحب بين لطرفين. - إلا الماضي: نبهان آل علي، له وجهة نظر خاصة به، فهو يعتبر أنّ الصراحة بين الزوجين يجب أن تشمل حاضرهما معاً، ولا داعي للتطرق للماضي أو ما سبق ارتباطهما، يوضح: قد يحكي الزوج لزوجته عن علاقاته السابقة فيفتح على نفسه أبواب الشك والمشكلات، والشيء نفسه بالنسبة للزوجة التي قد تحكي لزوجها عن خطيبها السابق أو قريبها الذي كان يريد الزواج منها فتجعله يغار وقد يمنعها من زيارة أهلها بسبب ذلك، وهو ما يضايقها وقد تتحول الغيرة إلى شك يهدم العلاقة الزوجية. سنان ناجي، يرى أن مضمون الصراحة بين الزوجين يختلف عن الثرثرة، فكما أن هناك أشياء يجب ألا نحجبها هناك أشياء يجب ألا تقال لأنّها تجرح، يوضح سنان: هناك أشياء إذا قيلت تضر العلاقة أكثر مما تنفعها لذا على الإنسان أن يكون حذراً وأن ينتبه لكلامه، فالرزانة مطلوبة. - أمر نسبي: منصور إبراهيم العميري يعتبر الصراحة أمراً نسبياً يخضع إلى طبيعة كل شخص وعلاقته بشريك حياته، فإذا كانت الزوجة صديقة يصح أن يحكي لها الرجل عن كل تحركاته بصراحة، لكن إن كانت غير ذلك فلا يجب التمادى في الصراحة خشية أن يتسبب ذلك في خلق بعض المشكلات أو الحساسيات، على الجانب الآخر لابدّ للزوجة أن تحكي لزوجها عن كل كبيرة وصغيرة في حياتها، فالشفافية مطلوبة معه وخصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية، فالرجل إذا اكتشف أن زوجته تكتم عنه أي شيء قد يؤدي هذا إلى مشكلات يمكن أن تصل إلى حد الطلاق. الصراحة وحدها لا تبني جواً هادئاً في الأسرة، والصراحة المطلقة قد تهدم بدلاً من أن تبني. عزيزتي الزوجة، عزيزي الزوج إليكما نصائح خبراء الاستشارات الزوجية من أجل حياة زوجية سعيدة. - الثقة المتبادلة: لابدّ أن يثق كلا الطرفين في الآخر. - الإيجابيات أوّلاً: عدم وضع ميكروسكوب لينظر منه كلا الطرفين على سلبيات شريك حياته، بل على العكس، والنصيحة هنا للمرأة وخاصة أن تستخدم مكبرها الداخلي لكي ترى إيجابيات زوجها. - الحوار السليم: وذلك لعدم إعطاء فرصة للآخرين للتدخل في حياتهما، وأن يناقشا مشكلاتهما بأسلوب حضاري هادئ، فبداية فشل أي علاقة زوجية تبدأ من حيث تنتهي فرص الحوار بين الطرفين. - مستمعة جيِّدة: لابدّ أن تحسن المرأة الاستماع إلى شريك حياتها. - الصداقة: الصداقة شيء مهم وخاصة في العلاقة الزوجية، وهي من أهم ركائز الزواج الناجح. - هوايات مشتركة: دائماً ما يكون هناك اختلاف في الهوايات بين الزوجين مما يكون له أثر سلبي عليهما، والحل بسيط، وهو أن يفكرا في هواية جديدة تجمعهما معاً. - الرومانسية: لابدّ أن يكون للمرأة حس رومانسي، لأنّ الرومانسية تجعل شريك حياتها طفلاً وديعاً. - الحب والمودة: اعلمي أنكِ لا تستطيعين أن تتحكمي في شريكك، ولا يمكنك أن تقرري ما يجب أن يقوله أو يشعر به، ومن ناحية أخرى فإن تصرفاتك يمكن أن تمنح شريكك الثقة بالنفس فيكشف عن مشاعره. * عبدالله موسى: الصراحة المطلقة مدمرة: الاستشاري الأسري عبدالله موسى يؤكد أنه لا يجب البوح بكل شيء، قائلاً: الصراحة المطلقة مدمرة للحياة الزوجية، فالرجل له خصوصيته كما المرأة، فقد مرت عليه قصة طلبت خلالها الزوجة من زوجها أن يخبرها بماضيه وقالت: إن ذلك لن يؤثر على علاقتهما ما دامت كانت قبل الزواج، ولكن عندما أخبرها طلبت الطلاق، فهنا يجب أن يتحدث الإنسان بحكمة فالمؤمن كيس فطن، لكن من دون أن يكذب أو يخدع، فالعلاقة الزوجية علاقة بشرية في المقام الأوّل والأخير بين طرفين قد تجمعهما الظروف كأصدقاء بين طرفيها، والثقة تبنى على الصراحة والصدق في التعامل، لكن علينا أن نفرق بين الصراحة والصدق، وبين الثرثرة وقلة الفطنة التي قد تدفع في بعض الأحيان إلى البوح بتفاصيل لا تسهم إلا في سوء العلاقة. * خولة أحمد: الصراحة تؤدي إلى الثقة: تنصح خولة أحمد اختصاصية أولى أمراض نفسية في مستشفى راشد، بالصراحة بين الزوجين لأنها تزرع الثقة بينهما، لكن في الوقت نفسه تؤكد ضرورة احترام كل طرف لشخصية الثاني ولطبيعته النفسية وشخصيته المختلفة، فالزوج عادة ما يكون قليل الكلام وكتوماً وهذا يضايق الزوجة وتراه من جانبها إهمالاً أو تجاهلاً، بينما الزوجة كثيرة الكلام والتفاعل وهذا ما يفسره العديد من الأزواج على أنه انفعال وثرثرة، وهو ما يخلق بينهما الصدامات، وتنصح الدكتورة خولة كل زوج وزوجة بامتلاك مقياس يمكن تقدير مثل هذه الأمور من خلال مثل، ماذا يقول؟ ومتى وكيف؟ على سبيل المثال، فإنّ الحديث بصراحة مطلقة عن علاقتهما بأصدقائهما أو أسرتيهما من الأمور الخاطئة، فالأهل والأصدقاء لهم أسرارهم الخاصة التي يجب الحرص عليها وعدم إفشائها. كما أنّ الإعلان عنها لن يفيد أي طرف، على العكس قد يسبب بعض الضرر، كما أنها قد تكون في ذهن الطرف التسمتع، سواء كان الزوج أو الزوجة، صورة ذهنية معينة عن الطرف الآخر، مثل كونه لا يحفظ الأسرار، أو لا يحسن التصرف في بعض الأمور، هناك أيضاً علاقات الطرفين السابقة للزواج من الممكن الحديث عنها بشكل عابر، لكن من دون الدخول في التفاصيل. فيجب أن تكون هناك حدود للصراحة وإلا تحولت إلى نقمة تدمر العلاقة الزوجية، وخصوصاً إذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق