بعيداً عن ثورة الخبز والورد، التي قامت بها مجموعات من النساء في نيويورك، في الثامن من شهر مارس/ آذار عام 1908 احتجاجاً على الظروف اللا إنسانية التي يعملن في ظلّها، تحتفل نساء العالم بهذا اليوم، الذي يمثّل لدى الكثيرات تتويجاً بإنجازات قدمنها، بينما لا تزال أخريات يرفعن شعارات المطالبة بحقوقهنّ وإن تفاوتت درجة وطبيعة تلك المطالب بين بلد وآخر، تبعاً للظروف الاجتماعية والاقتصادية. وسواء أكنّ نساء محتفلات أم مطالبات، فإنّهنّ يملكن من الوعي والحماسة ما يكفي، كي يضعن بصماتهنّ الخاصة في الحياة، إذا ما توافرت لهنّ الظروف المناسبة، ونلن الدّعم من المجتمع. أمّا الخبر السعيد فنجده لدى كلّ امرأة عرفت معنى أن يكون الرجل سندها، ومكمّلها، فدعم الرجل للمرأة، حقيقة تلمسها نساء كثيرات، بعيداً عن أفكار تشيع أن بينهما حرباً من الصعب أن تنتهي، فقد خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى ليكون كلّ منهما معيناً للآخر، لذا، لابدّ للطبيعة من أن تقول كلمتها. هناك سلسلة لقاءات مع نساء عربيات عاملات قلن فيها كلمتهنّ في المرأة كما في الرجل، في هذه المناسبة.
- الحاجة إلى الحوافز:
مريم الناصر، مسؤولة أولى علاقات عامّة في مؤسسة للإعلام، ترى أنّ "النساء العربيات بطبيعتهنّ يحتجن إلى وجود دوافع ومحفّزات ليتجرأن، ويعبرن عن أنفسهن، فتقاليدنا العربية تقلّص نوعاً ما من شجاعة المرأة في ما يتعلّق بتعبيرها عمّا نحبّ أن تكون وتفعله، واعتبر أن من حسن حظي أن كان لوالدي دور أساسي في تنمية ثقتي بنفسي، وتقوية شخصيّتي كي أكون قادرة على أن أكون نفسي".
تأسف مريم "لأن يوم المرأة العالمي يمرّ مرور الكرام، مع الاكتفاء بمجرد نشاطات باتت تشكّل تقليداً لا يعود على المرأة التي تعرف ما تمتلكه من إمكانيات تؤهلها لتحقيق التميّز، بفائدة أكثر من التنظير والنظريات"، وتتمنّى أن تقوم المنظّمات المختصة بقضايا المرأة بالإعلام عن مشروع ما بمناسبة هذا اليوم، يفسح المجال أمام نساء يرغبن في تحقيق إنجازات، ولكنهنّ بحاجة إلى الدعم، وهكذا يحقّق هذا اليوم أهدافاً أكثر عمقاً من مجرد الاكتفاء بتكريم امرأة سمحت لها ظروفها بأن تتميّز دون غيرها، ويكون قد ساهم في صناعة هذا التميّز".
- شريان الحياة:
تبعاً لتجربة نهى وهي ربة منزل، كانت المرأة سائرة في خطوات حثيثة إلى الأمام، "فقد شهدت الكثير من البلدان العربية، حركة نهضوية رفعت من شأن المرأة، وجعلتها تشارك الرجل في تحمل المسؤولية في الحقول كافّة، ولكنها في ظل الظروف الراهنة، عادت إلى الخلف مع من عاد من شرائح المجتمع نتيجة التغيرات التي انتابت بلداناً عدة في العالم العربي. فحين تغيب المرأة عن البرلمان، وحين لا يكون لها تمثيل وزاري، سيعود هذا بالطبع بأثر سلبي عليها وسيتم تهميشها". وترى نهى أنّ للرجل في حياة المرأة دوراً أساسياً، فهو المكمّل وهو شريان حياتها في كل مرحلة تعيشها، سواء أكانت عاملة أم ربة منزل، فلا غنى لأحد منهما عن الآخر".
- يوم واحد لا يكفي:
ترى غزلان التي تعمل مندوبة دعاية وإعلان، إنّ هذا اليوم "ليس كافياً للمرأة في ظلّ التحديات التي تواجهها في العديد من دول العالم"، وتقسم غزلان، المجتمع إلى مجتمعات أصغر، حين تتحدّث عن دعم المجتمع للمرأة، وترى أنّ المجتمعات تختلف عن بعضها بعضاً في ما يتعلق بتقديم الدعم للنهوض بواقع المرأة، تقول: "إذا ما نظرنا إلى واقع المرأة في المجتمعات العربية في الوقت الراهن وجدنا أنها تحصل على خمس وعشرين في المئة من حقّها مقارنة بالمجتمعات الغربية"، وهذه النسبة تختلف من مجتمع عربي إلى آخر" وتستدرك، مشيرة إلى أن واقع المرأة في المجتمعات العربية أفضل بكثير من واقعها في القارة السوداء، مما يوجب علينا ألا نكيل المجتمعات كافة بالمكيال نفسه، لأنّنا في هذه الحالة سنظلم المرأة العربية"، وعلى أساس القاعدة النسبية نفسها، ترى غزلان أنّ "كرامة المرأة في الدول العربية أفضل ما هي عليه في أوروبا وأمريكا، حيث إن حرية المرأة شيء، والقوانين الاجتماعي شيء آخر، وبالتالي يتوجب علينا دائماً النظر إلى تجارب الآخرين لنأخذ منها ما يفيد مجتمعاتنا المحلية".
- أضواء على الإنجازات:
لمى عيسى الحميدي التي تتولى إدارة مركز صناعات يدوية، تبدو متفائلة حين تعرب عن اعتقادها بأنّه "لم تعد هنالك حاجة إلى يوم المرأة العالمي، فقد تخطّت المرأة موضوع الوعي بحقوقها منذ سنوات عدّة، وباتت كائناً يتجاوز نصف المجتمع"، لذلك فهي ترى "أنّ اليوم الاحتفالي بالمرأة يقام سنوياً ولكنّ الهدف منه قد اختلف، فبعد أن كان يقام للتذكير بحقوق المرأة المهدورة، بات يقام لإسقاط الضوء على إنجازاتها".
ويستند تفاؤل الحميدي إلى واقع، حيث تقول: "إنّ المرأة بعد أن كانت بسيطة، باتت عظيمة"، وخصوصاً المرأة العربية التي تصفها الحميدي بأنّها "شعلة من النشاط والحماسة والذكاء.
الرجل في رأي الحميدي "ليس محارباً بل هو السند، وخصوصاً بعد أن تطوّرت الحياة، وتغيّر نفسيّاً وجسديّاً.
- جدولة أهداف المستقبل:
راما إبراهيم، المؤسسة والمديرة العامة لشركة Content people، ترى أن وجود يوم عالمي للمرأة بمثابة تذكير للمرأة المهمّشة بضرورة المطالبة بحقوقها، فهناك الكثير مما يستلزم أن تطالب به النساء في بعض البلدان وخصوصاً تلك التي لم تمنح المرأة بعد حقوقها كما يجب، لا سيما في ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، وقانون الجنسية، وحقّ حضانة الأطفال، وتسلمّها المناصب القيادية.. إنّه فرصة للتفكير بما وصلت إليه المرأة، وتذكير بالخطوات التي يجب أن تتّخذها لتحقيق أهدافها في السنوات القادمة".
- الأولوية للأسرة:
د. عوشة أحمد المهيري أستاذة مساعدة في كلية التربية، ترى أنّ المجتمع تقدّم بما فيه الكفاية ليكون يوم المرأة العالمي سبباً للاحتفال، "فحال المرأة اليوم مختلف كثيراً عما كان قبل ما يزيد على عشرة أعوام، حين كانت عوائق عديدة تقف في وجه المرأة وتحول دون تحقيق ذاتها".
وبالنسبة إلى الدكتورة المهيري فإن فكرة الدراسة في الخارج كانت صعبة لولا الدعم الذي تلقّته من أخيها، فقد كان سنداً لها، ولذا فهي ترى أنّ المجتمع الذي ينصف المرأة، سيعود على نفسه بالخير لأنّها ستكون عنصراً فعّالاً فيه بطريقة إيجابية، وفي المقابل تؤكد أنّ الأسرة يجب أن تكون أولوية في حياة المرأة، قبل أي شيء آخر، "وإن اضطراب إلى التضحية بحياتها الشخصية أحياناً في سبيلها".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق