• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحسين (عليه السلام).. رمزُ الإباء

عمار كاظم

الحسين (عليه السلام).. رمزُ الإباء

الحسين (عليه السلام) هو رمزُ الإباء والتضحية والشجاعة، كان (عليه السلام) يحظى بمقام رفيع، بلغ القمّة الشامخة في دنيا المسلمين، بدمه الطاهر الزكي كتب أنشودة الجرح حين يسمو بألمه. كان قلبه (عليه السلام)، يشع رحمةً، ونقاءاً، وصدقاً، فقد جمع الله له من رؤية الحقّ ورفعة النفس، فعمل جاهداً على تخفيف معاناة المحرومين، لكي يزرع في قلوبهم الأمل. الإمام الحسين (عليه السلام) هو إمام عالم يعرف ما يجهله الكثير وإنّه يملك الشجاعة بكلّ معانيها، الشجاعة في إبداء الرأي وإظهار العلم والمعرفة في جميع المحافل.

لقد عاش الإمام (عليه السلام) مرحلة الإعداد الإلهي ومرحلة تحمّل أعباء الرسالة الإسلامية العظيمة مع جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكلّ ما لهذه الكلمة من معنى، فقد خضع إلى لون خاصّ من التربية والتوجيه والإنشاء الروحي والفكري بإشراف جدّه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأبويه العظيمين عليّ وفاطمة (عليهما السلام)، فجاءت شخصيّته تجسيداً لرسالة الإسلام فكراً وعملاً وسلوكاً. حيث كان له سيرة مُثلى في الحياة، وبُعد نظر، وسعة إيمان، واندفاع عظيم في العقيدة والمبدأ، تمثّل مركز الريادة في الفكر الإسلامي الأصيل، متبصّراً في كيفية حمل رسالة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مجدّداً مسيره، عالماً بما يجب عليه، عاملاً بما توجبه عقيدته.

إنّ للإمام الحسين (عليه السلام) موقعاً رسالياً في صميم حركة الأنبياء والأولياء تميّز به عن سائر أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وجعل منه حقيقة خالدة وضميراً حيّاً لكلّ مظلوم، وصرخة حقّ تدوي في وجه الظالمين إلى يوم الدين، وتدل الروايات التي تنقلها الكُتُب الحديثة والفرق الإسلامية في حقّ الإمام الحسين (عليه السلام) على أنّ هناك دوراً رسالياً ومقاماً إلهياً خاصاً أراده الله سبحانه وتعالى ورسوله الصادق الأمين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الإمام لكي يكون ثأر الله القائم، وبه (عليه السلام) وبنهضته المباركة تتكامل شروط الوعي العقائدي للأمّة الإسلامية، وسيتعاظم اندماجها بالرسالة لتنطلق تحت ولايتهم بإرادة صعبة ثائرة، وبعزم أولي العزم نحو إعلاء كلمة الله في الأرض ليكون الدين كلّه لله وحده لا شريك له.

إنّ ثورة الحسين (عليه السلام) كانت الوهج الساطع الذي أضاء المسالك لمن أراد المسيرة بالإسلام في طريقها الصحيح والمرآة الصافية للتخلص من الحاضر الذي كانت تعيشه الأُمّة، ومن أجل ذلك فقد دخلت في أعماقهم جيلاً بعد جيل وستبقى خالدة خلود قادتها تستمد بقاءها وخلودها من إخلاص قادتها وتفانيهم في سبيل الإسلام والمثل العليا ما دام التاريخ. كانت تحمل في طياتها الكثير من المعاني الساميّة في جوانب الحياة المختلفة، ومنها الجانب التربوي، إذ خطّت هذه النهضة العظيمة أروع السطور في الأساليب التربويّة والقيم الأخلاقية التي رسمها بأنامله الشريفة لتكون نبراساً يقتدى به، فأراد أن يعمل على تحريك المشاعر بشتى الوسائل جاعلاً من توجهه نحو الله تعالى القاعدة الأساسية في أقواله وأفعاله وتقريراته.

وكما يسميه علماء النفس والتربية إيقاظ الأنا العليا داخل الفرد وداخل الأُمّة والعمل على إعادتها إلى رشدها. والحقيقة أنّ الحسين (عليه السلام) أراد أن يعيد للأُمة الإسلامية وعيها ويفيقها من غفلتها العميقة. وقد استخدم في هذا السبيل أسلوب الوعظ والنصيحة والتوضيح الكافي فضلاً عن تذكير الأُمّة مؤكداً أنّه أقرب الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حيث الفكر والعقيدة والروح والجسد آملاً في إرجاع الأُمّة إلى واقعها النفسي والعاطفي الأصيل.

من الواضح أنّ الحسين (عليه السلام) حين أراد الخروج من المدينة ومكة، اعترض على خروجه العديد من الشخصيات، فكان يمتلك إرادة قوية وعزماً متيناً وبين جنبيه همة عالية جعلته يصر إصراراً كبيراً على ضرورة الخروج بالرغم من المصير المحتوم الذي يعرفه وما سيلاقيه هو وأهل بيته (عليهم السلام).

ارسال التعليق

Top