خاض محتجون غاضبون من فيلم يسيء للنبي محمد (ص) اشتباكات مع الشرطة في عدة مدن اسيوية يوم الاثنين وصبوا جام غضبهم على الولايات المتحدة التي القوا عليها باللوم فيما يعتبرونه هجوما على الدين الإسلامي.
وأطلقت الشرطة الباكستانية أعيرة نارية في الهواء لتفريق حشد كان متجها إلى القنصلية الأمريكية في مدينة كراتشي في حين احرق محتجون في أفغانستان واندونيسيا الأعلام الأمريكية ورددوا هتافات "الموت لأمريكا".
واستخدمت الشرطة الاندونيسية الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق مئات المتظاهرين الذين احتشدوا أمام السفارة الأمريكية في العاصمة جاكرتا.
وفي كابول اشعل محتجون النار في سيارات ومتاجر ورشقوا الشرطة بالحجارة.
وقال محتج في العاصمة الأفغانية "سندافع عن نبينا (ص) إلى ان تغطي الدماء اجسادنا. لن ندع أحدا يسيء اليه." وأضاف "الأمريكيون سيدفعون الثمن مقابل هذه الإهانة."
وشارك الآلاف ايضا في مسيرة في بيروت حيث اتهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اجهزة المخابرات الأمريكية بالوقوف وراء الاحداث التي اطلقت موجة من المشاعر المناهضة للغرب في العالم الإسلامي والعربي.
وكانت هذه احدث احتجاجات في انحاء العالم بسبب فيلم قصير يسيء للنبي محمد (ص) انتج بتمويل خاص في الولايات المتحدة وبث على الإنترنت.
وتسبب هذه الازمة متاعب للرئيس الأمريكي باراك أوباما في السياسة الخارجية مع اقتراب انتخابات الرئاسة في نوفمبر تشرين الثاني القادم رغم ان حكومته ادانت الفيلم ووصفته بانه مثير للاشمئزاز ويستحق الشجب.
وفي موجة من العنف الأسبوع الماضي قتل السفير الأمريكي لدى ليبيا وثلاثة أمريكيين آخرين في هجوم وقع في بنغازي واقتحم مسلمون غاضبون سفارات أمريكية وغربية اخرى في عدة مدن في آسيا وافريقيا والشرق الاوسط. وقتل تسعة اشخاص اخرين على الاقل في تلك الاحداث.
وأرسلت واشنطن سفنا وقوات اضافية وخاصة لحماية مصالحها ورعاياها في الشرق الأوسط وقام عدد من سفاراتها باجلاء موظفيها واتخاذ اجراءات امنية مشددة تحسبا لأي متاعب.
وقال متحدث باسم البيت الابيض إن أوباما اجرى اتصالات هاتفية مع عدد من كبار الدبلوماسيين في مطلع الاسبوع لتأكيد دعمه لهم.
وأضاف المتحدث جوش ايرنست "اتصل برؤساء البعثات الدبلوماسية في السودان وتونس وليبيا واليمن كي يعرف هؤلاء الدبلوماسيون انهم في باله وان امنهم ما زال يمثل اولوية قصوى في نظره وانه سيظل محور تركيزه."
ورغم جهود أوباما في بداية ولايته لتحسين العلاقات مع العالم العربي والإسلامي فإن اعمال العنف الاخيرة تضاف إلى مجموعة من المشكلات التي تشمل استمرار التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان والبرنامج النووي الإيراني والحرب الاهلية في سوريا وتبعات ثورات الربيع العربي.
وبددت الاحتجاجات التي اندلعت يوم الاثنين الآمال في تلاشي الضجة المتعلقة بالفيلم رغم دعوة رجل دين سعودي كبير في مطلع الاسبوع للتحلي بالهدوء.
وفي مظاهرة كابول ردد المحتجون هتافات "الموت لأمريكا" وأحرقوا العلمين الأمريكي والإسرائيلي.
وتم تأمين السفارات الأمريكية والبريطانية وبعثات اخرى مع اندلاع العنف قرب مجمعات سكنية يقطنها عمال اجانب.
وفي مدينة كراتشي الباكستانية توجه محتجون على متن دراجات نارية وسيارات إلى القنصلية الأمريكية مما دفع الشرطة إلى اطلاق النار في الهواء واستخدام الغاز المسيل للدموع. وقالت الشرطة انها اعتقلت 30 طالبا.
وفي لاهور رشق محتجون باكستانيون الشرطة بالحجارة واحرقوا العلم الأمريكي قرب القنصلية الأمريكية. وقالت الشرطة ان ستة من افرادها وبعض المحتجين اصيبوا بجروح.
وقالت وزارة الاعلام الباكستانية ان رئيس الوزراء راجا برويز اشرف أمر بحجب موقع يوتيوب في البلاد لكيلا يتسنى مشاهدة الفيلم المسيء.
وتواجه الحكومة الباكستانية المدعومة من الولايات المتحدة تمردا تدعمه القاعدة وجماعات متشددة اخرى لكن المشاعر المعادية للولايات المتحدة لم تغب قط.
وفي بيروت ألقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله كلمة امام عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين كانوا يتظاهرون احتجاجا على الفيلم المسيء.
وقال نصر الله الذي نادرا ما يظهر في العلن تجنبا لاحتمال تعرضه للاغتيال منذ أن خاض حزب الله حربا لمدة شهر مع إسرائيل عام 2006 "اليوم نأتي الى هنا لأقول انا وليقول كل واحد منكم يا رسول الله فداؤك نفسي ودمي وأبي وأمي وأهلي وولدي ومالي وكل ما خولني ربي فداء كرامتك وهيبتك وعنفوانك وشرفك وعرضك."
وشارك آلاف الأشخاص في مسيرة احتجاجية في ضاحية بيروت الجنوبية مرددين هتافات مناهضة لأمريكا وإسرائيل وقالوا "يا أمريكا اسمعينا..لا إساءة لنبينا".
وقال نصر الله في كلمة بثها التلفزيون في وقت سابق ان الولايات المتحدة يجب ان تتحمل المسؤولية وان اجهزة المخابرات الأمريكية هي التي تقوم بتدبير الاحداث.
وفي تونس قال شاهد من رويترز إن زعيما سلفيا تونسيا هرب يوم الاثنين من مسجد كانت تحاصره قوات الأمن سعيا لاعتقاله بسبب اشتباكات وقعت عند السفارة الأمريكية الأسبوع الماضي.
وتمكن سيف الله بن حسين زعيم فرع جماعة أنصار الشريعة في تونس من الفرار بعد أن اقتحم المئات من أتباعه مسجد الفتح في العاصمة.
وكان بن حسين قد ابلغ انصاره في وقت سابق انه لم يشارك في الاحتجاجات التي قتل فيها شخصان عندما فتحت الشرطة النار على محتجين كانوا ينهبون السفارة الأمريكية.
وفي اذربيجان اعتقلت الشرطة نحو 15 شخصا حاولوا الاحتجاج امام السفارة الأمريكية في باكو.
وشهدت بريطانيا واستراليا مظاهرات مماثلة في مطلع الاسبوع مما يوضح مدى نطاق الغضب العالمي من الفيلم المسيء للرسول.
وفي تطورات اخرى ادانت إيران الفيلم ووصفته بانه كريه وتعهدت بملاحقة المسؤولين عن انتاجه.
وقالت وكالة مهر للأنباء نقلا عن محمد رضا رحيمي النائب الأول للرئيس الإيراني "ستبحث قطعا عن هذا الشخص الآثم وتقتفي أثره وتلاحقه... هذا الشخص الذي أهان 1.5 مليار مسلم في العالم."
وطالب مسؤولون إيرانيون الولايات المتحدة بالاعتذار للمسلمين عن الفيلم قائلة إنه يجيء ضمن سلسلة من الإهانات الغربية لرموز إسلامية.
وما زالت هوية المسؤولين بشكل مباشر عن صنع الفيلم غير واضحة. وكان رجل يدعى سام باسيلي هو الذي وضع لقطات من الفيلم على الانترنت في يوليو تموز وقال اثنان لهما صلة بالفيلم إنه ربما يكون اسما مستعارا.
واستجوبت السلطات الأمريكية يوم السبت نيقولا باسيلي نيقولا (55 عاما) وهو قبطي قالت وسائل إعلام إن له صلة بالفيلم وذلك في إطار تحقيقها في احتمال مخالفته القواعد خلال فترة الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة بعد إدانته في قضية احتيال مصرفي.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق