◄التفكير الابتكاري هو توليد أفكار جديدة تجعل حياة الإنسان أفضل وأسهل وتحقق أغراضه في عمله وفي حياته الخاصة. وقد يكون هذا التفكير في صورة حلول جديدة لمشكلات قديمة أو أساليب جديدة لممارسات عملية روتينية تعود عليها الإنسان منذ وقت طويل.
وتنقسم عملية التفكير الابتكاري كما يقول العلماء إلى أربعة مراحل هي:
المرحلة الأولى: التفكير في المشكلة، أوالتحضير والإعداد لإيجاد حل مناسب.
Preparation، وتعنى هذه المرحلة بالإطار العام للصورة الموضوعية. وبعبارة أخرى، بحث المشكلة وتقليبها من جميع جوانبها، وكذلك إعداد الحضور الذهني من أجل النظر في المشكلة بواقعية تمكنك من جمع الحقائق.
المرحلة الثانية: التأمل Incubation وهي المرحلة التي يجنب الشخص المشكلة عن بؤرة تفكيره ويجعلها ساكنة، يفكر فيها بهدوء وعمق.
المرحلة الثالثة: الاستنارة Illumination وهي المرحلة التي تعرف بأنها الوقت الذي تلمع فيه فكرة الحل الجيد في ذهن المفكر، فعليه أن يلتقطها وإلا ستضيع منه، وإذا ضاعت منه فعليه أن ينتظر ربما قليلاً أو طويلاً لترجع إليه ثانيةً. وعموماً فما يحدث في هذه المرحلة نلاحظه في الاجتماعات عندما يقفز أحدهم قائلاً: عندي فكرة! أو عندما تكون منشغلاً بمشكلة ويقفز إلى ذهنك حلاً واضحاً لها.
المرحلة الرابعة: التطبيق الإبداعي Creative Implementation ويستطيع الفرد في هذه المرحلة تطبيق الفكرة الإبداعية وتجربتها برؤية واضحة للخروج بالنتيجة النهائية في شكلها الصحيح كما يرغبها.
هل لديك أي من السمات التالية للمبدعين؟ إنّ المبدع:
- لديه شغف بزيادة المعرفة والتعرف على الأسباب وراء الأمور ولا يقبل الأشياء بدون الغوص في مبرراتها وأسبابها. سمة حب الاستطلاع أو زيادة المعرفة أو اكتشاف ماهية الأشياء والأحداث. إنّه دائماً يسأل: "لماذا؟".
- يكتب كلّ فكرة جديدة تمر عليه ويمكنها أن تسهم في تسهيل عمله أو حل مشكلاته. وقد يضع لمثل هذه الأفكار ملف في مكتبه يضع فيه كلّ فكرة جديدة. فيكتب الفكرة في أي وقت جاءته سواء في مكتبه أو خارجه ثمّ يضعها في هذا الملف ويرجع إليه بين فترة وأخرى لمواجهة أي مشكلات تواجهه في عمله. ويمكن تسجيل الأفكار بطرق كثيرة إما في ورقيات صغيرة أو استعمال مسجل وتسجيل الأفكار أو الاتصال بالمكتب ووضع رسائل صوتية لتدوينها عند الوصول أو استعمال البريد الإلكتروني أو غيره من الوسائل. الفكرة من وراء هذا العمل أن هناك الكثير من الأفكار الجديدة والمبدعة تخطر علينا في بعض الأوقات وتوثيق مثل هذه الأفكار يختصر علينا الكثير من الوقت ويسهل عملية التفكير في الحلول التي تواجهنا في عملنا.
- يرجع إلى أفكاره المكتوبة ويطلع على الملف أو الملفات بين فترة وأخرى بحيث لا ينسى هذه الأفكار أو يجعلها تقبع في الأدراج بدون فائدة.
- يعبر عن أفكاره وآرائه ويشرك الآخرين في مناقشتها. فأفكار المبدع لا تقبع في رأسه بل يصرح بها للآخرين ويناقشها معهم ويأخذ ردود أفعالهم عليها، ثمّ يطور هذه الأفكار كما يعتني المزارع ببذوره. فعندما تأتي الفكرة "البذرة" يكتبها ويفكر فيها ويناقشها مع الآخرين "يسقيها ويعتني بها" حتى يصل في نهاية المطاف إلى توظيفهها والاستفادة منها إذا كانت جيدة "يحصدها".
- يفكر بطرق مختلفة. فعندما تواجهه مشكلة أو موقف لا يفكر بحل واحد فقط أو يقوم بنفس ردة الفعل التقليدية بل يفكر بحلول جديدة وبدائل متجددة. فيختار عشرة حلول أو أكثر للمشكلة، ويدرس كلّ حل ويناقشه حتى يصل إلى أفضل البدائل.
إنّ من أكبر المشاكل التي تواجهها في الحياة هي قتل الإبداع واتباع النمطية والحلول السابقة أو الجاهزة وعدم إتاحة الفرصة للعقل للإبحار في التفكير للوصول إلى حلول مبتكرة وأفكار إبداعية. لذلك فالمبدع يحب التفكير الحر ويحب جلسات العصف الذهني بينه وبين نفسه ومع الآخرين وهدفه دائماً التفكير بطرق جديدة مختلفة والوصول إلى حلول إبداعية مبتكرة.
- المبدع لا يقبل بالروتين أو الممارسات النمطية أو الحلول القديمة التي تعود عليها الناس، بل يحاول دائماً أن يقدم الجديد. إنّه لا يستسلم للأوضاع التي يعرف أنها لا تؤدي إلى تحقيق أهداف عمله، بل يحاول بالطرق المقبولة وغيرها أن يفكر ويجدد ويجرب. وإذا وصل إلى حلول جيجة لا يقف عندها بل يبحث عن حلول وأفكار أفضل... وهكذا.
- المبدع لا يمل من المحاولة فهو يحاول مرات ومرات حتى يتمكن من تحقيق أهدافه، وذلك لأنّ الأفكار الإبداعية لا تأتي بسرعة و ببساطة فلابدّ من المحاولة والغوص في البدائل وتقليب الأمور واستعمال الورقة والقلم أو الحاسوب أو أي طريقة أخرى لتوليد الأفكار حتى يمكن الوصول إلى المطلوب. كما أنّ المبدع لا يخاف من الخطأ ولا يثبطه ما يقوله الناس عندما تكون أفكاره غريبة، بل يعرف تمام المعرفة بأنّ الحلول الإبداعية الأصيلة لابدّ لها من أن تقفز فوق رؤوس المثبطين وتمر من خلال نفق المحاولة والخطأ.
- المبدع دائم التفكير والتأمل والمراجعة لأعماله ومهامه ومسؤولياته، يقوم بذلك في المكتب وخارج المكتب. لا يحدد عمله في ساعات عمله بل تجده يفكر حتى خارج أوقات دوامه الرسمي. والسبب في ذلك هو أن بيئة المكتب لا تقدم في العادة بيئة مناسبة للتفكير والتأمل. ولذلك ليس غريباً أن يكون أكثر الناس نجاحاً في حل مشاكل عملهم هم الذين يتأملونها ويفكرون بها خارج المكتب. وقد ارتبط نجاح كثير من الموظفين والمدراء بهذه السمة الجيدة.
*الرئيس التنفيذي لشركة دار المعرفة للتنمية البشرية
المصدر: كتاب دروس ثمينة في تحقيق التميز والنجاح في الحياة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق