• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مشاهدة التلفاز.. ضرر للطفل أم توسيع لآفاقه؟

مشاهدة التلفاز.. ضرر للطفل أم توسيع لآفاقه؟

جرت مؤخراً دراسة علمية حول هذا الموضوع، للتعرُّف على الفوائد والأضرار في ظاهرة إدمان الأطفال على مشاهدة برامج هذا الجهاز السحري. فهل هذا الانغماس الكلي للأطفال يعوقُ نموَّهم، بسبب حرمانهم من الحركة النشطة اللازمة لهم، في هذه المرحلة من النمو؟ وهل يؤثر عل جهازهم العصبي؟ أم لا؟

وتزداد المشكلة في أن كثيراً من الأُمّهات يعتمدْنَ على التلفزيون – كبديل للمربيات – لإلهاء الأطفال عن متاعب تكون أكثر ضرراً أثناء انشغال الأُمّهات في أعمالهنّ المنزلية.

تقول باحثة إنجليزية:

إننا نشاهد كلّ برامج الأطفال الصباحية، ووقت الظهيرة، وفي المساء، ولكننا لا نقدر أن نتصور ماذا ستفعل الأُم لو لم يكن عندها مثل هذا الجهاز؟

وحتى الأطفال الرُّضع يستمتعون بكل الحركات، والألوان، والأصوات الناجمة عن هذا الجهاز، كما أنّهم يتفاعلون معها لأن لهم القدرة على ملاحظة كلّ ما يقدم إليهم من أحداث وألوان.

 

أ‌)       لكل مرحلة برنامج:

ولكن هل يدرك الأطفال الصغار ما يدور في جهاز التلفزيون من أحداث؟

يقول أحد الباحثين:

حتى الأطفال الصغار يُدرِكون أدقَّ الأحداث، ولكن قد تتفاوَتْ من مرحلة إلى أخرى. فالأطفال من سِن ستة أشهر، وحتى سنة يُحِبّون مشاهدة الأحداث المتكررة في برامج التلفزيون.

وعلى هذا فتُعتبر إعلانات التلفزيون المختلفة مع تكرارها البرنامج المفضل لدى هذه المرحلة من العمر. أما الأطفال في سنّ عامين، فيبدؤون بإدراك الخط العام للقصص الصغيرة.

والأطفال بين العامين والثلاثة أعوام، تكون لديهم البديهة الجيِّدة لتفهم الوضع الإجمالي حولهم. والأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، أي في سِنّ الرابعة من العمر، تكون لديهم القدرة على جمع كثير من الأحداث في آنٍ واحد، دون ترتيب لما يسمعونه أو يشاهدونه. لذلك يمكنك مساعدة طفلك في ربط أحداث التلفزيون، ما بين الماضي والحاضر، والتحرك معه من حدث إلى آخر، ومن مشهدٍ إلى مشهد.

 

ب‌) فك الألغاز:

يجب متابعة الطفل في تفهُّم الأحداث، ومساعدته في التفاعل معها، وبالصورة الصحيحة.

إنّ التحول من شكلٍ ومشهدٍ إلى آخر يجب الوقوف أمامه، وترجمته للطفل أوّلاً بأوّل، حتى تصل المعلومة إلى ذهنه، وإلى خياله، بالصورة الصحيحة دون خلط. فمثلاً، قصص الأطفال، نرى أنّها مُكتَظَّة بالأحداث، كما أنها تنتقل من حدث إلى حدثٍ بسرعة خاطفة. وهذا التفسير، أو ما نطلق عليه كلمة (الترجمة) هو شيء مهم، لأنّ الأطفال يحتاجون إلى تعلم الفن التكتيكي لمشاهدة أحداث التلفزيون، كي يستوعبون مثل هذا التغير. أما مدّة مشاهدة الطفل لجهاز التلفزيون فإنّها تختلف من مرحلة إلى أخرى. فالطفل في سن الرابعة من العمر، قد يشاهد التلفزيون أربع ساعات يومياً، أما الأطفال الصغار فقد يشاهدونه أكثر من ذلك.

 

ت‌) تأثير التلفزيون:

في مؤتمر دولي للطفل، أقيم في إحدى جامعات (لندن)، تحدّث أحد الباحثين الذين حضروا، بأن لديه طفل يبلغ من العمر سنة واحدة حيث قال:

إنّ جهاز التلفزيون مُشكلة كبرى، بمعنى أن له من السلبية والخطورة ما يؤذي الطفل.

والبعض الآخر من الباحثين يركّزون على الأطفال أنفسهم، وعلاقاتهم بالتلفزيون، وعندما نبدأ في وصفِ، أو تسجيل ما يدور في عقل الطفل حول هذا الجهاز، فسوف نجد أن عقله مملوء بأشياء قد لا نتخيلها. فالأطفال الرُّضع يتحوّلون إلى جهاز التلفزيون باعتبار أن فيه قوة خلاقة، خفيّة، مجهولة، تكمن في حركة الأشخاص داخله.

فالطفل من ابن يومين، وحتى سن الست سنوات، يبدأ في رؤية مثل هذا العمل الإعجازي، ويبدأ في التفكير مليّاً ويتساءل: ما الذي على الشاشة؟ ومن أين جاء؟

ويقول أحد الخبراء في (لندن): إنّ الأطفال في سن 12 شهرا يقلِّدون ما يشاهدونه أو يسمعونه على شاشة التلفزيون.

 

ث‌) أيُّهما أكثر ضرراً: أشعة التلفزيون، أم ضوء الفلورسنت؟

سُئل أحد أطباء العيون عن تأثير مشاهدة التلفزيون على إبصار الطفل، فقال:

إنّه من الطبيعي على الأُم أن تقول إنّه من الخطورة الكبرى مشاهدة الطفل للتلفزيون مدة طويلة، وخصوصاً إذا شاهده عن قرب، وذلك خوفاً على مدى إبصاره.

ولكن الجواب الأصوب هو:

إنّ الأطفال الرُّضع والصغار منهم سوف لا يتضرّرون من هذا وذاك، بسبب تركيزهم المحدود.

فكلما اقترب الشخص من الشاشة، كلما تكيّفت العضلات المحيطة بالعين لمراقبة التلفزيون، وكلما بعد الشخص عن الشاشة كلما قلت درجة تكيُّف العين. والأطفال لهم درجة كبيرة من التكيُّف لأشعة التلفزيون، وليست هناك أي مشكلة. ومن ناحية أخرى نجد أنّ الأُمّهات يَكُنَّ قلقات تجاه انبعاث أشعة ضارّة من الجهاز. فيقول أحد الخبراء المتخصصين في طبّ العيون: إنّه بعد كلّ القياسات التي تم إجراؤها، تبيّن أنّ الأشعة الخارجة من التلفزيون تعتبر ضئيلة جدّاً، إذا ما قيست بالأشعة الخارجة من ضوء الفلورسنت، أو الشمس.

 

ج‌)   واجب أولياء الأمور:

ويرى المتخصصون أنّ هناك واجباً على أولياء الأمور تجاه أطفالهم، خاصة الأُمّهات، إذ عليهنّ اتِّباع بعض الإرشادات التي يمكن تلخيصها بما يأتي:

الإرشاد الأوّل: اختاري البرنامج التلفزيوني طِبقاً لعمر طفلك، فالأطفال يحبون الألوان الفاتحة، والحركة، والصوت، كما أنّ الأطفال الصغار يميلون إلى القصص البسيطة، والأشياء التي تتناسب مع ظروف حياتهم المعيشية.

الإرشاد الثاني: اختاري برامج تلفزيونية متنوِّعة، مثل برامج الرسوم المتحركة، أو برامج مُسلِّية أخرى، فكل هذه البرامج وُضعت خِصِّيصاً للأطفال في سن الرابعة.

الثالث: عندما تشاهدين مع طفلك برنامجاً تلفزيونياًن حاولي أن تساعديه في أن يتفاعل حِسّياً مع ما يشاهده على الشاشة، وحاولي أن توضِّحي له علاقة ما يقدِّمه التلفزيون بحياتنا اليومية.

الإرشاد الرابع: لا تشعري بالذنب تجاه استخدامك لجهاز التلفزيون، واعتباره الجهاز الذي يلهي طفلك بعيداً عنك، عندما تؤدِّين أي عمل خاص بك، من حين لآخر، ولكن ضعي طفلك أمام التلفزيون عندما تقرأين مثلاً.

الإرشاد الخامس: لا تشاهدي كل البرامج التلفزيونية الخاصّة بك، بدون برنامج مُسَلّ يناسب طفلك ويناسبك.

الإرشاد السادس: إذا لم تكوني بجوار طفلك أثناء مشاهدته التلفزيون، فحاولي أن تقدمي له البرنامج الذي يساعده، وينمِّي ذاكرته، وقدرته العقلية.

الإرشاد السابع: حاولي أن تساعدي طفلك كي يكون ناقداً لما يراه، واختاري له البرامج التي تناسبه.

 

ح‌)   التلفزيون والعنف:

هل يزيد التلفزيون من عنف طفلك، عندما يشاهد فيلماً فيه القتل، وسفك الدماء؟!

ألا يعتبر هذا الفيلم حقيقة تؤثِّر في حياته بصورة عكسية؟ وتقلب هدوءه إلى ثورة؟ وتزيد من عُنفه؟ حيث يُقلِّد ما يسمعه أو يشاهده؟

يقول أحد الباحثين: إنّ الأطفال عندما يشاهدون فيلماً فيه الإجرام، وسفك الدماء، لا ينقلونه إلى وُجدانهم بصورة أوتوماتيكية، على أنّهم سَفّاحون، أو سفّاكون للدماء.

ويجب أن نسأل أطفالنا: هل يفصلون بين الواقعية والمزاج؟.

ويقول هذا الباحث:

إنّ ابني – وهو ابن اثني عشر شهراً – يعرف جيداً بين المباراة الكرويّة، والحقيقة، فالعنف تجاه الكُرة في الملعب، يختلف عن العنف تجاه الإنسان نفسه.

 

المصدر: كتاب الأمن التربوي للطفل في الإسلام للكاتبة أ. فاطمة محمّد

ارسال التعليق

Top