• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

محمد (ص) حبيب المؤمنين

مركز نون للترجمة والتأليف

محمد (ص) حبيب المؤمنين

◄يقول الله تعالى في محكم كتابه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (آل عمران/ 31-32).

 

تمهيد:

ورد في سبب النزول أنّه ادعى جمع من الحاضرين في مجلس رسول الله (ص) أنّهم يحبّون الله، مع أنّ العمل بتعاليم الله كان أقلّ ظهوراً في أعمالهم. فنزلت هاتان الآيتان بشأنهم.

تقول الآية أنّ الحبّ لا يكون بالارتباط والميل القلبيّ فحسب، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الإنسان. فإنّ دعوى الحبّ لله إذا كانت صادقة ينبغي أن تظهر وتتجلّى في أعمال الشخص الذي يدّعيه، هل يتبع النبيّ (ص) حقّاً أم لا: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي).

فإنّ من آثار الحبّ واقعاً ميل وانجذاب المحبّ نحو المحبوب، في أقواله وأفعاله وأعماله، بحيث يستجيب المحبّ للمحبوب في كلِّ أوامره ونواهيه، وإلّا لو كان المحبّ للمحبوب عاصياً ومتمرّداً، فهذه علامة على أنّ حبّه غير حقيقيّ بل ادعائيّ لا يتجاوز لسانه.

وهذا ليس خاصّاً بمن نزلت فيهم الآيتان، بل يعمّ جميع العصور والشعوب، فإنّ الذين يدّعون محبّة النبي (ص) والأئمة (عليهم السلام) والمجاهدين والشهداء والصالحين والمتّقين، ولكنّ أعمالهم أبعد ما تكون عن مشابهة أولئك، هم كاذبون.

ورد عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "ما أحبّ الله عزّ وجلّ من عصاه".

ثمّ قرأ الأبيات:

تعصي الإله وأنت تظهر حبّه *** هذا لعمرك في الفعال بديع

لو كان حبّك صادقاً لأطعته *** إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع

إذا كنّا حقّاً نحبّ الله بحيث ظهرت آثار ذلك الحبّ في أعمالنا وأخلاقنا، من خلال اتباع من فرض الله طاعته: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي)، فإنّ الله تعالى سيحبّنا أيضاً بالمقابل: (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)، وسوف تظهر آثار حبّه لنا من خلال غفران الذنوب، وشمولنا برحمته التي وسعت كلّ شيء: (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وهذا معنى شفاعة نبيّنا (ص).

فما هو معنى الحبّ؟

 

معنى الحبّ:

فالحبّ: هو الوداد والمحبّة والميل الشديد، ويُقابله البغض والتنفّر. والتحبّب هو إظهار الودّ والحبّ.

فالحبّ: هو الميل القلبي والباطني نحو المحبوب، فلا يكون الشيء محبوباً إلّا إذا مالت النفس إليه. وهذا الميل ذو درجاتٍ ومراتب، فإذا قوي هذا الميل واشتدّ سُمّي عشقاً.

أيّ أنّ الحبّ هو تعلّق خاصّ وانجذاب مخصوص شعوري بين الإنسان وبين كماله.

فمحبّة العبد لله تعالى لما أنّ الذات الإلهيّة هي الكمال المطلق غير المتناهي، والإنسان مفطور على حبِّ الكمال والميل نحو كماله المطلق، ولا يرضى بكمالٍ محدود حتى يطلب كمالاً آخر أشدّ وجوداً وأكثر كمالاً.

وأما محبّة الله عبده فلِما أنّ الذات تحبّ آثارها، وصاحب الكمالات والأسماء الحسنى يحبّ مظاهر كماله وتجلّيات أسمائه، وكلّما كان الأثر أكثر دلالةً على ذي الأثر، والمظاهر على الكامل المطلق، اشتدّ الحبّ، والأثر لا يكون أكثر دلالةً على الذات إلّا بالطاعة والفناء بها، وكذا المظاهر والتجلّيات لا يشتدّ تجلّيها وظهورها إلّا بالقرب من المتجلّي والظاهر. فأحبّ الموجودات إلى الله تعالى هو أقربهم إليه من حيث الكمال والمظهريّة والتجلّي، وهو النبيّ الأكرم (ص).

 

درجات الحبّ:

لمّا كان الحبّ عبارة عن تعلّق وجوديّ بين المحبّ والمحبوب، فهو يسري في جميع الموجودات، وهو من المفاهيم المشكّكة أي له مراتب متفاوتة من حيث الشدّة والضعف والدرجة والمرتبة، لذا مراتب الحبّ عديدة ويمكن ذكر بعضها:

الدرجة الأولى: وهي ادعاء الحبّ على مستوى اللسان. وهذا ليس حبّاً حقيقيّاً، وليس درجة أو مرتبة حقيقيّة.

الدرجة الثانية: وهي الحبّ بمعنى التعلّق القلبي والميل النفسي، وهذا قد يكون منشؤه العصبيّة والشعور بالانتماء، وليس هذا هو الحبّ المطلوب.

الدرجة الثالثة: الحبّ القلبي الحقيقي، بحيث يسري الحبّ من القلب إلى سائر الجوارح، فتظهر آثار هذا الحبّ في عمل الإنسان وأخلاقه وسيرته، وهذا هو الحبّ المطلوب.

وقد يشتدّ هذا الحبّ من خلال المتابعة والالتزام بالتعاليم النبويّة، حتى يصير المحبوب مقدّماً على الأولاد والعشيرة والممتلكات والتجارات وغير ذلك، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (البقرة/ 165)، وقال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (المجادلة/ 22).

 

حب النبيّ (ص) بالعمل بأخلاقه:

لما كان النبيّ محمّد (ص) حبيب الله تعالى، فكلّ من يدّعي المحبّة لله لزمه حبّ النبيّ (ص) واتباعه – كما سبق، ومحبّته إنما تكون بمتابعته وسلوك سبيله، قولاً وعملاً وخُلُقاً وسيرةً وعقيدةً، ولا تصدق دعوى المحبّة إلّا بهذا، فمن لم يكن له من أخلاقه وسيرته (ص) نصيب، لم يكن له من المحبّة نصيب، وإذا تابعه حقّ المتابعة ناسب باطنه وسرّه وقلبه ونفسه باطن النبيّ وسرّه وقلبه ونفسه.

 

من تجلّيات الحبّ لرسول الله (ص):

إنّش لحبّ رسول الله (ص) تجلّيات وعلامات عدّة، منها:

1-    طاعة الله والعمل الصالح الموصل لمحبّة الله:

يقول الله تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (آل عمران/ 32).

أي ما دمتم تدّعون الحبّ لله، إذاً اتبعوا أمر الله ورسوله (ص)، وإن لم تفعلوا فلستم تحبّون الله، والله لا يحبّ هؤلاء (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ).

ويستفاد من الآية أنّ إطاعة الله وإطاعة رسوله لا تنفصلان، وأنّ إطاعة الرسول (ص) هي إطاعة الله، وإطاعة الله هي إطاعة رسول الله (ص).

ولطاعة الله والرسول (ص) آثار عديدة، منها:

أ‌)       دخول الجنّة، قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (النساء/ 13).

ب‌) مرافقة النبيّين (عليهم السلام) والصدّيقين والشهداء، قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ).

ت‌) الفوز، قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور/ 52).

2-    العمل بتعاليم وآداب الإسلام:

فإنّ من علامة المحبّ العمل بما يحبّه محبوبه ويقرّبه منه، روى جابر عن أبي جعفر (ع) قال: قال لي: "يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلّا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون يا جابر إلّا بالتواضع والتخشّع والأمانة، وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلّا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء".

3-    زيارة رسول الله (ص):

لا يخفى على أحد ما للزيارة من ترسيخ علاقة أو ارتباط وتعلّق بمن نزوره، فكيف لو كان رسول الله (ص)، فإنّه الوسيلة إلى الله والشعيرة التي أُمرنا بتعظيمها: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج/ 32).

وقد ورد في فضل وثواب زيارة النبي (ص) روايات عدّة، منها ما عن الإمام الرضا (ع): يا أبا الصلت إنّ الله فضّل نبيّه محمّداً على جميع خلقه من النبيّين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومتابعته متابعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (النساء/ 80)، وعن: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) (الفتح/ 10)، وقال رسول الله (ص): "من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله".

وعن الإمام أبي عبدالله (ع) قال: "قال رسول الله (ص): من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة".

وعن الإمام أبي عبدالله (ع) قال: "بينا الحسين بن عليّ في حجر رسول الله (ص) إذ رفع رأسه فقال: يا أبه لما لمن زارك بعد موتك؟ فقال: يا بنيّ من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة. ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة".

عن الإمام محمّد بن عليّ بن الحسين (عليهم السلام) قال: "قال رسول الله (ص): من زارني أو زار أحداً من ذريّتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها".

4-    دفع الأذى عنه (ص):

يقول (ص): "ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت".

فقد نال (ص) من أمّته – أعمّ من كفّارهم ومؤمنيهم ومنافقيهم – من المصائب والمحن وأنواع الزجر والأذى ما ليس في وسع أحد أن يتحمّله إلّا نفسه الشريفة.

وهو – أرواحنا فداه – ما زال يتمّ توجيه الأذى والإساءة إليه حتى بعد رحيله (ص)، كما في زماننا هذا، سواء من قبل أعدائه أم من قبل بعض ممّن يدّعون اتباعه ومحبّته.

وكذلك ما نال عترته (ص) وأهل بيته بعد ارتحاله من قتل وظلم وجور.

فمن كان يدّعي الاتباع والمحبّة للنبيّ (ص) لا ينبغي أن يظلم ويكفّر غيره من المسلمين باسم النبيّ (ص) الذي قال الله عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء/ 107)، وعلى المسلمين منع إساءة المنكرين لنبوّته (ص)، فكيف يقومون هم بالإساءة؟!

 

من آثار اتباع ومحبّة الرسول (ص):

1-    محبّة الله:

النبيّ الأكرم (ص) هو مظهر المحبّة الإلهية، فيلزم أن يكون للمتابع والمطيع للنبيّ (ص) قسط من محبّة الله تعالى بقدر نصيبه من المتابعة والطاعة، فيلقي الله تعالى محبّته عليه بواسطة محبّة النبيّ (ص)، فيصير محبوباً لله، ومحبّاً له، ولو لم يتابع النبيّ (ص) بل خالفه، ابتعد عن وصف المحبوبيّة وزالت المحبّة عن قلبه، إذ لو لم يحبّه الله تعالى لم يكن محبّاً له، فيقع في الكفر: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ).

عن الإمام الصادق (ع): "من سرّه أن يعلم أنّ الله يحبّه فليعمل بطاعة الله وليتّبعنا، ألم يسمع قول الله عزّ وجلّ لنبيّه (ص): (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)؟، والله لا يطيع الله عبد أبداً إلّا أدخل الله عليه في طاعته اتباعنا، ولا والله لا يتبعنا عبد أبداً إلّا أحبّه الله، ولا والله لا يدع أحد اتباعنا أبداً إلّا أبغضنا، ولا والله لا يبغضنا أحد أبداً إلّا عصى الله، ومن مات عاصياً لله أخزاه الله وأكبّه على وجهه في النار".

وعنه (ع): "فمن أحبّ الله أحبّه الله عزّ وجلّ، ومن أحبّه الله عزّ وجلّ كان من الآمنين".

2-    غفران الذنوب:

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة/ 222).

إذا أحبّ الله عبداً غفر له ذنوبه وشملته رحمته، لأنّ محبّة الله عبده رضاه عنه، وهو سبب لغفران ذنوبه وكمال فوزه بالسعادة العظمى وكمال نور إيمانه ووجوب الجنّة له، فإذاً من آثار محبّته النبيّ (ص) غفران الذنوب.

عن الإمام أبي جعفر (ع) عن أمير المؤمنين (ع) – في خطبة له – قال: "وقال في محكم كتابه: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (النساء/ 80)، فقرن طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلاً على ما فوّض إليه، وشاهداً له على من اتبعه وعصاه. وبيّن ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه، والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) فاتباعه (ص) محبّة الله، ورضاه غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب الجنّة، وفي التولي عنه والإعراض محادّة الله وغضبه وسخطه. والبعد منه سكن النار، وذلك قوله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) (هود/ 17)، يعني الجحود به والعصيان له".

3-    الشفاعة:

قال رسول الله (ص): "أُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، ونصرت بالرعب، وأحلّ لي المغنم، وأعطيت جوامع الكلم، وأعطيت الشفاعة".

عن الإمام عليّ بن موسى الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (ع) قال: قال رسول الله (ص): "أربعة أنالهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي في أمورهم ما اضطرّوا إليه، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه وعندما اضطرّوا".►

 

المصدر: كتاب إلا رحمة للعالمين/ سلسلة الدروس الثقافية 38

ارسال التعليق

Top