• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

توجيه الشباب نحو الاستقامة والصلاح

عمار كاظم

توجيه الشباب نحو الاستقامة والصلاح

يرى أخصائيو التربية، ان من الضروري ترشيد توجهات الشباب بحيث تكون باتجاه الحق والخير والصلاح، وأن يكون مفهوم الاستقلال والتحرر عند الشباب يعني الاعتماد على الذات، وبناء الشخصية، واستثمار المواهب والقدرات والإمكانات في البناء والعطاء والإنتاج بما يعود بالنفع والفائدة على الأفراد وكذلك على المجتمع ومسيرة الأمة نحو التقدم والتطور والتحضر.

لذلك، من المهم للآباء تفهم متطلبات الشباب وفقاً لمتغيرات العصر، وإعطاء المزيد من الاستقلالية والحرية للشباب في شؤونهم الخاصة والعامة، خصوصاً مع ظهور الصلاح والاستقامة في مسيرتهم الحياتية مع الترشيد، والمراقبة الواعية، وتقديم النصح والإرشاد، والبعد عن أساليب الخشونة والمعاملة القاسية معهم.

وكثيراً ما يؤدي عدم تفهم جيل الآباء إلى متغيرات الزمان، ومتطلبات الأولاد، وضرورات الحياة المعاصرة إلى الصراع والنزاع بين الأولاد والآباء، ولذلك نجد في المجتمع تزايد حالة الصدام والقطيعة بين أفراد العائلة الواحدة.. بين الأبناء وآبائهم، والفتيات وأمهاتهن.

وغالباً ما يكون السبب هو الخلاف في الرؤية والنظرة إلى الأمور والأشياء، وقد يكون الخطأ من الأولاد (الشباب) أو الآباء (الشيوخ) أو من كليهما معاً.

ولمعالجة تلك المشكلة يجب أن يتفهم كلُّ جيل متطلبات ورؤى الجيل الآخر، حتى لا يقع التصادم والتقاطع، وحتى يحل الاحترام والتقدير محل النّزاع والصّراع. كما أنّه من الواجب أن يحترم الأولاد آباءهم وأمهاتهم، وأن يستفيدوا من تجاربهم الحياتية.

وعلى الآباء أن ينموا في أولادهم الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات، وأن لا يقفوا حجر عثرة أمام النزوع الطبيعي إلى الاستقلالية والحرية الشخصية في إطار الضوابط الشرعية والأخلاقية، ولكن من المهم أن يتوافق ذلك مع الترشيد والنصح والمراقبة والتوجيه، وقبل كلّ ذلك زرع الإيمان في أعماق قلوبهم، فهو خير ضمان للاستقامة في طريق الخير والحق والصلاح.

يمثل الشباب صورة المستقبل الآتي والواعد لأي أمّة ولأي شعب، فهم يكونون عنصر التجديد والاستمرار في حياتهما، وهم الذين يوشك أن تنتهي إليهم أزمة الأمور وصناعة الغد. من هنا فإن كنا نرغب في الحفاظ على شبابنا وأجيالنا الطالعة في إطار المبادىء والتوجيهات التي يرسمها ويبيّنها ديننا وهذا واجب وليس خياراً  وإن كنا مهتمين بالأخذ بيد أبنائنا إلى ما فيه خيرهم وتقدمهم وسلامتهم، وبالتالي خير مجتمعاتنا من خلالهم، كما تقتضي منا روح الأمانة والمسؤولية الإنسانية والشرعية المناطة بنا تجاههم وتجاه مجتمعاتنا أيضاً، إذا كنا كذلك، فلابدّ أن نعطي هذه الشريحة من أبنائنا العناية الأكثر وأن ندخل في عالمها ونبحث في السبل التي تكفل حمايتها من المزالق والأخطار، وتنأى بها إلى برّ الأمان، لنجعل منها بعد ذلك طاقات تتفجر بالعطاء وتعد بمستقبل زاهر.

لذا فإن أي مجتمع إنساني يريد أن يحافظ على استمراريته، ويتطلع إلى حياة ومستقبل أفضل، لابدّ له أن يجعل من الشباب واليافعين مركز اهتمامه، فيعدّهم الاعداد الصحيح ويرعى مسيرتهم نحو الحياة الحرة الكريمة، بما يحقق إنسانيتهم ويؤهلهم لحمل المسؤولية الكبير المنتظرة تجاه أنفسهم ومجتمعهم وأمّتهم، وأي مجتمع لا يقوم بواجبه تجاههم أو يقصّر في تأمين متطلبات رعايتهم، فإنّه يحكم على نفسه بالضعف والتراجع.

ارسال التعليق

Top