• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

آداب الصلاة المعنوية

سلسلة المعارف الإسلامية

آداب الصلاة المعنوية

◄من سلسلة الآداب هي الآتي:

-        التوجُّه إلى عزّ الربوبية وذلّ العبودية:

من الآداب القلبيّة في العبادات بشكل عام والصلاة بشكل خاص، التوجُّه إلى "عزّ الربوبية وذلّ العبودية" بمعنى أن يكون فقر الإنسان وضعفه وعجزه ماثلاً دائماً بين عينيه وهو في محراب الطاعة والعبادة لله عزّوجلّ. وفي المقابل، نظره على الدوام شاخص نحو غنى الحق تعالى وعظمته.

فمن الآداب الأساسيّة والمهمّة جداً في الصلاة، أن يستحضر المصلِّي دائماً وهو واقفٌ بين يدي الله ذلّه وعبوديته وفقره وضعفه، وغنى الحقّ وكماله وعزّته (يا أيُّها النّاسُ أنتُمُ الفُقَراءُ إلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) (فاطر/ 15)، لأنّ العبودية المطلقة لله سبحانه وتعالى هي من أعلى مراتب الكمال وأرفع مقامات الإنسانية (سُبحَانَ الّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ) (الإسراء/ 1)، بل لن يصل أحد إلى هذا المقام الإنساني الشامخ إلّا مَن وصم ناصيته بهذه السمة، كما قال الإمام الصادق (ع): "العبودية جوهرة، كنهها الربوبية، فما فقد في العبودية وجد في الربوبية، وما خفي من الربوبية أصيب في العبودية".

 

-        الخشوع:

وهو من الآداب المعنويّة المهمّة للصلاة وهو حالةٌ تحصل في قلب المصلّي. ومعنى الخشوع هو الخضوع التام الممزوج بالحبّ والخوف. ومنشأ هذا الخضوع هو إدراك عظمة الحق تعالى وجلاله. فالخشوع يحصل من إدراك عظمة الجلال والجمال وسطوتهما وهيبتهما. والمصلّي يجب أن يكون في صدد تحصيل حالة الخشوع في صلاته، لأنّ الله تعالى جعل الخشوع في الصلاة من حدود الإيمان وعلائمه (قَدْ أَفلَحَ المُؤمِنُونَ * الّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِم خاشِعُونَ) (المؤمنون/ 1 – 2). وعن الإمام الصادق (ع) قال: "إذا دخلت في صلاتك فعليك بالتخشُّع والإقبال في صلاتك، فإنّ الله تعالى يقول: (الّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِم خاشِعُونَ)".

وتحصيل حالة الخشوع يكون بتفهيم القلب وتلقينه عظمة الحق وجلاله وبهائه وجماله جلّت عظمته.

 

-        الطمأنينة:

وهي من الآداب المعنوية للصلاة أيضاً. والمقصود منها أن يأتي المصلّي بالعبادة مع سكون القلب واطمئنان الخاطر، لأنّ القلب إذا لم يطمئنّ ويسكن فلن يكون للأذكار والعبادات فيه أي تأثير، لأنّ العبادة إذا أُتِي بها والقلب مضطربٌ ومتزلزل، فلن يتأثّر القلب بها ولن يتفاعل معها. في حين أنّ الهدف الأساسي من تكرار العبادات والأذكار هو أن يتأثّر القلب بها، حتى يتشكّل باطن المصلّي مع حقيقة الذِّكر والعبادة ويتّحد قلبه بروح العبادة.

 

-        التفهيم:

وهو من الآداب القلبية المهمّة للصلاة أيضاً، ومعناه أن يُفهِّم المصلّي قلبه ويُعلِّمه معاني ما يقوله، فيفهمه معاني الآيات والأذكار التي يتلوها في صلاته، بحسب طاقته وقدرته. فقد قال أمير المؤمنين (ع) في معرض حديثه عن آداب تلاوة القرآن: "ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة".

والحدّ الأدنى من التفهيم أن يفهم المصلّي القلب المعنى الإجماليّ، وهو أنّ القرآن كلام الله والأذكار مذكراتٌ بالحقّ تعالى، وأنّ العبادات إطاعةٌ لأمر الربّ.

 

-        حضور القلب في الصلاة:

المقصود من حضور القلب في الصلاة أن لا يكون القلب غافلاً وساهياً أثناء العبادة. فعن رسول الله (ص) قال: "اعبد الله كأنّك تراه، وإنْ لم تكن تراه فإنّه يراك". فالإنسان المصلّي عندما يقف بين يدي الله تعالى للصلاة يجب أن تكون جميع مسامع قلبه مسدودة إلّا عن الحق تعالى، فلا يقبل ولا يتوجّه في فكره وعقله وقلبه إلّا إليه عزّوجلّ. عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "إذا أحرمت في الصلاة فأقبل إليها، لأنّك إن أقبلت أقبل الله إليك، وإن أعرضت أعرض الله عنك، فربّما لا يرفع من الصلاة إلّا ثلثها أو ربعها أو سدسها بقدر ما أقبل إليها، وإنّ الله لا يعطي الغافل شيئاً".

 

-        النشاط والبهجة:

الإتيان بالعبادة عن نشاطٍ وبهجة له تأثيرٌ واضحٌ وأكيدٌ على روح الإنسان. وقد أشار الباري عزّوجلّ إلى هذا الأدب في الكتاب الإلهي الكريم في قوله: (وَلا يَأتُونَ الصّّلاةَ إِلَّا وَهُم كُسَالى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُم كارِهُونَ) (التوبة/ 54).

وأشير في الروايات أيضاً إلى هذا الأدب، فعن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "لا تُكرهوا إلى أنفسكم العبادة".

وعنه (ع) قال: "قال رسول الله (ص): يا علي، إنّ هذا الدين متينٌ فأوغل فيه برفقٍ، ولا تبغِّض إلى نفسك عبادة ربّك".

وفي الحديث عن الإمام العسكري (ع): "إذا نشطت القلوب فأودعوها، وإذا نفرت فودِّعوها".►

 

المصدر: كتاب دروس في التربية الأخلاقية

ارسال التعليق

Top