• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

البحث عن كنوز أثرية نهبت خلال الثورة الليبية

البحث عن كنوز أثرية نهبت خلال الثورة الليبية

ظهرت قطع من مجموعة ضخمة لا تقدر بثمن من العملات المعدنية القديمة والمجوهرات والتماثيل النادرة التي نهبت من قبو أحد البنوك في شرق ليبيا في غمرة الفوضى التي صاحبت الإنتفاضة ضد حكم الزعيم الليبي معمر القذافي في السوق المحلية والتي يجري نقلها الى الخارج.
وسرق لصوص نحو ثمانية الاف قطعة بعد ان احدثوا ثقبا في قبو البنك الخرساني ببنغازي في الأيام الأولى لاعمال شغب شهدتها الثورة بعد أن امتدت النيران من مقر مجاور للشرطة السرية.
ويقول مقيمون في الحي المطل على البحر ان لصوصا هاجموا البنك في فبراير شباط حين انتفضت بنغازي ضد حكم القذافي مما أدى إلى اندلاع ثورة انتشرت إلى ارجاء البلاد.
واقتحمت حشود مباني رسمية لتحرير سجناء سياسيين وقال بعض المقيمين ان هروباً جماعياً من سجن قريب ربّما سمح لمجرمين عتاة الاجرام بالانقضاض على البنك.
يتناثر الرماد والزجاج المهشم في البهو العثماني للمبنى وهو المركز الرئيسي للمصرف التجاري الليبي. لاتزال أقبيته تحت الارض مفتوحة يلفها الظلام ويوجد في بعضها سجلات مرتبة بعناية للتعاملات مع بيوت التمويل الغربية.
وقال يوسف بن نصر المدير بمراقبة الآثار في المدينة التي بنيت على موقع يحمل اسم بنغازي العتيقة أو (يوسبريدس) حين أسسها الاغريق القدماء في القرن السادس قبل الميلاد ان هذه كارثة.
ووجد مراسل لرويترز عملات برونزية مخزنة في حجرة خلفية بمتجر للمجوهرات في سوق بنغازي. وقال البائع ان هذا "سر". وحين سئل عن قيمة العملات قال التاجر ان عمرها الفيتان.
وحين عرضت رويترز على بن نصر صورا للعملات المعروضة للبيع في السوق قال انها على الارجح جزء من المجموعة.
وقال نصر من مكتبه الذي حوله إلى مخزن للاثار على مسافة قريبة من البنك المنهوب ان هذه كنوز قومية لا تقدر بثمن وحقبة من تاريخ ليبيا قد فقدت.
وشملت المسروقات عملات ذهبية وفضية نادرة عليها كتابة بخطوط إسلامية وآيات قرآنية.
وحكمت الأراضي التي أصبحت ليبيا امبراطوريات متوسطية متعاقبة على مدى قرون وبها بعض أجمل الآثار اليونانية والرومانية والتي لم تفسدها الحياة الحديثة إلى حد كبير ولم يرتدها السائحون.
ويقول خبراء ان معظم الآثار الليبية لم تتضرر خلال الانتفاضة التي استمرت تسعة اشهر بفضل توليفة من حسن الحظ والعمل الدؤوب لاشخاص مثل بن نصر الذي قضى معظم وقته منذ فبراير شباط في تأمين تاريخ ليبيا في صناديق كتلك التي تملا مكتبه الان معظمها على نفقته الشخصية.
غير أن المجموعة التي كانت في مصرف بنغازي لم يحالفها نفس الحظ.
وقال بول بينيت وهو عالم اثار بريطاني متخصص في الآثار الليبية "هذه أكبر سرقة نمت إلى علمي... المؤشرات هي أن بعض المكتشفات وجدت طريقها إلى السوق".
ويقول بن نصر ان على الرغم من حملة للشرطة تشارك فيها الشرطة الدولية (انتربول) فان جزءا من مسروقات المصرف التجاري الليبي بدأت تغادر البلاد بالفعل.
وظهرت تماثيل من القبو في مصر وربما يكون بعض من 500 عملة ذهبية شوهدت هناك مؤخرا جزءا من الكنز المفقود.
وقال بينيت "ليس في وسعنا القيام بالكثير باستثناء أن نطلب من المؤسسات على مستوى العالم مساعدتنا في إستعادة الآثار الليبية إذا ظهرت حتى يمكن اعادتها" مشيرا الى أن ليبيين يعيشون في مصر جمعوا أموالا لشراء تمثال إله الحب كيوبيد الذي عثر عليه في سوق بالاسكندرية.
وانتقلت المجموعة التي سرقت من بنغازي من يد إلى أخرى بالفعل عدة مرات في القرن العشرين واستولى على معظمها مسؤولون من إيطاليا الفاشية ابان الحرب العالمية الثانية.
أخذ الدكتاتور بنيتو موسوليني القطع الاثرية كغنيمة باعتبارها جزءا من "امبراطوريته الرومانية الجديدة" وعرضت في معرض استعماري في ايطاليا عام 1940 قبل أن تتم إعادتها لليبيا المستقلة في الستينات.
على عمق أسفل البنك لايزال قبو كبير مغلقا ويوجد ازميل محشور بين الحديد والطوب مما يشهد على محاولات فاشلة لفتحه.
في الطابق الذي يعلو القبو تظهر الفتحة التي تتسع لدخول إنسان كيف نجح اللصوص في نهاية المطاف في اختراق السقف الخرساني المقوى وهو ما يحتاج اما إلى معدات ثقب كهربائية أو أياما من العمل اليدوي الشاق.
وقال بن نصر ان ليبيا واجهت مشاكل كبيرة مع السرقة في الماضي من قبل وفي عهد القذافي انتهى بالمسروقات المطاف في سويسرا بشكل غامض وأضاف أن لحسن الحظ حصلت ليبيا على مساعدة مؤسسات هناك اشترتها لها.
والمتاحف في حالة يرثى لها بعد سنوات من الإهمال كما أن المواقع الاثرية على مستوى البلاد غير مؤمنة إلى حد كبير لهذا استعان بن نصر بالشرطة وفتيان من كشافة ليبيا للبحث عن الآثار المفقودة ومن بينها مومياوات عثر عليها مؤخراً بعد سرقتها من مقابر في الجنوب.
وقال بن نصر انهم مازالوا يفتشون المواقع على مستوى البلاد ويقومون بجرد ما فقد ويخبرون تلاميذ المدارس وفتيان الكشافة عن الكنز الضائع ووصف العمل في مجال الآثار بليبيا الآن بأنه أصبح كعمل المخبرين.

ارسال التعليق

Top