التعامل مع الأطفال، كما هو مع الناس، فن من أهم الفنون نظراً لاختلاف طباعهم، فليس من السهل أبداً أن نحوز على احترام وتقدير الآخرين، وفي المقابل من السهل جدّاً أن نخسر كلّ ذلك، وكما يقال الهدم دائماً أسهل من البناء، فإن استطعنا توفير بناء جيد من حسن التعامل فإنّ هذا سيسعدنا في المقام الأوّل لأننا سنشعر بحبّ الناس، وحرصهم على الاجتماع بنا، وبمتعة التعامل معنا. نستطيع الآن الخروج ببعض القواعد التي تؤدي كسب حب الطفل:
أ) كما ترغب أن تكون متحدثاً جيداً، فعليك بالمقابل أن تجيد فن الإصغاء للطفل، فمقاطعتك له تضيع أفكاره وتفقده السيطرة، وبالتالي تجعله يفقد احترامه لك، لأنّ إصغاءك له يحسسه بأهميته عندك.
ب) حاول أن تنتقي كلماتك، فكلّ مصطلحٍ تجد له الكثير من المرادفات فاختر أجملها، كما عليك أن تختار موضوعاً محبباً للحديث، وأن تبتعد عما ينفر، من المواضيع، فحديثك دليل شخصيتك.
ج) حاول أن تبدو مبتسماً وبشوشاً دائماً، فهذا يجعلك مقبولاً، حتى ممن لم يعرفوك جيداً، فالابتسامة تعرف طريقها إلى القلب.
د) حاول أن تركز على الأشياء الجميلة في التعامل، وتبرزها فلكلّ منا عيوب ومزايا، وإن أردت معالجة العيوب، فلا تجابه بها ولكن حاول أن تعرضها، بطريقة لبقة وغير مباشرة.
ه) حاول أن تكون متعاوناً، في حدود مقدرتك، وعليك أن تبتعد عن إعطاء الأوامر فهو سلوك منفر.
و) حاول أن تقلل من المزاح والإكثار من اللعب، وعليك اختيار الوقت المناسب لذلك.
ز) حاول أن تكون واضحاً في التربية والتعليم.
ح) ابتعد عن التكلف بالكلام والتصرفات، وابق على طبيعتك مع الحرص على عدم فقدان الاتزان، وفكر بما تقوله قبل أن تنطق به.
ط) لا تحاول الادعاء بما ليس لديك، فقد توضع في موقف لا تحسد عليه.
ي) اختر الأوقات المناسبة لمنهاجك، وبسّط دون تكثيف وتعقيد.
ك) لا تكن لجوجاً، ولا تحاول الإحراج في الطلبات، وحاول أن تبدي له أنك تعذره في حال عدم تنفيذها وأنها لن تؤثر على العلاقة بينكما. كما يجب عليك أن تحرص على تواصلك معه.
ل) حافظ على مواعيدك واحترمها.. فاحترامك لها، سيجعل الآخرين يبادلونك الاحترام ذاته.
م) ابتعد عن الثرثرة، دون دلالة معرفية، فهو سلوك بغيض ينفر منك.
ن) ابتعد أيضاً عن المكروه في الألفاظ والبذاءة.
س) عليك بأجمل الأخلاق والأحاديث، فإنها ترفع من قدرك وتجعلك تبدو أكثر ثقة بنفسك.
صفات المربي:
هذه نقاط موجزة تستنبط لشخصية المربي، وإن كان الأبوين والأهل فذاك أفضل، ولابدّ من التحلي بها في كلّ الظروف والأوضاع مع التعامل الواقعي المتقن، وهي:
أ) الإخلاص والنية الصادقة:
سبب للقبول في الأرض وعامل أساس لقبول العمل وفق التصور الرباني وسبب للبركة والزيادة (رب شيء كبير يصغره النية، ورب شيء صغير يعظمه النية) كما انّ كلّ شيء ما لم يبدأ ببسم الله فهو أبتر، أيضاً كلّ عمل ما لم يبن على الإخلاص فهو مردود لذا لابدّ أن يجعل المربي الإخلاص منطلقه الأوّل.
ب) القدوة والتمثل المنهجي:
لابدّ من ترجمة المفاهيم والمعاني والأسس التربوية والقناعات الربانية إلى عمل فاعل، وواقع ملموس، وصور للتعامل، والاحتكاك مع الآخرين، وذلك لتجسيد المبدئية في الذات والنفس وليكون المربي قدوة صالحة للآخرين.
ج) الجرأة المتوازنة والشجاعة والإقدام:
وذلك بالمفهوم الشمولي، من شجاعة في التحدث والمناقشة وإعطاء الرأي، إلى الشجاعة في التربية الحقة، مع وجود العوائق والضغوطات.
ه) الصبر والتحمل والتأني في الخطوات:
وهو أجمل ما يتحلى به المربي والأبوان، وأقوى وسيلة للاستمرارية والدوام، لأنّ:
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزّمر/ 10).
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ) (الشورى/ 43).
و) الروحانية الواعية:
المربي والأبوان والمعلم الحق، ينظرون إلى كافة مجالات التربية والتعليم بنظر العبودية المطلقة مثل كافة العبادات، وإلى العمل على هداية الطفل والأجيال وتربيتهم والقيام بواجبات التنشئة، لذا فهو يربي ويعلّم، كما يصلي ويصوم ويحج ويزكي، وهذا هو السبب الرئيس لعدم الإصابة بالفتور والتساقط.
ز) النفسية الزكية:
لأنّ المربي مثل كلّ الناس، ولأنّه يربي الآخرين ويقوم بتزكيتهم وتربيتهم لذا من الأولى أن يصلح نفسه ثمّ يدعو غيره وبذلك تأتي تربيته وفق مقاييس إيمانية ربانية لا حسب شطحات نفسيته أو تصورات أنانيته.
ح) الحكمة والتصرف المعتدل:
وبالحكمة يحصل الخير الكثير والنجاح الدائم وهي صفة مباركة للجهد المقدس:
(وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (البقرة/ 269).
ط) التواضع وخفض الجناح:
لأنّه سبب رئيسي لتكريم المربي وقبوله في قلوب الناس والأطفال، وذلك لأنّه يعمل ويدعو لله لا لنفسه، ومن يعمل لربه لا يتكبر على عباده:
"من تواضع لله رفعه الله".
ك) الحلم والهدوء والتوازن النفسي:
لأنّه إنسان مبدئي ومؤمن رباني، لا يربي ولا يعلم حسب ما تشتهي نفسيته أو أهواؤه ولكن حسب قواعد ربانية وأخلاقيات بناءة، لذا يتحلى بالتوازن في المواقف.
ل) العلم والمعرفة:
يتحرك وفق مقاييس صائبة ويحصل على درجات عالية، وأوّل العلم معرفة الله ومعرفة رسالته مع الاستعانة بالعلوم الطيبة: (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة/ 11).
الكاتبة: أ. فاطمة محمّدالمصدر: كتاب الأمن التربوي للطفل في الإسلام
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق