أسرة البلاغ
◄ماذا نعرف عن السكتة الدماغية؟ ما هي عوامل الخطر التي تزيد من إمكانية حدوثها؟ هل صحيح أنها لا تصيب إلا المتقدمين في السن؟ وهل يمكن تفاديها؟
تحدث السكتة الدماغية عندما تموت فجأة بعض الخلايا في منطقة من الدماغ، نتيجة عدم وصول كمية كافية من الدم والأوكسجين إليها، إما بسبب انسداد الشريان الذي يغذيها، أو بسبب تمزقه وحدوث نزيف فيه. وعلى أثر ذلك تتوقف المنطقة الدماغية المصابة عن أداء وظائفها، ما يمكن أن يؤدي إلى فقدان القدرة على تحريك طرف أو طرفين على جانب واحد من الجسم، صعوبة في الفهم أو النطق، فقدان القدرة على الرؤية في جانب واحد من حقل النظر.
ومثلما هي الحال بالنسبة إلى الكثير من الأمراض الشائعة والخطيرة، فإن نمط حياتنا المتوتر والمليء بالضغوط النفسية، يلعب دوراً بارزاً في زيادة خطر تعرّضنا للسكتة الدماغية. لكن ارتفاع ضغط الدم يظل واحداً من أبرز العوامل المسبّبة للسكتة الدماغية.
وتشير الدراسات الإحصائية، إلى أن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ينخفض إلى النصف، لدى الأشخاص الذين يتمتعون بضغط دم صحي (أي أقل من 12/8) مُقارنةً بأولئك الذي يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم. ويقول الدكتور لويس مورجنستين، مدير برنامج تفادي السكتات الدماغية في "جامعة ميتشيغان" الأميركية، إنّ ارتفاع ضغط الدم يُلحق الأضرار بالأوعية الدموية في أنحاء الجسم كافّة، ما يزيد من إمكانية تشَكّل الجلطات التي تسدّها، وتمنع وصول الدم إلى الدماغ عبرها.
من جهة ثانية، تَبيّن أنّ النساء اللواتي تَخطّيْن سن الخامسة والخمسين، يكنّ أكثر عرضة من الرجال للإصابة بارتفاع ضغط الدم. ويعتقد الخبراء، أنّ سبب ذلك قد يعود إلى فقدان التأثيرات الوقائية التي كان يوفرها لهنّ هُرمون "الأستروجين" كذلك تبيّن في دراسات حديثة أجريت في "جامعة أوكسفورد" البريطانية، أن خطر إصابة النساء تحت سن الـ55، بالسكتة الدماغية اليوم، ارتفع بنسبة 50% على ما كان عليه منذ 20 سنة. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل تبيّن أيضاً أنّ السكتة الدماغية، تُعتبر ثالث أكثر الأمراض الخطيرة تسبّباً في الموت بعد السرطان ومرض القلب. ويقول الدكتور بيتر كولمان، مدير المركز البريطاني لأبحاث السكتة الدماغية، إنّ حياة النساء اليوم أصبحت مليئة بالمشاغل والتوترات، ما يدفعهنّ إلى اتخاذ القرارات والخيارات غير الصحية، مثل تناول الوجبات الجاهزة السريعة، التي غالباً ما تكون غنية بالدهون المشبّعة والملح.
أما أبرز ما يُقدّمه الأخصائيون من نصائح لتفادي الإصابة بالسكتة الدماغية فهي:
1- ممارسة الرياضة بانتظام:
تبيّن في دراسة أجريت في فنلندا، شملت أكثر من 47 ألف رجل وامرأة، أن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ينخفض بشكل ملحوظ، لدى الأشخاص الذين يمارسون الأنشطة البدنية المعتدلة والقوية. فالرياضة تُسهم في خفض مستويات التوتر، وتُحسّن الحالة الصحية العامة للقلب والأوعية الدموية، وتساعد على خفض ضغط الدم عن طريق تقوية القلب. وكلما كان القلب قوياً، تراجع الجهد الذي يبذله لضخ الدم في أنحاء الجسم كافة، ما يؤدي إلى انخفاض تلقائي في ضغط الدم. كذلك، فإنّ النشاط البدني المنتظم يساعد على التخفيف من خطر الإصابة بالسكري، ويساعد على رفع مستويات الكوليسترول المفيد، وعلى التحكم في المستويات العامة للكوليسترول. والمعروف أنّ السكري وارتفاع مستويات الكوليسترول، عاملان يُزيدان من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. لذا، ينصح الخبراء بممارسة 30 دقيقة من الأنشطة البدنية في اليوم، مثل: المشي السريع، الهرولة، السباحة أو قيادة الدراجة في معظم أيام الأسبوع، إن لم يكن ذلك يومياً.
2- اعتماد نظام غذائي صحي:
تُسهم الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون المشبعة ودهون ترانس والكوليسترول، في رفع مستويات الكوليسترول. ويقول مورجنستين، إنّ التصاق الكوليسترول على الجدران الداخلية للشرايين، يزيد من خطر تشكل الجلطات الدموية، التي يمكن أن تسد الشرايين التي تحمل الدم إلى الدماغ. أما القواعد الغذائية الرئيسية التي يجب تطبيقها هنا فهي:
- الحرص على أن تشكل المنتجات النباتية، من خضار وفواكه وحبوب كاملة، غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية، القسم الأكبر من وجباتنا.
- التخفيف من الدهون المشبعة التي ترفع مستويات الكوليسترول. وهي موجودة بشكل خاص في اللحوم، الحليب كامل الدسم ومشتقاته، المنتجات الغذائية المصنّعة، مثل البسكويت ورقائق البطاطا.
- تناول الكثير من الحمضيات والخضار الورقيّة الخضراء والخضار الأخرى، مثل البروكولي والقرنبيط والملفوف.
- تناول 25 غراماً من بروتينات الصويا في اليوم، فهي خفيفة الدهون، ويمكن أن تساعد على خفض مستويات الكوليسترول، ومن أبرز مصادرها حليب الصويا.
- تناول المزيد من أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، التي تساعد على التخفيف من إمكانية تَشكّل الجلطات في الدم، وتُخفّف من الالتهابات في الجسم. وأبرز مصادرها الأسماك الدهنية، مثل السالمون والتونة والترويت، وصفار بيض الدجاج، الذي يعيش في البراري ويَقْتات على حبوب غنية بهذه الأحماض، وزيت الجوز.
وفي المقابل، يتوجب علينا تفادي الأطعمة المقلية، القشدة، الزبدة، الجبن كامل الدسم، البسكويت، رقائق البطاطا، المعجنات، الحلويات. الحليب الكامل، ومشتقاته كاملة الدسم، اللحوم الحمراء. ومن الضروري تناول 5 حصص أو أكثر من الفواكه والخضار في اليوم.
3- التخفيف من الملح:
يُعتبر الملح واحداً من أبرز العوامل التي تزيد من ارتفاع ضغط الدم. وتقول الأخصائية البريطانية في التغذية جينا هيمنغز، إنّ بعض الأطعمة التي نعتقد أنها صحية، مثل الصلصات خفيفة الدهون، الخضار المعلبة، أو رقائق الحبوب، تكون مليئة بالملح المُخفى. والطريقة الوحيدة للتأكد من ذلك، التدقيق في لائحة المحتويات على المنتجات الغذائية قبل شرائها. وعلينا أن نعرف أن 0.5 من الصوديوم في كل 100 غرام من المنتج، يُعتبر نسبة عالية، وأن 0.1 من الصوديوم في الكمية نفسها، يُعتبر نسبة منخفضة. ومن الضروري أيضاً الانتباه إلى كمية النكهات الصناعية والمواد الحافظة المضافة إلى المنتج، فهي تحتوي على الصوديوم (مثل مونوصوديوم غلوتامات) وتُسهم في رفع نسبة الملح في المنتج.
4- التحكم في الوزن:
تَبيّن في الدراسات الإحصائية، أنّ اكتساب نحو 10 كيلوغرامات من الوزن الزائد بعد سن الثامنة عشرة، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. ويؤكد الأطباء، أن زيادة الوزن تُسهم في تفاقم تأثير عوامل الخطر المسببة للسكتة الدماغية، مثل ارتفاع ضغط الدم، مرض القلب والأوعية الدموية والسكري. ويضيف هؤلاء، أنّ التخلص من الوزن الزائد وحتى بمعدّل 5 كيلوغرامات، يمكن أن يخفض ارتفاع ضغط الدم، ويخفف من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
5- مكافحة التوتر:
يلعب التوتر دوراً بارزاً في زيادة ارتفاع ضغط الدم. وكانت دراسة حديثة أجريت في "جامعة كامبريدج" البريطانية، شملت أكثر من 20 ألف شخص، أظهرت أن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ينخفض بنسبة 24%، لدى الأشخاص الذين يتعاملون مع مشاكل الحياة اليومية بهدوء وبأعصاب باردة. ويعتقد العلماء، أن سبب ذلك يعود إلى أنّ التعامل الهادئ يُخفّف من الضغط على القلب.
صحيح أنّه ليس في إمكاننا أن نمنع حدوث المشاكل والأمور السلبية في حياتنا، لكن يمكننا أن نُغيّر طريقتنا في التعامل معها ومواجهتها. وهنا، ينصح الخبراء بممارسة تقنيات الاسترخاء وعلى رأسها اليوغا، التنفس العميق والتأمل.
6- الإقلاع عن التدخين:
أظهرت الأبحاث، أن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، يتراجع بشكل ملحوظ بعد مرور سنتين على التوقف عن التدخين، وبعد مرور 5 سنوات على هذا التوقّف، يصبح مستوى الخطر المذكور في مستواه نفسه لدى غير المدخنين. وكانت دراسة أميركية حديثة، أفادت بأنّ النساء اللواتي يدخنَّ علبة سجائر في اليوم، يزدن بشكل تصاعُدي من خطر إصابتهنّ بارتفاع ضغط الدم. إضافةً إلى ذلك، فإنّ أوّل أوكسيد الكربون يُلحق الأضرار بالقلب والأوعية الدموية، ما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. وتجدر الإشارة، إلى أنّ التدخين أنفسهم فحسب، بل ولدى الآخرين الذين يعيشون معهم ويستنشقون دخان السجائر.
7- الامتناع عن تناول الكحول:
تُسهم الكحول في ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. كذلك أشارت دراسة أجريت في "جامعة سينسيناتي" الأميركية، إلى أن احتساء أكثر من كأسين من الكحول في اليوم، يزيد من خطر حدوث نزيف في المنطقة الدماغية المسمّاة "تحت العنكبوتية"، وهو نوع مُميت من السكتات الدماغية، يُسببه تمزق في وعاء دموي على سطح الدماغ، وغالباً ما تُصيب هذه الحالة النساء قبل سن اليأس.
8- الضحك والتفاؤل:
ينصح البروفيسور دافيد ويبرز، أستاذ العلوم العصبية في "مايو كلينك" بالضحك، ويقول إنّ الأبحاث أظهرت أنّ الضحك يزيد من انسياب الدم إلى الدماغ، ويُسهم في إطلاق "الأندورفينات"، وهي الناقلات العصبية التي تساعدنا على الإحساس بالراحة، كما يخفف من مستويات هرمونات التوتر. ويساعد الضحك على التخلص من التوترات والتشنجات، ويُعزز من قدرتنا على التفكير بشكل إيجابي. ومن شأن ذلك أن يُسهم في خفض مستويات ضغط الدم، ويزيد من انتاج خلايا الدم البيضاء، التي تُقوّي المناعة لدينا.
من جهة ثانية، تَبيّن أنّ الحالة الصحية العامة للمتفائلين وأصحاب التوجه الإيجابي في الحياة، تكون أفضل بكثير من حالة المتشائمين والسلبيين. فالأفكار والمشاعر السلبية، مثل الغضب والشعور بالذنب والإحباط والتذمّر، تُعتبر سموماً فعلية، وتؤثر سلباً في كيمياء الجسم، وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المختلفة.
9- اقتناء حيوان أليف:
تبيّن أن اقتناء حيوان أليف يساعد على خفض ارتفاع ضغط الدم، ويخفف من سرعة إيقاع ضربات القلب، ويخفض مستويات القلق والتوتر. وتجدر الإشارة، إلى أن "مايو كلينك" تسمح لأقرباء المريض الذين يأتون لزيارته، باصطحاب الحيوان الأليف الخاص بالمريض معهم. وقد أظهرت الأبحاث، أنّ الأشخاص الذين يقتنون حيوانات أليفة، غالباً ما يشْفون بسرعة أكبر، ويتعافون بشكل أفضل من الأشخاص الذين لا يقتنون مثل هذه الحيوانات.
10- التأمُّل:
التأمّل سهل، طبيعي، وربما كان أفضل طريقة للتخلص من التوتر، الذي يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وهو وسيلة بسيطة لإقصاء النفس عن المحيط المليء بالضغوط، وللتمتع بالراحة النفسية والسكينة. والتأمل لا يتطلب أي معدات أو تكاليف، ويمكن للجميع إيجاد الوقت الكافي له، فمجرد 10 دقائق في اليوم، كافية لمنحنا الفوائد المرجوة.►
ارسال التعليق